ما هو صافي الانبعاث الصفري؟
مصطلح بات مفهومه يسيطر على البيئة وطبيعة العيش فيه في ظلّ تهديدات تلوح بكوارث لا يستهان بنتائجها.
جميعنا سمعَ بمصطلحِ "صافي الانبعاث الصفري (net zero)"، لكن ما الذي يعنيه بالضّبطِ؟ ببساطةٍ يشير مصطلحُ صافي الانبعاث الصفري إلى التّوازنِ بين مقدارِ غازاتِ الدّفيئة المنتَجةِ ومقدارِ ما تتم إزالته من هذه الغازاتِ من الغلافِ الجويّ، ويتحقّق ذلك بالجمعِ بين طريقتين هما الحدُّ من الانبعاثِ وإزالةُ الانبعاثِ.
ماذا يعني أن نحقق صافي الانبعاث الصفري؟
تخيّل هذه الفكرةَ كأنّها حوضُ استحمامٍ، افتح الصّنبورَ وأضفِ مزيداً من الماءِ، ثم انزعْ سدادةَ فتحةِ التّصريفِ، فتتدفّق المياهُ عبر الفتحةِ إلى خارجِ الحوضِ. إذ يعتمد مقدارُ الماءِ الموجودِ في الحوضِ على الكميّةِ الواردةِ من الصّنبورِ والكميّةِ الخارجةِ عبر فتحةِ التّصريفِ، ولكي تحافظَ على مقدارِ الماءِ في الحوضِ بالمستوى نفسه عليكَ أن تتأكدَّ من التّوازنِ بين الكميّةِ الواردةِ والكميّةِ الصّادرةِ.
للوصولِ إلى صافي الانبعاث الصفري نطبّقُ المبدأَ ذاته، وهذا يتطلّبُ الموازنةَ بين مقدارِ غازاتِ الدّفيئةِ المنبعثةِ ومقدارِ الغازاتِ التي نُزيلها، إذ عندما لا نضيف من هذه الغازاتِ أكثر مما نُزيلُ نكونُ قد وصلنا لصافي الانبعاث الصفري.
أهمية صافي الانبعاث الصفري
تتصدّرُ معالجةُ قضيّةِ تغيُّرِ المناخِ جداولَ الأعمالِ عند الجميعِ، من الدّولِ والشّركاتِ إلى الأفرادِ. وستكون الإجراءاتُ المتَخَّذة للحدّ من الانبعاثات في العقدِ القادمِ خطوةً في غايةِ الأهميّةِ بالنّسبةِ للمُستقبلِ، لهذا يجبُ على كلِّ دولةٍ، وقطّاعٍ، وصناعةٍ، وكل فردٍ منّا أن يتعاونَ لإيجادِ طرقٍ تساعدُ على خفضِ إنتاجِ الكربونِ.
هل لـ صافي الانبعاث الصفري و الحياد الكربوني المعنى نفسه؟
كلا. فرغم استخدامِ "صافي الانبعاث الصفري" و "الحياد الكربوني" بشكلٍ متبادلٍ، وينتج عن كليهما إزالة CO2 من البيئة، إلّا أنّ المصطلحين مختلفان.
شاهد أيضاً: 5 خطوات ضرورية لكل ريادي يسعى لتحقيق الاستدامة في الإمارات
لا بدَّ أنّك سمعتَ مصطلحَ الحياد الكربوني في معرضِ الحديثِ عن الأعمالِ، وفي هذه الحالةِ يدلّ استخدامُها غالباً على طموحِ هذه الأعمالِ للحدِّ من أيّةِ زيادةٍ في انبعاثاتِ الكربونِ المستقبليّةِ، وذلك أثناءِ استخدامِ موازِناتٍ لتحديدِ الانبعاثات الموجودة.
ومن جهةٍ أُخرى ينصبُّ جلّ تركيزِ مصطلحِ "صافي الانبعاث الصفري" على خفضِ انبعاثِ الكربونِ قدرِ الإمكانِ أولاً، ثمّ موازنةِ الكميّاتِ المتبقيّةِ من CO2 -والتي تعذّر تجنب انبعاثها- كحلٍّ أخيرٍ.
لقد طَورت منظماتٌ مثل "مبادرة الهدفُ المستندِ إلى أساسٍ علميٍّ" سبلاً تتبعها الشّركاتُ لتوثّقَ أهدافَها في خفضِ غازاتِ الدّفيئةِ للوصولِ إلى صافي الانبعاث الصفري، ولتضمنَ توافقَ هذه الأهدافِ مع ما يعتبره العلمُ ضروريّاً ليقتصر ارتفاعُ درجةِ حرارةِ الأرضِ على 1.5 درجة مئوية في المدى القريبِ.
ما هو تغير المناخ؟
تشيرُ الدّلائلُ إلى تزايدِ حرارة كوكبنا، فالسّنواتُ العشرون التي سجلّت أعلى درجةِ حرارةٍ كانت ضمنَ السّنواتِ الـ 22 الماضيةَ وفقاً لمنظّمةِ الأرصادِ الجويّةِ العالميةِ، كما كانت أحرُّ 4 سنين من السنّوات الأحدثِ هي من سنة 2015م حتّى 2020م. أمّا متوسط درجات حرارة الكوكب الآن هو أعلى بـ 1.2 درجة مئوية (2.16 درجة فهرنهايت) مما كانَ عليه قبلَ أن يبدأَ عهدُ الصّناعاتِ.
قد لا تبدو درجةُ حرارةٍ واحدةٌ شيئاً كبيراً، لكن في الواقع هذا الارتفاعُ المتزايدُ يُظهر بالفعلِ تأثيراً سلبياً. علاوةً على ذلك، إن استمرّت التّوجهاتِ الحاليةِ، فسيبدأ الوضعُ بالتفاقمِ مع توقّعاتٍ بازديادٍ في درجاتِ حرارةِ الكوكبِ تصل إلى 2.7 درجةً مئويةً (4.86 درجة فهرنهايت) بحلولِ عام 2100م.
حتّى مع هذا الارتفاعِ الضّئيلِ في درجاتِ حرارةِ الكوكبِ، نحنُ نشعرُ بتأثيراتِ تغير المناخ من خلال أنماطِ طقسٍ شاذّةٍ تتضمّنُ موجاتِ حرٍّ، وفيضاناتٍ، وعواصفَ عاتيةً، وفقدان للجليدِ القطبيّ، وارتفاع في منسوبِ المياهِ؛ هذا الوضعُ سيسوءُ فقط إن ازدادت حدّةُ الاحتباسِ الحراريّ.
ما هي أسباب تغير المناخ؟
من المتعارفِ عليه بين العلماءِ والحكوماتِ أن ما يُحفّزُ تغير المناخ هو ارتفاعُ مستوياتِ غازاتِ الدّفيئةِ في الغلافِ الجويِّ. ولقد نشأ اسمُ هذه الغازاتِ من تأثيرِ الدّفيئةِ الذي تُحْدِثُه بزيادةِ حرارةِ سطحِ الأرضِ والجوِّ الذي يعلوه، ويعود السّببُ في ذلك إلى الغازاتِ التي تحتجزُ بعضاً من طاقةِ الشّمسِ.
أمّا غازاتُ الدّفيئة الأكثر شيوعاً فهي بخارُ الماءِ، وثاني أكسيد الكربون CO2، والميتان، ولكن CO2 هو أكثرُ غازاتِ الدّفيئةِ وفرةً وخطراً، ولهذا ينبغي أن يساعدَ خفضُ انبعاثاتِ الكربونِ والبصمات الكربونيّةِ أو السّعي لإيجادِ بدائل منخفضة الكربون على معالجة تغيّر المناخِ. ويمكن أن يتحقّق هذا بطريقتين:
- تخفيضُ الانبعاثاتِ التي نطلقها إلى الغلافِ الجويِّ من نشاطاتٍ، مثل: العملياتِ الصّناعيّةِ، وتوليدِ الطّاقةِ، والنّقلِ، والزّراعةِ المكثّفةِ (التي تتطلّبُ آلياتٍ).
- إزالةُ انبعاثات غازات الدّفيئة من الغلافِ الجويِّ، على سبيلِ المثالِ، باحتجازِ الكربونِ الذي ينشأ أثناءَ العمليّاتِ الصّناعيةِ، أو بزرعِ مزيدٍ من الأشجارِ.