التوظيف القائم على المهارات: سبب رفض السير الذاتية
نموذجُ توظيفٍ جديدٍ يحتاج إلى 3 أمور بسيطة بعيدة عن المعدلات الدراسية الجامعية المرتفعة.
بُشرى سارة لكلّ أصحابِ المهاراتِ والخبراتِ الذين لا يمتلكون شهاداتٍ جامعيّةٍ، اليوم لم يعد الخرّيجون الجامعيّون يحظون بالأفضليةِ للتّوظيفِ في الشّركاتِ التي بات تُفضِّلُ توظيفَ أصحابَ المهاراتِ الشّخصيّة والخبرةِ. إذ إنّ نحو 45% من الشّركاتِ، تخلّوا عن وضعِ الشّهادةِ الجامعيّةِ كشرطٍ أساسيٍّ لاختياركَ في الوظيفةِ، وفقاً لما جاءَ في بحثٍ جديدٍ أجرتهُ شركةُ ZipRecruiter ، في الولاياتِ المتحدةِ الأميركيّة، والتّي استطلعت آراءَ ما يزيدُ عن 2000 صاحب عملٍ في أميركا. [1]
وبحسبِ البحثِ الجديدِ، فإنّ 42% من الشّركاتِ، باتت تستخدمُ اليوم بشكلٍ صريحٍ، المقاييسُ المتعلّقةُ بالمهاراتِ والخبراتِ، للعثورِ على موظّفين جددٍ فيها، بزيادةٍ نحو 12% عن عام 2022 السابق.
سبب التوجه إلى التوظيف القائم على المهارات
من غير الواضحِ بعد ما الّذي يدفعُ تلك الشّركاتِ للتحوّلِ نحو مبدأ التوظيف القائمِ على المهاراتِ، في وقتٍ يرى كثرٌ من حول العالمِ أن المستقبلَ لم يعد للشّهادةِ الجامعيّةِ، بل للدّورات التّدريبيّة ومدى القدرةِ على اكتسابِ المهاراتِ في زمنٍ قياسيٍّ.
ربما يكون السببُّ انخفاض معدّلِ الالتحاقُ بالجامعاتِ بعد جائحةِ كوفيد-19، أو جرّاء المخاوفِ المستمرّة نتيجةَ ارتفاعِ تكاليفِ الدّراسةِ ورسومها، أو ربما السّبب في استمرارِ معاناةِ سوقِ العملِ الضّيقِ. وبالعمومِ، وأيّاً تكن الأسباب، فإنّ الاتّجاه نحو توظيفِ أصحابِ المهاراتِ بات يكتسبُ زخماً عالميّاً، كما تقولُ كبيرةُ الاقتصاديين في شركةِ ZipRecruiter ، جوليا بولاك.
عليكَ أن تدركَ صديقي القارئ الباحثُ عن عملٍ دون أن تمتلكَ مؤهّلاً جامعيّاً، إن أصحابَ العملِ حين يتخلّون عن شرطِ الشّهادةِ الجامعيّةِ والدّرجةِ العلميّةِ، فإنّهم يصبحون أكثرَ تحديداً بخصوصِ المهاراتِ التي يبحثونُ عنها في إعلاناتِ الوظائفِ، خصوصاً المهارات الشّخصيّةِ التي ربما كان من المفترضِ أن تأتي مع الشّهادةِ الجامعيةِ، كما تقولُ دراسةٌ أجراها معهدا Harvard Business Review وBurning Glass، عام 2022م.
شاهد أيضاً: صفة وحيدة قد تجعل مهارات القيادة لديك أفضل من معظم المدراء
ثلاث مهارات يفتقر إليها المرشحون
بحسب بحثِ شركةِ ZipRecruiter ، إنّ أصحابَ العملِ يقولون إنّ المرشحين للوظائفِ يفتقدون إلى ثلاثِ مهاراتٍ، هي:
- إدارة الوقت.
- الاحترافيّة.
- التّفكير النّقديّ.
وفي هذا الخصوصِ، تقول نائبةُ رئيسِ قسمِ الأفرادِ في شركةِ ZipRecruiter ، ماريسا موريسون، إنّه من المهمِّ ملاحظةُ أنّ الاحترافَ ربما يكون مختلفاً في بيئاتِ العملِ المتباينةِ، فبعضُ الصّناعاتِ رسميّةٌ أكثر من غيرها.
وتضيف ماريسا، إنّ كلّ أصحابِ العملِ الذين شاركوا في الاستطلاعِ، أكدّوا أنّهم يهتموّن بشدةٍ، في العثورِ على موظّفين مسؤولين يُمكنهم التّواصلُ بشكلٍ مباشرٍ وفعّالٍ مع العملاءِ، ومع زملائهم في العملِ أيضاً.
فجوةُ المهارات الشخصية، باتت واحدةً من أكبر تحديّاتِ التّوظيفِ التي تواجهُ المواردَ البشريّةِ بعد وباءِ كوفيد، كما تقول ماريسا موريسون، وتضيف أنّ السببَ يعود إلى نقصِ الموظّفين في ذروةِ الجائحةِ، والانقساماتِ الواضحةِ بين الأجيالِ في مكانِ العملِ.
سيكونُ من المفيدِ معرفةُ أنّ مكانَ العملِ اليوم، بات متنوّعاً جدّاً من حيث الأعمار، أكثر من أيّ وقتٍ مضى، كما ذكرت تقاريرُ إدارةُ المواردِ البشريّةِ، وتلفت إلى أنّ طفرة المواليدِ والجيل X، مع جيل الألفية والجيل Z باتوا يعملون جنباً إلى جنبٍ اليوم.
وعلى الرّغمِ من هذا التّنوعِ في الأجيال ببيئة العملِ الواحدةِ، إلّا أنّ الخلافَ يكمنُ في اختلافِ المعايير المهنيّة، كما تقولِ ماريسا، وتضيفُ أنّ أصحابَ العملِ يعتقدون بأنّ الأجيالَ الشّابةَ لم تعد تكتسب المهاراتِ الشّخصيّةِ المهمّة سواءً في المدرسةِ أو الكلّيةِ.
تصحيح مسار الشركات في التوظيف
بدورها تقولُ جوليا بولاك، إنّه وبين عامي 2021 و2022، وحين كانت الشّركاتُ في حاجةٍ ماسةٍ لملء الوظائفِ الشّاغرةِ، قامت العديدُ منها بتخفيضِ معايير التّوظيف لديها، واتّجهت لتوظيفِ المزيد من الموظّفين المبتدئين، الذين ربما كانوا يفتقرون إلى تلكَ المهارات الشّخصيّة المهمّة.
واليوم تحاولُ تلك الشّركات تصحيحَ المسارِ، تقول جوليا بولاك، وتضيف أنّهم باتوا يلجؤون إلى تدريب الموظفين على امتلاكِ المهاراتِ الشّخصيّة الثلاث، بالتّوازي مع توظيفِ مرشّحين يمكنهم المساعدة في تحسينِ الإنتاجيّةِ وأداءِ الفريقِ.
وبناءً عليه، فإنّه ينبغي على كلّ المتقدمين إلى الوظائفِ، تحسينُ سيرتهم الذّاتية، والتّأكد من تضمينها المهاراتِ الشّخصيّةِ في الوصفِ الوظيفيّ، كما تقول المدربةُ المهنيّة المعتمدة وخبيرة السّيرة الذاتيّة في الشّركةِ، أماندا أوغسطين.
شاهد أيضاً: لماذا يجب على الشركات توظيف الأشخاص "غير المستقرين في وظائفهم السابقة"
تنصحُ المدرّبةُ، المقبلين على التّرشحِ للوظائفِ، أن يضمّنوا في سيرهم الذّاتية أمثلةً عن كيفيّة استخدامهم لتلك المهاراتِ في الّنقاطِ التي تحدّدُ خبرتهم العمليّة السّابقة، أو عبر إضافةِ قسمٍ خاصٍّ إلى السّيرةِ الذّاتيةِ يُسلّطُ الضّوءُ على تلكِ المهاراتِ، ويُمكن إطلاقُ اسمٍ عليه، ألا وهو: المهارات الأساسيّة أو مجالات الخبرة.
تبدو المنافسةُ في سوق العمل على أشدّها اليوم، إذ لم تعدْ الشّهادةُ الجامعيّة لوحدها كافيةٌ، بقدرِ ما يُمكن تعزيزها بالمهاراتِ الشّخصيّةِ المفيدةِ لمكانِ العملِ، ولرفعِ إنتاجيّته وتقليلِ المشاكلِ فيه ما أمكنَ.