الرئيسية المفاهيم متلازمة المحتال: وهم الإنجاز في زمن التفوق الظاهري

متلازمة المحتال: وهم الإنجاز في زمن التفوق الظاهري

مشاعرٌ خفيّة تتسلّل إلى العقول الطّامحة، تزرع الشّك وتخفي الإنجاز خلف ستارٍ من الإنكار في مسارٍ لا يراه سوى من عانى صراعه الدّاخليّ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

متلازمة المحتال، أو ما يُعرف بـ"Imposter Syndrome"، هي واحدةٌ من أكثر الظّواهر النّفسيّة خداعاً وانتشاراً بين النّاجحين، خاصّةً في البيئات التّنافسيّة. يظهر الفرد من الخارج بصورة الواثق المتقن، لكن في داخله يعيش صراعاً خفيّاً مع صوتٍ يهمس له بأنّه لا يستحقّ مكانته، وأنّ ما وصل إليه محض صدفةٍ أو محاباةٍ. ورغم أنّ هذا المفهوم ليس بجديدٍ، إلّا أنّه ظلّ حبيس الكواليس النّفسيّة والمهنيّة، ينهش في الثّقة، ويقوّض الطّموح دون أن يملك أصحابه شجاعة التّعبير عنه، أو حتّى القدرة على تسميته.

تعريف مفهوم متلازمة المحتال

متلازمة المحتال هي حالةٌ نفسيّةٌ يشعر فيها الفرد بعدم استحقاقه للنّجاح الذي حقّقه، ويعتقد أنّه خدع من حوله، وأنّ ما حقّقه سببه الحظّ أو تهاون الآخرين في تقييمه، وليس كفاءته الشّخصيّة. غالباً ما يرافق هذه المتلازمة شعورٌ مزمنٌ بالخوف من انكشاف الحقيقة، والقلق المستمرّ من أن يُفتضح أمره كمحتالٍ لا يستحقّ ما لديه.

أبرز سمات متلازمة المحتال

  • القلق من التّقييم: الخوف من كلّ مناسبةٍ تتضمّن تقييم الأداء، خشية أن تُكشف الحقيقة.
  • التّقليل من الإنجازات: تفسير النّجاحات على أنّها ضربة حظٍّ أو مساعدةٍ من الغير.
  • السّعي الدّائم للكمال: الميل إلى الإفراط في العمل لتغطية الشّعور بعدم الكفاءة.
  • المقارنة السّلبية: قياس الأداء الذّاتي دائماً بالآخرين، وغالباً على نحوٍ مجحفٍ.
  • الرّفض المسبق للمديح: عدم القدرة على تقبّل كلمات التّقدير أو الاعتراف بها.

كيف تظهر متلازمة المحتال في بيئات العمل؟

في بيئات العمل التّنافسيّة، قد تُعزّز ثقافة الأداء العالي هذه المشاعر، خاصّةً عندما تُقارن الإنجازات بشكلٍ دائمٍ، أو عندما تُمنح المسؤوليّات دون تدريبٍ كافٍ. في المقال المنشور على (HBR Arabic)، أُشير إلى أنّ هذه المتلازمة قد تظهر بقوّةٍ لدى الموظّفين الجدد، أو أولئك الذين ينتقلون إلى أدوارٍ قياديّةٍ، إذ يتصاعد الإحساس بأنّهم لا يملكون ما يكفي من الخبرة، بالرّغم من تأهّلهم الفعليّ.

لماذا تُصيب متلازمة المحتال النّاجحين تحديداً؟

المفارقة العجيبة أنّ أكثر من يعاني هذه المتلازمة هم من يملكون إنجازاتٍ حقيقيّةً وملموسةً؛ فالنّاجحون عادةً ما يضعون لأنفسهم معايير عاليةً جدّاً، ويملكون وعياً ذاتيّاً حادّاً يجعلهم يُحلّلون ذواتهم دون هوادةٍ؛ هذا النّمط من التّفكير الذّاتي المبالغ فيه يؤدّي إلى تضخيم الأخطاء والتّقليل من النّجاحات.

أنواع متلازمة المحتال

  • المتفوّق دائماً: يعتقد أنّ عليه التّفوّق المستمرّ، وأي تراجعٍ هو فشلٌ كارثيٌّ.
  • العبقريّ الطّبيعيّ: يشعر بأنّ عليه أن يتقن كلّ شيء من المرّة الأولى.
  • الفرد المستقلّ: يرى أنّ طلب المساعدة ضعفاً، ويصرّ على الإنجاز منفرداً.
  • الخبير: لا يقدّر نفسه إلا إذا امتلك المعرفة الكاملة في المجال.
  • المثاليّ: لا يرضى إلا بالكمال، وأيّ خللٍ بسيطٍ يُعدّ فشلاً.

كيف يمكن التّعامل مع متلازمة المحتال؟

  • الاعتراف بالمشكلة: الخطوة الأولى هي التّسمية، إذ إنّ إدراك الشّعور يُخفّف من وطأته.
  • الاحتفال بالإنجازات: توثيق النّجاحات وإعادة قراءتها في لحظات الشّك.
  • التّحدّث مع الآخرين: فتح حوارٍ صادقٍ مع الزّملاء أو الأصدقاء يساعد على التّوازن.
  • طلب التّغذية الرّاجعة البنّاءة: الاستماع لآراءٍ خارجيّةٍ تُقيّم الأداء بعيداً عن النّظرة الذّاتيّة.
  • الاستعانة بالعلاج النّفسيّ: في الحالات المتقدّمة، يساعد العلاج المعرفيّ السّلوكي (CBT) على تفكيك الأفكار المُشوِّشة.

ليست المتلازمة دليلاً على الضّعف، بل على وعيٍ عميقٍ بذاتٍ طامحةٍ تسعى دوماً للتّحسين؛ فالسّعي للكمال أمرٌ نبيلٌ، لكن التّوازن هو السّلاح الحقيقيّ في مواجهة مشاعر النّقص الوهميّة. 

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: