مخاطر الذكاء الاصطناعي: عوامل تؤثر في عمليات التسريح الجديدة
استكشف كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي صياغة مشهد العمل ويُحدّد مصير الأدوار الإدارية
يبرزُ تردّد موظَّفي جيل Z من دمج الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل، مشيرين إلى مخاوف عميقةٍ تمتدُّ من البيت الأبيض وحتَّى مؤسَّساتٍ بحجم صندوق النَّقد الدُّوليّ، وتتَّجه الأنظار نحو الأثر الَّذي قد يُحدِّثه هذا التَّطوّر على سوق العمل، مع التَّركيز بشكلٍ خاصٍّ على الوظائف ذاتِ "المتطلَّبات الوظيفيَّة الأقلّ". [1]
وتتزايدُ الشَّواهد يوماً بعد يومٍ، فقد بات الذكاء الاصطناعيّ عاملاً مؤثِّراً في موجات تسريح العمال التي شهدتها الفترة الأخيرة في عالم التكنولوجيا، على الرَّغم من أنَّ دراساتٍ حديثةٍ أشارت إلى أنَّ تأثير الذَّكاء الاصطناعيّ على سوق العمل قد يستغرق وقتاً أطول ممَّا يُتوقَّع لظهور نتائجه الجذريَّة، فإنَّ استطلاعاً لآراء 3000 مديرٍ تنفيذيٍّ أمريكيٍّ أجرته شركة Beautiful.ai يكشفُ عن موقفٍ مختلفٍ، إذ يبدو أنَّ قطَّاعاً لا بأس به من هؤلاء المدراء يرون في الذكاء الاصطناعي فرصةً لتقليل الاعتماد على العمالة البشريَّة، وقد بدؤوا في توزيع إخطارات الاستغناء واستقدام الذَّكاء الاصطناعيّ كبديلٍ في هذا العام.
شاهد أيضاً: 4 خطوات رئيسة عند إبلاغ الموظّفين بفصلهم
تُعرّفُ شركة Beautiful.ai نفسَها بأنَّها رائدةٌ في تقديم برمجيَّات العروض التَّقديميَّة المدعومة بالذَّكاء الاصطناعيّ للفرق العمليَّة، مع هدفها المعلن بـ"استكشاف تأثير الذكاء الاصطناعي على طريقة أدائنا للعمل"، كما ورد في مدونَتها، وبهذا الإطار أَجرت الشَّركة استطلاعاً واسعَ النِّطاق شمل 3000 شخصٍ في مناصب إداريةٍ، لفهم كيفيَّة تبنّيهم لهذه التُّكنولوجيا النَّاشئة في أعمالهم، وكانت التَّوقُّعات معقودةً على أن تُفضي نتائجُ الاستطلاع إلى كشفٍ مثيرٍ للاهتمام في عصرٍ يشهد تغلغلَ تقنيَّات الذَّكاء الاصطناعيّ في كافَّة جوانب حياتنا اليوميَّة، من التَّواصل الاجتماعيِّ إلى برامج العمل الأساسيَّة مثل Zoom ومنتجات مايكروسوفت.
وما كشفته الدّراسة لم يكن مجرَّد إضافةٍ إلى فهمنا للواقع، بل كان بمثابة جرس إنذارٍ: 66% من المدراء المشاركين في الاستطلاع أقرُّوا باستخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات عملهم لزيادة الإنتاجيَّة، أمَّا الأكثر إثارةً للقلق، فهو أنَّ 12% منهم صرَّحوا باستخدامهم للذكاء الاصطناعي بهدف تقليص حجم القوى العاملة وخفض التَّكاليف، وبشكلٍ أكثر تحديداً، أفاد 41% بأنَّهم يعتقدون بإمكانيَّة استبدال الموظَّفين بـ"أدوات ذكاءٍ اصطناعيّ أقلَّ تكلفةٍ" خلال العام الجاري، فيما أكَّد 48% على أنَّ الشَّركات يمكن أن توفِّر مبالغَ معتبرةً بالاستغناء عن "عددٍ كبيرٍ" من الموظَّفين، إذ صرَّح أربعةٌ من كلّ عشرة مدراءٍ بإمكانيَّة خسارة فرقهم لأعضاءٍ متعدِّدين، يمكن استبدالهم بالذَّكاء الاصطناعيّ، دون التَّأثير على كفاءة العمل.
شاهد أيضاً: كيف يمكن تجنّب أخطاء التسريح بخطوات مدروسة؟
وفيما تُثير هذه النَّتائج القلق لدى الجهات الرَّسميَّة المتخوّفة من تزايد أعداد العاطلين عن العمل، تبدو كأنباءٍ سارَّةٍ لشركات الذكاء الاصطناعيِّ الطَّموحة مثل Ema، التي تسعى لتطوير "الموظَّف الشَّامل المدعوم بالذكاء الاصطناعي"، كما يمكن أن يعزِّز هذا التَّوجُّه الشَّركات المتخصِّصة في الرُّوبوتات البشريَّة مثل Figure AI، التي تركِّز على دمجِ تقنيَّات الذكاء الاصطناعي في إنتاجاتها من الآلات العاملة.
مع استيعاب العمّال لهذه المستجدَّات، يُصبح من المهمِّ التَّفكير في الجمهور الذي استهدفته Beautiful.ai بأسئلتها: وهو المدراء، وبينما تُعدُّ الإدارة حجرَ الزَّاوية في تشغيل أيّ شركةٍ، فإنَّها غالباً ما تكون أوَّل من يواجه الاستغناء في حالات التَّقليص، إذ أظهر تقرير "إضاعة الوقت في العمل" الصَّادر عن Survey.com في 2017، أنَّ الاستغناء التَّامَّ عن الطَّبقة الإداريَّة قد "يُلغي 75% من الأسباب التي تدفع الموظَّفين لترك الشَّركات"، وعلى الرَّغم من الجدل القائم حول فاعليَّة الهيكل التَّنظيميّ الأفقيّ الَّذي يتميَّز بوجود مستويَّاتٍ إداريةٍ قليلةٍ، فإنَّ عدداً لا يُستهان به من الشَّركات، بما في ذلك Tesla، تُفضِّل هذا النَّموذج.
شاهد أيضاً: Google تعلن تسريح مئات الموظفين في تحرّكٍ لخفض التكاليف
قد يوفِّر استطلاع Beautiful.ai بصيص أملٍ للموظَّفين الَّذين يشعرون بالقلق من أنَّ رؤساءهم يُفكِّرون في استبدالهم بصندوقٍ يومض بأضواءٍ ساطعةٍ، إذ أفاد 64% من المدراء بأنَّ الذكاء الاصطناعي قادرٌ على أداء المهامّ الإداريَّة بكفاءةٍ مماثلةٍ، إن لم تكن أفضل، من فريق الإدارة المتخصِّص، أمَّا التَّساؤل المثير للفضول هو: لو أنَّ Beautiful.ai قد أجرت استطلاعاً مماثلاً لـ3000 عاملٍ يعملون تحتَ إشراف هؤلاء المدراء الـ3000، فكم منهم يا ترى سيرغب فعليَّاً في استبدال رئيسه بنظام ذكاءٍ اصطناعيٍّ؟
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.