متى يكون الانسحاب من مشروعٍ ناجحٍ خيرٌ من الاستمرار؟
أحد الأمور اللّازمة والضرورية لبدء أيّ مشروعٍ ناجحٍ، هي معرفتك متى يجب أن تنسحب.
مؤخّراً، أسدلتُ السّتار على برنامجٍ كنتُ أشاركُ في الإشراف عليه لعدّة سنواتٍ. وبكافّة المعايير، كان البرنامجُ ناجحاً، ولكنّنا كنّا ندركُ جميعاً أنّ الوقتَ قد حان لإنهائهِ.
قد تجدُ الأمرَ غير منطقيٍّ على الإطلاق، خصوصاً في ثقافةٍ تحفّزنا على التّفكير بأنّ "المزيد دائماً أفضل". وهنا تكمنُ المشكلة، فغالباً ما نتجاهلُ الاستماع إلى ذاك الصّوت الدّاخلي الذي يحاولُ لفتَ انتباهنا. [1]
لا تسيئوا فهمي، فقرارُ إغلاق شيءٍ كان يخدمُ النّاس، ويجلب إيراداتٍ مستمرّةٍ، وكنّا نستمتع به، لم يكن خياراً سهلاً. ولكنّنا تعلّمنا جميعاً أنّه كلّما تجاهلنا هذا الصّوت الدّاخلي لفترةٍ أطول، وجدَ طريقةً ليُجبرنا على الاستماعِ له. وقد يظهرُ هذا (من تجربتي الشّخصيّة) على شكلِ الاحتراق الوظيفي، المرض، أو بأن تبدأَ الأمورُ من حولكَ بالتفكّكِ والانهيارِ.
شاهد أيضاً: 6 حيل نمو بسيطة للشركات الناشئة
تصاحبُ هذه الأمور مقاومةَ الصّوت الدّاخلي، والخيارُ الآخر هو الاستماعُ له من المقامِ الأوّل والتصرّف وفقاً لمجرى الأمورِ التي تتجلّى أمامنا. نعم، قد يكونُ الأمرُ مخيفاً، لكنّ الخوف رفيقٌ متوقّعٌ للنّموّ. ويُمكن أن يتواجدَ الاثنان معاً، ومن المرجّح أنّ يفعلا. لذا، لا داعٍ لانتظارِ زوالِ الخوفِ حتّى تبدأ، تحلّ بالثّقة والإيمان وأنت تخطو أولى خطواتك، ولا ضير من تواجدِ بياناتٍ تدعمُ اتّخاذ القراراتِ أيضاً.
هناك أيضاً فائدةٌ من معرفةِ أنّ المكانَ الذي تصبّ طاقتك فيه، قابلٌ للتوسع والازدهار أيضاً. وعندما تصبّ تركيزكَ في مجالاتٍ أقلّ، تنمو هذه المجالات (على عكسِ عندما تكون الطاقاتُ مبعثرةً، فالنتائجُ كذلك تكون مبعثرةً).
شاهد أيضاً: سبب فشل قادة الشركات الناشئة: الملل
هذا ليس مدعاةً للخجلِ، فهو ليس استسلاماً ولا فشلاً، بل هو اتّخاذُ قرارٍ حاسمٍ وتحفيزيّ وتنسيقيّ. (أتفهّمُ ما تشعرُ به الآن، لأنّني أحاول إقناع نفسي بهذا، ولكن هذا درسٌ قاسٍ تعلّمته بعد تربيتي على الفكرة بأن "الفائزين لا يستسلمون أبداً والمغادرون لا يفوزون أبداً". على العكس تماماً، فقط اسأل الشّخصيات النّاجحة المعروفة، وسيثبتون ما أخبرك به). كما تظهرُ للكون على أنّك مستعدٌ لما هو قادمٌ، وترحّب بما هو متناسقٌ معك ومنسجمٌ معك، بدلاً من التّشبث العنيدِ بشيءٍ لم يعد كذلك.
مع هذا أسألك: هل هناك شيءٌ في حياتكَ تتمسّكُ به، ولكن لديك إحساسٌ داخليٌّ بأنّ الوقتَ قد حان لتتركهُ وتمضي قدماً؟