مادة جديدة للرقائق الإلكترونية تسهّل استعادة المعادن الثمينة
باحثون من Meta وجامعات رائدة يطورون مادة مرنة وقابلة للذوبان تُستخدم كأساس للرقائق الإلكترونية، مما يساهم في تقليل النفايات الإلكترونية واستعادة المعادن
في خطوةٍ تهدفُ إلى الحدِّ من تراكمِ النّفاياتِ الإلكترونيةِ، طوّرَ باحثونَ من Meta بالتّعاونِ مع جامعةِ Utah ومعهدِ Massachusetts للتكنولوجيا مادةً جديدةً قد تحدثُ ثورةً في صناعةِ الشّرائحِ الإلكترونيةِ. هذه المادةُ الجديدةُ، التي تشبهُ إلى حدٍّ كبيرٍ المادةَ المستخدمةَ في حشواتِ الأسنانِ، تتميزُ بمرونتِها وقدرتِها على الذوبانِ بسهولةٍ، مما يتيحُ إمكانيةَ استعادةِ المعادنِ الثمينةِ المستخدمةِ في الشرائحِ الإلكترونيةِ عند انتهاءِ عمرِها الافتراضي.
تُعَدُّ النّفاياتُ الإلكترونيةُ مشكلةً بيئيّةً خطيرةً، حيثُ أنتجَ العالمُ في عامِ 2022 حوالي 62 مليونَ طنٍّ متريٍّ من هذهِ النّفاياتِ، وهي تشملُ كلَّ شيءٍ يحتوي على قابسٍ أو بطاريةٍ. ومن المتوقعِ أن يرتفعَ هذا الرّقمُ بنسبةِ 32% ليصلَ إلى 82 مليونَ طنٍّ متريٍّ بحلولِ عامِ 2030، وفقاً لتقريرٍ صادرٍ عن معهدِ الأممِ المتّحدةِ للتّدريبِ والبحثِ. وعلى الرّغمِ من ذلكَ، فإنَّ عمليةَ إعادةِ تدويرِ هذه النّفاياتِ لا تُواكِبُ هذا النموَّ المتزايدَ، حيثُ يتوقّعُ التقريرُ أن يتمَّ جمعُ وإعادةُ تدويرِ 20% فقط من هذهِ النّفاياتِ بحلولِ عامِ 2030.
في ورقةٍ بحثيةٍ نُشِرَت في يوليو الماضي في مجلّة "RSC Applied Polymers"، أشارَ الباحثونَ إلى أنَّ المادةَ الجديدةَ التي طوّروها يمكنُ استخدامها كطبقةٍ أساسيّةٍ مرنةٍ للرّقائقِ الإلكترونيةِ أو لوحاتِ الدّوائرِ المطبوعةِ، وهي قابلةٌ للذّوبانِ بشكلٍ يسهلُ معهُ استعادةُ المكوّناتِ المعدنيةِ الثّمينةِ بعدَ تفكيكِها.
تتمتّعُ المادةُ بخصائصَ مشابهةٍ لمادةِ "Kapton"، وهي مادةٌ بلاستيكيةٌ عاليةُ الأداءِ تُستخدمُ في صناعةِ الإلكترونياتِ منذ عقودٍ. ولكن على الرّغمِ من فعاليةِ "Kapton" كعازلٍ حراريٍّ، إلا أنّها تفتقرُ إلى القدرةِ على الذّوبانِ، ممّا يعوقُ إعادةَ استخدامها، ويؤدّي إلى تراكمِ النفاياتِ الإلكترونيةِ.
الباحثُ Thomas Wallin، الأستاذُ المساعدُ في قسمِ علومِ وهندسةِ الموادِ في معهدِ MIT، أشارَ إلى أنَّ "Kapton" لعبتْ دوراً أساسيّاً في تطويرِ الأجهزةِ الإلكترونيةِ لعدةِ عقودٍ، لكن عدمَ قابليتِها للذوبانِ "يمنعُ إعادةَ تدويرِها بسهولةٍ"، مما يؤدي إلى تراكمِ النفاياتِ، ويحدُّ من قدرتِها على التكيفِ مع الهياكلِ الإلكترونيةِ المتقدمةِ.
ويضيفُ Wallin أنَّ الأجهزةَ الإلكترونيةَ المرنةَ مفيدةٌ للتكنولوجيا التقليديةِ مثلِ أجهزةِ الحاسوبِ، وكذلكَ للأجهزةِ القابلةِ للارتداءِ مثلِ تلكَ المستخدمةِ في إنترنتِ الأشياءِ (IoT) والميتافيرس (Metaverse). كما أوضحَ الباحثونَ أنَّ المادةَ الجديدةَ، والتي تشبهُ إلى حدٍّ ما البوليمرَ المستخدمَ في حشواتِ الأسنانِ، تتمُّ معالجتُها في درجاتِ حرارةٍ منخفضةٍ، وتتصلبُ بسرعةٍ عندَ تعرضِها للأشعةِ فوقَ البنفسجيةِ، ممّا يجعلُها مناسبةً للاستخدامِ في عملياتِ التّصنيعِ الحاليةِ، ويسهمُ في إنتاجِ تكويناتِ دوائرَ أكثرَ تعقيداً.
وتظهرُ أهميةُ هذهِ المادةِ الجديدةِ عندما تصلُ الرقائقُ أو الدوائرُ الإلكترونيةُ إلى نهايةِ عمرِها الافتراضي. إذ يمكنُ إذابةُ الطبقةِ الأساسيّةِ بسهولةٍ "تحتَ ظروفٍ معتدلةٍ"، ممّا يتركُ المعادنَ الثمينةَ في الشّريحةِ سليمةً وقابلةً للاستخدامِ من جديدٍ، وفقاً لـWallin.