كيف تُقنِع الموظفين بتقبّل التغيير بسهولةٍ؟
يساعد فهم أسباب مقاومة التغيير على تحويل التردّد إلى قبولٍ، لبناء بيئة عملٍ تدعم التكيّف مع التطوّرات بفعاليّةٍ
لا مفرّ من التّغيير في عالم الأعمال، ولكن لنكن صريحين، نادراً ما يستقبله النّاس بحفاوةٍ، فسواء جاء على هيئة إعادة هيكلةٍ، أو إدخال تقنيةٍ جديدةٍ، أو تغييرٍ جذريٍّ في الاستراتيجيّة، غالباً ما يبدو التّغيير وكأنّه تحدٍّ شاقٍّ، ويعود السّبب إلى طبيعتنا البشريّة، فالبشر يميلون إلى مقاومة التّغيير بشكلٍ فطريٍّ، إذ تحتاج أدمغتنا إلى الشّعور باليقين، والتّغيير يزعزع هذا الإحساس بالأمان.
كيف تغيّر هذا التّصوّر، وتجعل الموظّفين لا يكتفون بتقبّل التّغيير، بل يتحوّلون إلى داعمين له؟ يكمن الحلّ في فهم علم النّفس -ما الّذي يحفّز السّلوك البشريّ- واستخدامه لصالحك بذكاءٍ.
1. وضّح السّبب (ثمّ كرّره باستمرارٍ)
شدّد خبير القيادة سيمون سينك على أهمّيّة البدء بالسّبب قائلاً: "ابدأ بالسّبب." لن يدعم الموظّفون التّغيير إلّا إذا أدركوا لماذا هو ضروريٌّ. أي، لماذا يعدّ هذا التّغيير مهمّاً للشّركة، للفريق، والأهمّ لهم شخصيّاً؟
لكن لا تكتفِ بذكر السّبب مرّةً واحدةً، إذ يُظهر علم الأعصاب أنّ الأفكار تحتاج إلى التّكرار لترسّخ في الأذهان. لذلك، ركّز على مشاركة "السّبب" بشكلٍ مستمرٍّ، وادمجه في كلّ شيءٍ، المحادثات، رسائل البريد الإلكترونيّ، اجتماعات الفريق، وحتّى اللّقاءات غير الرّسميّة، فعندما تجعل السّبب جزءاً من القصّة اليوميّة، تقلّ المخاوف ويُبنى جسر الثّقة.
2. واجه الخوف واعترف به
يتجاهل البعض مشاعر المقاومة ويصفها بالسّلبيّة، وهذا خطأٌ شائعٌ. يثير التّغيير مخاوف طبيعيّةً، مثل الخوف من الفشل، فقدان الدّور، أو حتّى تراجع المكانة، وإذا تجاهلت هذه المشاعر، سيشعر الموظّفون بأنّ أصواتهم غير مسموعةٍ، ممّا يعمّق مقاومتهم.
بدلاً من التّهرّب، اعترف بما يشعرون به، فقل مثلاً: "أُدرك أنّ هذا يبدو وكأنّه خطوةٌ في منطقةٍ غير مألوفةٍ، وقد يكون ذلك مزعجاً". عندما تُظهر تفهّماً لمخاوفهم، تجعلهم يشعرون بأنّهم مفهومون، وتمنحهم مساحةً لتجاوز القلق والمضيّ قدماً.
3. شجّعهم على رؤية أنفسهم في التّغيير
اسعَ لمنح الموظّفين شعوراً بالسّيطرة، حتّى عندما لا يملكونها فعليّاً، ويمكن تحقيق ذلك بفعاليّةٍ من خلال إشراكهم في العمليّة، فاطرح أسئلةً مفتوحةً مثل: "ما التّحدّيات الّتي تظنّون أنّنا قد نواجهها في هذا التّغيير؟" أو "كيف يمكننا جعل هذا الانتقال أسهل على الفريق؟"
تُفعّل هذه الطّريقة، المستندة إلى علم النّفس السّلوكيّ، ما يعرف بتأثير التّملّك، فعندما يشارك الموظّفون بأفكارهم، ويساهمون في الحلول، يشعرون بالملكيّة تجاه التّغيير، ممّا يجعلهم أكثر استعداداً لدعمه وتبنّيه.
4. ارسم ملامح النّجاح بوضوحٍ
غالباً ما يُعيق الغموض التّقدّم، وعندما لا يرى الموظّفون صورةً واضحةً للنّجاح، تملأ عقولهم الفراغ بالسّيناريوهات الأسوأ. لذا، عليك أن توضّح لهم المستقبل المشرق الّذي ينتظرهم بعد التّغيير. فبدلاً من قول: "سيحسّن النّظام الجديد لإدارة علاقات العملاء (CRM) العمليّات"، قل: "تخيّل أنّك تدخل إلى نظامٍ يحتوي على كلّ بيانات عملائك بسهولةٍ، ممّا يوفّر لك ساعتين إضافيّتين كلّ أسبوعٍ". فعندما تُبرز الفوائد بشكلٍ ملموسٍ وشخصيٍّ، تُحوّل أفكارهم من الشّكّ إلى التّفاؤل.
5. احتفل بالإنجازات الصّغيرة
تُظهر دراسات السّلوك أنّ المكافآت الصّغيرة تُحفّز إفراز الدّوبامين، وهي المادّة المسؤولة عن الشّعور بالسّعادة في الدّماغ. لذا، عليك أن تحتفل بالتّقدّم التّدريجيّ لتحقيق النّجاح. فإذا وصل فريقٌ إلى هدفٍ مرحليٍّ، احتفل بذلك، وإذا نجح موظّفٌ في التّكيّف مع نظامٍ جديدٍ قبل الموعد المحدّد، امدحه علناً. إذ تُعزّز هذه الاحتفالات الصّغيرة السّلوك الّذي تريد رؤيته، وتُضيف زخماً إيجابيّاً يدفع الجميع إلى الأمام.
التّغيير رحلةٌ مليئةٌ بالعواطف، فعندما تُدرك التّحدّيات النّفسيّة الّتي يواجهها موظّفوك وتحترمها، ستتمكّن من بناء بيئةٍ يشعرون فيها بالدّعم، والتّقدير، والانتماء.
شاهد أيضاً: 3 خطوات لدفع التغيير الثقافي والتنويع في الشركات