تعدد المهام والكفاءة: لماذا يجب أن تفضل توظيف النساء؟
لو خيّروك بين توظيف شخصٍ يستطيع تأدية عدّة مهامٍ بآنٍ واحدٍ وبذات الكفاءة، وبين شخصٍ لا يمتلك تلك المهارة، من ستختار؟
للأسفِ لا أمتلكُ شركةً على الأقلِّ حتّى اليومِ؛ لذا لنْ أستطيعَ تحقيقَ النَّجاحِ انطلاقاً من استراتيجيةِ توظيفِ النّساءِ التي ووفقاً لدراساتٍ عديدةٍ تساعدُ شركتَكَ على تنميةِ الأرباحِ وتحقيقِ نجاحاتٍ هائلةٍ، ربَّما لنْ تُحقِّقَها الشِّركاتُ الأخرى التي توظِّفُ الرِّجالَ على حسابِ النِّساءِ، فلماذا عليكَ توظيفُ المزيدِ من النِّساءِ، تعالَ لأخبركَ.
لقد تغيّرَ العالمُ اليومَ، لم يعدْ عملُ النِّساء عبارةً عن "برستيج" أو واجهةً تتفاخرُ فيها بوجودِ سيدةٍ جميلةٍ أمامَ عملائِكَ، الأمر يبدو أبعدَ من تلكَ النَّظرةِ السَّطحيةِ بكثيرٍ؛ فالمرأةُ التي تحملّتْ مسؤوليةَ الأسرةِ منفردةً لأجيالٍ عديدةٍ، ثُمَّ دخلَتْ ميادينَ العملِ لتحملَ أعباءَ المنزلِ والعملِ بآنٍ واحدٍ، ستكونُ الأكثرَ قدرةً على إنجازِ كلِّ ما يُطلَبُ منها، مقارنةً بالرّجلِ خصوصاً نموذجُ "سي السيد"، الذي يأتِي من عملِهِ منهاراً، ينامُ بانتظارِ أنْ تُقدَّمَ له وجبةُ الغَداءِ، من زوجةٍ أنهتْ عملَها خارجَ المنزلِ ثم عادَتْ لتطبُخَ وتتابِعَ أمورَ أطفالِها.
النساء أكثر إنتاجيةً
وفقاً لدراسةٍ أصدرتْها منصَّةُ الإنتاجيّةِ Hive عامَ 2018، بالاعتمادِ على 3 آلافِ شخصٍ منَ الذّكور والإناثِ؛ فإنَّ النساءَ يعملنَّ بجدٍ بنسبَةِ 10 بالمِئةِ أكثرُ منَ الرّجالِ، ربما يبدو الأمرُ محبطاً قليلاً للرِّجالِ؛ لكنَّنا نعتمدُ على سَعةِ صدرِهم مثلما يُقالُ لنَا في وصفِهم.
كذلك يُظهِرُ مسحٌ أجراهُ موقعُ Survey Bee، أنَّ النَّساءَ يحقِّقنَ نتائجَ أكثرَ مقارنةً بالرجالِ، على الرَّغمِ من تكليفِهنّ بمهماتٍ أكثرَ من المهماتِ التي يُكلّفُ بها الرِّجالُ عادةً؛ فالنساءُ أقلُ عرضةً للإلهاءِ، ويُجِدْنَ تعدّدَ المهماتِ ويعمَلْنَ بمرونةٍ، ويستَطِعْنَ بسهولةٍ الحصولَ على التّوازنِ المطلوبِ بين العملِ والعائلَةِ.
حسناً صديقاتي النّساء، تعالينَ نودّعْ تهمةَ "العاطفيّةِ في العملِ"، مرةً واحدةً وإلى الأبدِ، حانَ الوقتُ للحصولِ على بيئةِ عملٍ تقدّرُ مجهودَنَا، وأقصدُ تحديداً النّساءَ المجتهداتِ، وليسَ من نمطِ "ريبانزل"، التي لا تنفكُّ تصرخُ "Help me".
شاهد أيضاً: 5 أسباب تجعل من النساء قائدات متميّزات
النساء أكثر قابليةً للتطوير الذاتي
صنفّتْ جامعةُ هارفارد النّساءَ بأنهنَّ أكثرُ مرونةً ومتفوقاتٍ بالمبادرةِ، كذلكَ هُنَّ الأقدرُ على ممارسةٍ التطويرِ الذاتيّ، وأكثرُ نزاهةً وصدقاً مقارنةً بالرجالِ الذين صنّفتْهُم الجامعةُ بأنّهم أفضلُ فقط من ناحيةِ قدرتِهم على تطويرِ منظورٍ استراتيجيٍّ وخبرةٍ فنيةٍ.
كذلكَ فإنّ النساءَ أكثرُ نجاحاً في مهاراتِ التفاوضِ، وتدريبِ المهنيينَ تحتَ قيادتِهم مقارنةً بالرجالِ، وهذا ما يُجيبُ عن سؤالِ: لماذا تتفوَّقُ الشّركاتُ التي تملكُ عددَ موظفاتٍ أكثرَ من الموظفينِ؟ فالمرأةُ تستطيعُ استخدامَ مهاراتِها المختلفةِ لتحقيقِ أهدافِ العملِ.
المرأة أقلُّ جشعاً
منَ المذهلِ حقاً كيفَ ترضَى النّساءُ بكلمةِ شُكرٍ وثناءٍ على عملٍ مُبدعٍ قامتْ بهِ، وتُمضي يومَها وهي تشعرُ بالثّقةِ نتيجةَ ذلكَ الشّكرِ، بينما سيُظهِرُ الرّجلُ امتعاضاً على الأقلّ بينَهُ وبين نفسِهِ، ويسألُ: "وين بتنصرف"؟ هذا تعبيرٌ عن طريقةِ تفكيرِ كلٍّ من الجنسينِ حيالَ المكافآتِ؛ ففي حين تقبَلُ غالبيةُ النساءِ بالشّكرِ ويشعرْنَ بالامتنانِ تجاهَهُ، فإنَّ معظَمَ الرجالِ لا يرونَهُ شيئاً عظيماً.
ما جاءَ فِي موقعِ weforum يؤكّدُ تلكَ الفكرةَ إلى حدٍّ مَا؛ إذ يقولُ الموقعُ: إنَّ النّساءَ معَ أنهنَّ الأكثرُ إنتاجيةً في مكانِ العملِ، لكنهنَّ يجنِينَ 81.8 في المئةِ مِن مُجمَلِ ما يكسبُهُ الرّجلُ في ذاتِ العملِ الذي يؤدّيه الجنسانِ.
النساء أكثر جديّةً في العمل
بخلافِ الاعتقادِ السّائدِ بأنَ الرَّجالَ حازمونَ وأكثرُ جديةً في مكانِ العملِ، مقارنةً بالنساءِ اللواتِي يُوصفنَ بأنهنَّ عاطفياتٍ ولا يتمكّنَّ من اتخاذِ قرارٍ عقلانيّ بعيداً عن الانفعالاتِ الدَّاخليةِ، تأتِي دراسةٌ نشرتْها مجلةُ علمِ الأحياءِ، وتُظهِرُ أنَّ النّساءَ يعملْنَ بجدّيّةٍ وجهدٍ أكثرَ بكثيرٍ مقارنةً بالرجالِ.
لا تتوقّفُ الأبحاثُ والدّراساتُ التي تُشيدُ بتفوّقِ النِّساءِ، إذ يُظهرُ بحثٌ أجرتْهُ جامعتا كولومبيا وجُورجيا، أنَّ الفتياتِ أكثرُ موهبةً بمهاراتٍ مثل الانتباهِ والتّركيزِ والمثابرةِ والرّغبةِ بالتعلُّمِ، وهُنّ يتفوقْنَ على الأولادِ منذ سنواتِ الدّراسةِ الأولى.
ربما يعودُ السَّببُ إلى الفترةِ الزّمنيةِ الطّويلةِ التي تحمَّلَتْ فيها النّساءُ أعباءَ عدمِ مساواتِها بالرّجلِ، فوصلتْ إلى مرحلةٍ تريدُ هذه الشّريحةُ إثباتَ نفسَها بأيَّةِ طريقةٍ، بالجهدِ أو التعلّمِ أو حتّى المنافسةِ، ومُثلما يُقالُ: "حلالٌ عليهنّ" أو مثلما تقولُ صديقتي: "بري عليك"، أسوةً بالعبارةِ المتداولَةِ فِي مسلسلِ بابِ الحارةِ الشَّهيرِ، على الرَّغمِ من أنَّها عبارةٌ ذكوريَّةٌ بالمُطلق، لكنْ لمَ لا نستخدمُها، لم نعدْ نعيشُ في حارةِ الضبعِ اليومَ.
شاهد أيضاً: نور الحسن.. رائدةُ أعمالٍ راهنت على نجاح النساء
النساء أكثر قدرةً على تحقيق الأرباح
تقولُ دراسةٌ نشرتْها مجلةُ هارفارد بيزنس ريفيو: إنَّ الشركاتِ التي تمتَلِكُ نسبةً أعلى من النِّساءِ في المناصبِ القياديَّةِ، تحقّقُ أرباحاً أكثرَ، وتكونُ هذه الشركة مسؤولةً اجتماعيّاً وتوفِّرُ تجارِبَ أكثرَ أماناً وأعلى جودةً لعملائِها، مقارنةً بالشَّركاتِ التي تملكُ مديرين رجالًا أكثرَ من النِّساءِ.
الدراسةُ شملتْ مراجعةَ 163 شركةً متعددةَ الجنسياتِ على مدى 13 عاماً، واكتشفتْ أنَّ الشَّركاتِ التي تملكُ نساءً أكثَرَ فِي المناصبِ القياديّةِ، باتتْ أكثرَ انفتاحاً على التَّغييرِ، وحولتِ التَّركيزَ من عملياتِ الاندماجِ والاستحواذِ إلى البحثِ والتطويرِ.
الأمرُ السَّابقُ يعكسُ استراتيجيةَ النِّساءِ الدَّاخليةَ التي لا تبحثُ عن السَّيطرةِ بقدرِ ما تبحثُ عن التَّطويرِ الذي يجعلُ الشّركةَ أكثرَ قدرةً على المنافسةِ.
تشيرُ الأبحاثُ المتعددةُ أنَّ الشَّركاتِ التي تقودُها النساءُ غالباً ما تحقِّقُ نتائجَ أفضلَ من تلكَ التي يقودُها الذُّكورُ، كونهنَّ أكثرَ قدرةً على تعزيزِ بيئةِ عملٍ إيجابيّةٍ وشاملةٍ، وهنَّ أكثرُ ميلاً من الرِّجال إلى تشجيعِ التّعاونِ وتقديمِ ملاحظاتٍ بنَّاءَةً.
الميزةُ الأخرى التي تتمتّعُ بها المَرأةُ، هي أنّها قادرةٌ على القيامِ بمهماتٍ متعددةٍ بوقتٍ واحدٍ، وهو ما يشكلّ إغراءً كبيراً بالنّسبةِ لأصحابِ الأعمالِ، الذينَ يدركونَ أنَّ عالمَ الأعمالِ سريعُ الخُطَا ويحتاجُ سرعةً كبيرةً.
مزايا أُخرى لتوظيف النّساء في المنطقة العربية
على الرَّغم من أنَّ تلكَ الأبحاثَ والدّراساتِ بمجملِها تمّتْ في الغربِ، إلَّا أنَّها بطريقةٍ أو بأخرى تعكسُ شيئاً من الواقعِ في العالمِ العربي، الذي يوصَفُ عموماً بأنَّهُ شحيحٌ بالدّراساتِ حولَ النّساءِ وعملهُنَّ.
- إذنْ لماذا عليكَ توظيفُ المزيدِ من النّساءِ في شركتِكَ بالعالمِ العربيّ؟
النساءُ أكثرُ التزاماً، كونهنّ ملتزماتٍ بالفطرةِ التربويّةِ، والقيودِ المجتمعيّةِ التي تُفرضُ عليهنّّ، بخلافِ الرّجلِ الأكثرِ ميلاً للحريّةِ والتّنصّلِ من الالتزاماتِ العديدةِ في بعضِ الأحيانِ.
كذلكَ فإنّ المرأةَ وإرضاءً لرغبَتِها الجارفةِ في تحقيقِ المساواةِ والعدالةِ الجندريّةِ، فإنّها تقدّم ليسَ فقط كلَّ ما يُطلَبُ منها بل وحتّى ما لا يُطلَبُ مِنها، إنَّها تُقدِّمُ الكثيرَ دونَ انتظارِ مقابلٍ ماديٍّ غالباً، بخلافِ الرُّجلِ الذي لن يرضَى العملَ بأكثرَ مما ينصُّ عليه عقدُهُ.
من مصلحةِ أصحابِ الأعمالِ، أنَّ النَّساء لا يحسنّ التفاوضَ حول الرّاتبِ، والكثيرُ منهنّ يخجلنّ من الأمرِ، بخلافِ الرجالِ، الذين وبينما هم ناجحونُ بالتّسويقِ لأنفُسِهمْ والتّحدّثِ بغرورٍ عن إنجازاتِهم، فإنَّ النّساءَ يمِلْنَ للجدّ والمثابرةِ بعيداً عن الضَّجيجِ والشُّهرةِ.
كمثالٍ على ذلكَ، إنْ أعدَّ رجلٌ ما قهوتَهُ الصَّباحيَّةَ دون مساعدةِ زوجَتِهِ، سيبقى يتحدّث بالأمرِ عاماً كاملاً ربَّما، بالمقابلِ هو قد قامَ بعملٍ اعتياديٍّ يوميٍّ لغالبيةِ النِّساءِ في الشَّرقِ، ليسَ هذا فحسبُ، بل غالبيتُنَا نحنُ النساءَ نعدُّ القهوةَ بينما نُنهي تنظيفَ الأوانِي المنزليّةِ، والبيضُ على النَّار بانتظارِ الاستواءِ لفطورِ العائلةِ، قبلَ المغادرةِ إلى العمَلِ والمدرسةِ للجميعِ بما فِيهم الزَّوجةُ الأمُّ.
عزيزتِي المرأةُ، إنَّ هذا المقالَ موجّهٌ إليكِ بالدَّرجة ذاتِها الّتي يتوجّهُ بها إلى الرّجلِ، عليكِ أن تَعي أنكِ الأفضلُ، ولتنفخِي قليلاً في غرورِكِ، بطريقةٍ تجعلُكِ لا تتقبَّلينَ الكلامَ الذي ينتَقِصُ من جهدِكِ، حاورِي وناقشِي واستخدمِي الأرقامَ التي تعزّزُ فكرةَ نجاحِكِ بعملِكِ.
تخلَّيْ تماماً عن الانفعالِ العاطفيّ، واجعليهم يُدركوا كمْ أنتِ قادرةٌ على التّفوقِ عليهم جميعاً، فإنَّ الذكاءَ العاطفيّ الذي تمتلكينَهُ مفيدٌ ومهمٌّ، لكنَّ التوازنَ أكثرُ أهميةً.
أنَّكِ امرأةٌ أمرٌ لم يعدْ "تُهمةً" مثلما يخيَّلُ للبعضِ، وسواءً ارتديتِ الحذاءَ ذا الكعبِ العالي، أم الحذاءَ الرّياضيّ، فأنتِ ستتجاوزينَ الرُّجلَ وتتفوقيّنَ عليه مَتى اكتسبتِ الثّقةَ الكافيةَ بالنَّفسِ.