أهمية النوم: كيف يؤثر قلة النوم على إنتاجيتك وصحتك
مقدارٌ كبيرٌ من العلم وطريقةٌ مجربةٌ عبر الزمن، لتعزيز الإنتاجية والتركيز والتفاعل والطاقة
بقلم جيف هيدن Jeff Haden، محرر مساهم في Inc.
تظنّ أنّك لا تحتاجُ إلى الكثير من النَّوم لتعملَ بشكلٍ جيِّدٍ؟ إذاً أعِد التَّفكير، أظهرت دراسةٌ عام 2018 أنَّ الأشخاصَ الَّذين ينامون لمدَّة خمس إلى ستِّ ساعاتٍ يكونون أقلَّ إنتاجيَّةً بنسبة 19% من الأشخاص الَّذين ينامون بانتظامٍ لسبع إلى ثماني ساعاتٍ في الَّليل؛ أمَّا الأشخاص الَّذين ينامون أقلَّ من خمس ساعاتٍ؛ فهم أقلُّ إنتاجيَّةٍ بنسبةٍ تقارب 30%. [1]
لماذا؟ تشيرُ الأبحاثُ إلى أنَّ الحصولَ على ستِّ ساعاتٍ فقط من النَّوم يجعلُ أيَّ مهمةٍ تتطلَّب التَّركيز أو التَّفكير العميق أو حلَّ المشكلاتِ أصعب بكثيرٍ، في الواقع؛ فيما يتعلَّق بالانتباه وزمن الاستجابةِ، الحصول على ستِّ ساعات نومٍ فقط يعدُّ مثل شربِ بضعةِ أكواب بيرة، والحصول على أربعِ ساعاتٍ فقط يعدُّ مثل شرب خمسة أكوابٍ، وتشيرُ الأبحاثُ أيضاً إلى أنَّ نقصَ النَّوم يجعل القيام بأيِّ نشاطٍ يتطلُّب عدَّة خطواتٍ أصعب بكثيرٍ.
وقبل أن تقولَ "نعم؛ لكن هذا ينطبقُ على الآخرين، ونقص النَّوم لا يؤثِّر عليّ على الإطلاق"، فكّر مجدداً (مرًّة أخرى)، من الممكن جسديَّاً الاستغناء عن أربع أو خمس ساعاتٍ من النَّوم كلَّ ليلةٍ؛ ولكنَّ دراسةً نشرت في "Cell Research" وجدت أنَّ جزءاً صغيراً جداً من السُّكَّان يمتلكُ فعلاً القدرةَ على العمل بشكلٍ جيّدٍ مع هذا القدر القليل من النَّوم.
- فما هي فرصةُ أنَّكَ تندرجُ تحت هذا الجزء الصَّغير؟ قليلةٌ للغايةِ. (أنا أعلمُ أنَّني لا أنتمي إليها).
- لهذا السّبب نحن جميعاً بحاجةٍ إلى...
انضباط النوم
سواءً كنت نهاريَّاً أم ليليَّاً، لا يهمُّ، كلُّ جنديّ في التَّدريب الأساسيّ يستيقظُ في السَّاعة 5 صباحاً، يبدو هذا الوقت باكراً؟ بالتَّأكيد؛ ولكنَّهم يذهبون أيضاً إلى الفراشِ في السَّاعة 9 مساءً، روتينٌ يشكَّل نقطة البداية لـ "انضباط النَّوم"، وهو تمرينٌ -لأنَّه يتطلَّب تدريباً- على إنشاء روتين نومٍ واتِّباعه بشكلٍ منتظمٍ.
لهذا السَّبب، يُعتبر التَّخطيط للنَّوم في البيئات التَّدريبيَّة والتَّكتيكيَّة مهارةٌ قياديَّةٌ أساسيّةٌ، على الرَّغم من أنَّ الظُّروفَ تفرض أحياناً خلاف ذلك، إلّا أنَّ الهدفَ هو الحصولُ على سبع إلى تسع ساعاتٍ من النَّوم في كلِّ 24 ساعةٍ؛ وإلَّا فإنَّ المهامَ البسيطةَ حتَّى يمكن أن تتأثَّرَ. (هذا هو السَّبب في تشجيع الجنود على أخذ "قيلولاتٍ تكتيكيَّةٍ" في حال توفُّر الفرصةِ).
لماذا يعدُّ انضباط النَّوم بالغ الأهميَّة؟ العمل والعلاقات والأسرة والوقت الحرّ... لديكَ فقط كميَّةٌ محدودةٌ من الطَّاقة لتوزيعها على كلِّ هذه الأمور، عندما لا تحصلُ على ما يكفي من النَّوم كلَّ ليلةٍ؛ فإنَّك لا تؤثِّر سلباً فقط على أدائكِ في كلِّ جانبٍ من جوانب حياتكَ، بل إنَّك تستبعدُ بشكلٍ شبه نهائيٍّ أن تكونَ يوماً ما في أفضل حالاتكَ.
شاهد أيضاً: تطبيق هذه الخطوات الثلاث قبل النوم يضمن لك ليلة هانئة
كيف تبدأ؟
هذه اللّيلة، اختر وقتاً للذَّهاب إلى الفراش، (ليس وقتاً ستنام فيه، فالتَّحكُّم فيه سيكون حينها أصعب). اختر وقتاً تغلقُ فيه أجهزتكَ وتُطفئ الأنوار، اختر وقتاً يتيحُ لكَ الحصول على سبع إلى ثمان ساعاتٍ من النَّوم؛ إذا كنت بحاجةٍ للنّهوضِ في السّاعة 6 صباحاً، إذاً: السّاعة 10 مساءً هي الوقتُ المناسبُ، مرَّةً أخرى، انظر إلى "وقت النَّوم" ليس كالوقتِ الذي ستنام فيه بالتَّأكيد، ولكن كأقرب وقتٍ قد تنام فيه. (لن تنام فوراً ما لم تكن مرهقاً تماماً).
ثمَّ حاول الاسترخاء فقط، دع عقلكَ يهيم ويسرح، لا تفكِّر في قضية الذَّهاب إلى النَّوم، لا "تحاول" النَّوم. فقط استرخِ، إذا استغرق الأمر وقتاً طويلاً حتَّى تنام، فهذا مقبولٌ، لا تأخذ قيلولةً في اليوم التَّالي، فقط اذهب إلى الفراش في نفسِ الوقت- اعتبره وقت الفراش، لا وقت النَّوم- واسترخِ فقط، مع الوقت، سيبدأ جسمكَ في التَّكيُّف.
وللمزيد من تعزيز عمليّة "الذَّهاب إلى النَّوم"، جرّب "الطَّريقة العسكريَّة"، وهي روتينٌ يستغرقُ دقيقتيّن تمّ تطوِّيره من قبل مدرسة ما قبل الطّيران في البحريَّة Navy Pre-Flight School؛ لمساعدة الطّيارين على النَّوم، (في غضون ستة أسابيع، استطاع 96% من الطَّيارين النَّوم في خلال دقيقتيّن أو أقل -حتَّى إذا كانوا جالسين على كرسي، يستمعون إلى تسجيلٍ لإطلاق نار الرّشاش، وقد شربوا قهوةً للتوّ).
إليك كيف يعمل الأمر:
- أرْخِ وجهك بأكمله: أغلق عينيكَ، تنفَّس ببطءٍ وعمقٍ؛ ثمَّ أرْخِ تدريجيَّاً جميع عضلات وجهكَ، (إذا كان الأمرُ يساعدُ، ابدأ بعضلات جبينكَ وتحرَّك نحو الأسفل)، أرخِ فكَّك وخدّيك وفمك ولسانك، وكلَّ شيء، بما في ذلك عينيكَ؛ دعِ الجميع يسترخي.
- أخفِضْ كتفيك ويديك: اترك أيَّ توتُّرٍ، أرخِ رقبتك وعضلات الكتفين، اشعر بنفسكَ تغوُّص في الكرسي أو السَّرير؛ ثمَّ ابدأ من أعلى ذراعكَ اليمنى، وأرخِ تدريجيَّاً عضلات العضد والسَّاعد واليدين، كرّر ذلك على الجانبِ الآخر، ولا تنسَ أن تستمرَّ في التَّنفس ببطءٍ وعمقٍ.
- أخرج الهواء وأرخِ صدركَ: ينبغي أن يكونَ الأمر سهلاً، باعتبار الكتفين واليدين مسترخيّين.
- أرخِ ساقيك: ابدأ بفخذك الأيمن؛ دعه يغرق في الكرسي أو السَّرير؛ ثم افعل نفس الشَّيء مع السَّاق والكاحل والقدم، وكرّر العمليَّة مع السَّاق اليسرى.
- الآن قم بتصفية ذهنك: من الممكن أن يكونَ عدم التَّفكير في أيّ شيءٍ أمراً في غاية الصُّعوبة، (أنا عادةً أنتهي بالتَّفكير في عدم التَّفكير في أيِّ شيءٍ) إذا كانت هذه هي حالتكَ، جرِّب إبقاء صورةٍ في ذهنكَ، اختر شيئاً مريحاً، وتخيَّل نفسكَ مستلقيَّاً باسترخاءٍ في الظَّلام؛ ولكن إذا لم تنجح هذه الطَّريقة...
- جرِّب تكرار كلمة "لا تفكر" لمدَّة 10 ثوان: إذا لم يساعدكَ في أيِّ شيءٍ آخر، يجبُ على الأقلّ أن يساعدكَ ذلك في تشتيتكَ وإبعادكَ عن التَّفكير في أيِّ شيءٍ قد يبقيكَ مستيقظاً.
تذكَّر أنَّ الممارسةَ -الانضباط- هي السِّر، في حين أنَّ الطَّريقةَ العسكريَّةَ قد لا تساعدك على النَّوم بشكلٍ أسرع في البداية، إلّا أنَّها كلَّما استخدمتها بانتظامٍ أكثر، كلَّما تحسَّن تدريب نفسكَ على الاسترخاء، والابتعاد عن كلِّ شيءٍ.
شاهد أيضاً: هل تعاني من الأرق؟ إليك 5 خطواتٍ للنوم بعمقٍ والاستيقاظ مرتاحاً
وكلُّ ذلك يبدأُ باعتمادِ انضباط النَّوم، انظر إلى النَّوم ليس كفكرةٍ مستدرَكةٍ يمكن أن تأتي لاحقاً؛ ولكن كدافعٍ رئيسيٍّ للأداء المهنيّ والشَّخصيّ؛ لأنَّه كذلك بالفعلِ.