الرئيسية المال ما وراء المال: رؤية ميديا نوكنتيني للأسواق النّاشئة

ما وراء المال: رؤية ميديا نوكنتيني للأسواق النّاشئة

المؤسّسون الذين يتبنّون نهجاً مبتكراً وكفؤاً في استغلال الموارد لمواجهة التحدّيات المجتمعيّة العالميّة سيواصلون جذب استثماراتٍ كبيرة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

تعلمنا ميديا نوكنتيني، الشّريك الأوّل في "جلوبال فنتشرز" (GLOBAL VENTURES)، وهي شركة رأس مالٍ مغامر إماراتيّةٌ تركّز أساساً على استثمارات السّلسلة أ والسّلسلة ب، أنّه بينما حافظت مؤسّستها على تركيزٍ قويٍّ في مجال التّكنولوجيا الماليّة من خلال الصّندوقين الأوّلين، باتت الآن تتجه بشكلٍ متزايدٍ نحو "القطاعات المهيّأةٍ للتحوّلات التكنولوجيّة".  

وفي الواقع، تشير نوكنتيني إلى أنها تتوقّع زيادةً في الاستثمارات الموجّهة نحو كفاءة استغلال الموارد في قطاعاتٍ مثل سلسلة التّوريد، والتّكنولوجيا الزّراعيّة، والطّاقة.

وتوضّح قائلةً: "نحن شركةٌ ترتكز استراتيجياتها على فرضيّاتٍ مدروسةٍ؛ أي أنّنا نجري بحوثاً معمّقةً في كلّ قطاعٍ للتّعرّف على تعقيداته قبل استثمارنا في الشّركات على امتداد سلسلة القيمة، وغالباً ما نركّز على القطاعات المهيّأةٍ لتحقيق تحوّلاتٍ جذريةٍ. على سبيل المثال، عند تفعيل صندوقنا الأوّل، كان تركيزه على التّكنولوجيا الماليّة بارزاً، إذ كان 85% من سكان المنطقة بلا خدماتٍ مصرفيّةٍ؛ وقد أدّى تبنّي التكنولوجيا والحلول المبتكرة منذ ذلك الحين إلى تقليص هذه النّسبة وإعادة تعريف القطاع. وبالمثل، في عام 2020 أطلقنا صندوقنا الثّاني الذي كان يركّز بقوةٍ على مجال الصّحّة التّكنولوجيّة، إذ توقّعنا تسارعاً رقميّاً ملحوظاً لتحويل هذا القطاع. ونحن حاليّاً بصدد تطبيق صندوقنا الثّالث، الذي يتماشى استراتيجيّاً مع المجموعة القادمة من القطاعات المهيّأةٍ للتحوّلات التّكنولوجيّة".  

ظلّ قطاع التّكنولوجيا الماليّة محور اهتمام جلوبال فنتشرز في عام 2024؛ فقد أشارت نوكنتيني إلى أنّه شكّل 20% من الصفقات الإقليميّة خلال ذلك العام، وتتوقّع أن يستمرّ في جذب اهتمام المستثمرين مع تطوّره. وعلى النّقيض من ذلك، تشير إلى أنّ قطاع التّكنولوجيا الزّراعيّة سيحظى بتخصيص المزيد من رؤوس الأموال، ويرجع ذلك أساساً إلى استمرار مخاوف الأمن الغذائيّ والاعتماد الشّديد على واردات الغذاء، إذ تستورد دولٌ مثل المملكة العربية السّعوديّة أكثر من 80% من احتياجاتها الغذائيّة".  

وتضيف نوكنتيني بأنَّ هناك قطاعاتٍ أخرى تزخر بإمكاناتٍ واعدةٍ لم تستغلَّ بعد، من بينها تقنيّات سلسلة التَّوريد وتقنيّات المناخ، حيث تقول:  

"إنّ صناعة سلسلة التّوريد في المنطقة لا تزال في مراحلها الأولى ومهيّأةً تماماً للابتكار. على سبيل المثال، يعدّ سوق قطع الغيار للطّاقة العالميّ سوقاً بقيمة 91 مليار دولارٍ، وهو سوقٌ لم يستغلّ إلى حدٍّ كبيرٍ من قبل لاعبي التّصنيع الإضافيّ الحاليّ، وتشكل منطقة الشّرق الأوسط 35% منه".  

وهكذا، تقدّم صناعة التّصنيع الإضافيّ فرصاً تحوّليةً، وتشير نوكنتيني إلى شركة "إيمنسا" (Immensa) الإماراتيّة، إحدى شركات محفظة جلوبال فنتشرز، كمثالٍ على شركةٍ تستغلّ الإمكانات الكامنة في هذا المجال. تأسّست "إيمنسا" في عام 2016 على يد فهمي الشّوّا، وهي اليوم تعدّ أكبر شركةٍ تصنيعٍ رقميٍّ في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن بين إنجازاتها البارزة شراكتها مع الهيئة الدّوليّة المعتمدة والمصنّفة ومقرّها النّرويجيّ "ديت نورسكي فيريتاس" (Det Norske Veritas)، ومع شركة بترول أبوظبي الوطنيّة (أدنوك) المملوكة للدّولة، لإصدار أولى الإرشادات العالميّة لطباعة أجزاء ثلاثيّة الأبعاد لقطاع الطّاقة. وتشير نوكنتيني إلى أنّ نموّ "إيمنسا" والمعالم التّنظيميّة مثل هذه تظهر الإمكانات المثيرة التي تمتلكها الشّركات النّاشئة والمؤسّسات الصّغيرة والمتوسّطة في إعادة تعريف القطاعات بشكلٍ حقيقيٍّ.  

وبحسب نوكنتيني، ستظلّ التّقنيّات المتقدّمة تقود مسار تطوّر المنطقة، مشيرةً إلى أنّ تقنيتي البلوك تشين والذّكاء الاصطناعيّ تعدّان من بين الأكثر أهميّةً؛ حيث تفصح قائلةً: "يستخدم الآن حوالي 40% من محفظتنا الاستثماريّة الذّكاء الاصطناعيّ". وتضيف: "إنّ العديد من الصّناعات التّقليديّة، لا سيّما تلك الّتي تفتقر إلى بنيةٍ تحتيّةٍ تقليديّةٍ مثل سلسلة التّوريد والرّعاية الصّحّيّة، بدأت تعتمد على البلوك تشين بدلاً من نماذج الويب 2، ممّا يتيح تحقيق كفاءةٍ وشفافيّةٍ أكبر".  

كما تبرز نوكنتيني التّأثير التّحويليّ للذّكاء الاصطناعيّ على قطاعاتٍ مثل التّعليم والموارد البشريّة؛ إذ تقول: "على سبيل المثال، يحدث الذّكاء الاصطناعيّ تحوّلاً في عمليّة تقديم الطّلبات للمرشّحين، وللشّركات، ولأفراد التّوظيف". وتسلّط الضوء أيضاً على أنّ التّحليلات التّنبؤيّة المدعومة بالذّكاء الاصطناعيّ تساعد المستثمرين على اتّخاذ قراراتٍ أكثر استنارةً وتسريع عمليّات العناية الواجبة؛ إذ تقول: "إنّ استخدام الذّكاء الاصطناعيّ سيحسّن كفاءة استراتيجيّات الاستثمار عبر تقليل الفترات الزمنيّة اللّازمة لتحليل البيانات وإجراء العناية الواجبة".  

وتضيف: "يمكن للشّركات الاستثماريّة، سواءً كانت في مجال رأس المال المغامر أو الاستثمارات الخاصّة أو المؤسّسات التّقليديّة، تحسين أدائها من خلال تقييم عيّناتٍ أكبر واتّخاذ القرارات النّهائيّة بشكلٍ أسرع. ومع ذلك، ينبغي أن تستمرّ خوارزميات الآلات في توسيع مجموعات بياناتها لتعزيز دقّة التّوقّعات الاستثماريّة وقدرتها على فهم اتّجاهات السوق، لا سيّما في الأسواق النّاشئة مثل الشّرق الأوسط وأفريقيا".  

وبالنّظر إلى آفاق عام 2025، تتوقّع نوكنتيني أن تواصل المنطقة جذب رؤوس الأموال العالميّة؛ إذ يذكر أنّ 52% من استثمارات رأس المال المغامر في المنطقة خلال عام 2024 جاءت من الخارج، مما يعبّر عن حماسةٍ واضحةٍ نحو الإمكانات الهائلة للنّمو والأسواق غير المستغلّة.  

وفيما يتعلّق بنصائحها للمستثمرين الرّاغبين في اغتنام الفرص التي تقدّمها منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، تؤكّد نوكنتيني على ضرورة التعرّف بعمقٍ على خصوصيات المنطقة، وديناميكيّات السوق، وثقافتها من منظار المستهلك والأعمال وريادة الأعمال؛ كما تحثّ على البحث عن الشّركات التي تواجه تحدّياتٍ جادةً عبر حلولٍ فريدةٍ، قابلةٍ للتّوسع وذات حمايةٍ تنافسيّةٍ، مع وجود استراتيجيّةٍ واضحةٍ لتحقيق الدّخل وتوافقٍ بين المنتج والسّوق، فضلاً عن نموذجٍ تجاريٍّ متينٍ.  

وفي ختام حديثها، تؤكّد نوكنتيني: "في جلوبال فنتشرز، سنواصل تعميق التزامنا بدعم المؤسّسين الّذين يقودون التحوّلات الثّوريّة في الأسواق النّاشئة؛ فإنّ المؤسّسين الذين يتبنّون نهجاً مبتكراً وقادراً على استغلال الموارد لمواجهة التّحديات الاجتماعيّة العالمية سيظلّون يتلقّون استثماراتٍ كبيرةً". 

نُشرت هذه المقالة لأول مرة في عدد يناير/فبراير من مجلة "عربية .Inc". لقراءة العدد كاملاً عبر الإنترنت، يُرجى النقر هنا.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: