مع قدوم عام جديد، إليك مستقبل 5 من اتجاهات العمل في 2024
استكشاف الاتجاهات، والتحديات، والفرص في مشهد العمل المتطور
بقلم برنارد كولمان Bernard Coleman، نائب الرئيس لشؤون الموظفين في Swing Education
من الصّعبِ دوماً التّنبؤ بمستقبلِ العملِ، خاصّةً في ظلِّ السّنواتِ الأخيرةِ الّتي كانَ علينا فيها التّعاملِ مع جائحةٍ، واقتصادٍ غير مستقر، وفورةٍ وازدهارٍ في التّوظيفِ، ثم تصحيحِ سوقٍ يؤدّي إلى تباطؤِ وفصلِ عمالِ، والآن يبدو أنّ الاقتصادَ في طريقهِ إلى هبوطٍ ناعمٍ. إذاً، ماذا بعد؟ إليكَ خمسةُ اتّجاهاتٍ أعتقدُ أنّها ستكونُ محورَ اهتمامِ عام 2024:
1. تطور القيادة
القيادةُ دائماً ما تكونُ سلعةٌ مطلوبةٌ ولكن دعونا نكونُ صادقينَ، الكثيرُ من القادةِ غير مؤهلينَ لما هو آتٍ، ستحتاجُ مهاراتُ القيادةِ إلى تحديثٍ سريعٍ. وعيبٌ واضحٌ في القيادةِ هو قادةٌ يمارسونَ بنشاطٍ أسلوب إدارةِ ما قبلَ الجائحةِ، الإدارة التّفصيلية، والمطالبات بخمسةِ أيامِ دوامٍ في المكتبِ، وقراءة بطاقاتِ الدّخولِ، ونهج وصايةِ الأخِ الأكبرِ في الإدارةِ، هذا لن ينجحَ، يجبُ على القادةِ أن يركّزوا على تمكينِ الثّقةِ وتعميقِ التّفاعلِ لدى الموظّفينَ.
وهذا يعني الابتعادُ عن نهجِ السّيطرة والتّحكمِ، والتّركيزِ بدلاً من ذلكَ على تجربةِ الموظّفِ، فالتّفاعلُ الفعّالُ مع الموظّفينَ يعني بناءَ تجربةٍ أكثرَ شمولاً، والجزءُ الرّئيسيّ هو تجسيدُ خمسةِ محرّكاتٍ للتّفاعلِ كما هو موضّحٌ من قبلِ جالوب Gallup: الهدف، التّطوير، الإدارة المتعاطفة، الحوار المستمرّ، والتّركيز على نقاطِ القوةِ. إذ إنّ القيادة لا يجبُ أن تكونَ بمرسومٍ، بل تدورُ حولَ التّحفيزِ والإلهامِ، وربطُ النّاسِ بأثرٍ ذي مغزى، ودعم النّمو، والحوار، والتّغذية الرّاجعة، وتحمل المسؤوليةِ.
2. العمل عن بعد ونظام العمل الهجين
هناك العديدُ من الاتجاهاتِ النّاشئةِ من الجائحةِ وأحدُها هو العملِ الهجينِ والعملِ عن بعدٍ، ما كانَ استثناءً في السّابقِ أصبحَ الآن القاعدة، والعديد من المؤسساتِ لا تزالُ تعملُ على كيفيّةِ جعلهِ دائماً حيث تدركُ الشّركاتُ فوائدَ التّكلفةِ والإنتاجيّة.
جزءٌ كبيرٌ من العملِ عن بعدٍ سيكونُ التّركيزُ على الصّحةِ العامّة للموظّفِ والصّحةِ النّفسيّةِ، في وقتٍ سابقٍ من هذا العامّ، قالَ وزيرُ الصّحةِ في الولاياتِ المتّحدةِ الدكتور فيفيك ميرذي Dr. Vivek Murthy إنّنا دخلنا في وباءٍ من الوحدةِ وأنّ نقصَ الاتّصالِ يسهمُ في أزمةٍ صحيّةٍ عامّةٍ في بلادنا.
ونظراً لكَمِّ الوقتِ الكبيرِ الذي يقضيهِ النّاسُ في العملِ، سيحتاجُ إلى إيلاءِ اهتمامٍ أكبرَ لخلقِ المزيدِ من الاتّصالاتِ الاجتماعيّةِ والاستثمارِ في الصّحةِ العامّةِ للموظّفينَ، مثل: إدماج المزيد من فوائدَ الصّحةِ والمواردِ وتبنّي سياساتٍ مرنةٍ لدعمِ الصّحةِ النّفسيّةِ وثقافةِ الاتّصالِ. وفي نهايةِ المطافِ، سيكونُ هذا عملاً مستمرّاً يوازنُ بينَ دفعَ الإنتاجيّة والنّهجِ العمليّ.
شاهد أيضاً: حجّة مثالية لصالح العمل عن بُعد
3. كل شيء حول الذكاء الاصطناعي
كانَ الذّكاءُ الاصطناعيّ هو الحديثُ المنتشرُ في عام 2023، ومن غيرِ المرجّحِ أن يتغيرَ هذا الاتّجاهُ بدخولِ عام 2024. ويمكننا توقّعُ رؤيةِ نموٍّ مثيرٍ في اعتمادِ الذّكاءِ الاصطناعيّ من روبوتِ الدّردشةِ إلى التّعلّمِ الآلي إلى الأتمتةِ المدمجةِ في العديدِ من العمليّاتِ والتّشغيلِ خلفِ الكواليسِ.
ومع ذلكَ، ومع انتشارِ استخدامِ الذّكاءِ الاصطناعيّ، لا يمكننا أن تغيبَ العواقبَ غيرَ المقصودةِ عن بالنا، هناكَ الكثيرُ من التداعياتِ -استمرار التّحيّزِ، تمكين التّمييزِ في المعاملةِ من خلالِ خوارزمياتٍ غامضةٍ وغيرَ قابلةٍ للتّدقيقِ- يجبُ أن تكونَ الشفافيّةُ والقدرةُ على الشّرحِ والعدالةِ جزءاً من الحوارِ في تصميمِ الذّكاءِ الاصطناعيّ.
قد يحلُّ الذكاءُ الاصطناعي محلّ العديدِ من الوظائفِ بينما يخلقُ أنواعاً جديدةً من العملِ، سيكونُ السّؤالُ هو كيفَ سيستجيبُ الجمهورُ العام -إعادة تأهيلِ المهاراتِ أم الرفضِ- الذّكاء الاصطناعيّ هو مجرّدُ أداةٍ متطوّرةٍ للغايةِ وستكونُ معالجةُ فجواتِ المهاراتِ أمراً حاسماً، فالطّلب مرتفعٌ بالفعلِ على وظائف في مجالاتٍ، مثل: التّعلّم الآلي وعلم البياناتِ والأمن السّيبرانيّ، وهناكَ فرصٌ ضخمةٌ للأشخاصِ الذينَ يتقبلونَ الذّكاءَ الاصطناعيّ ويستغلونهُ، لذا شجّعَ فريقكَ ودرِّبه على كيفيّةِ استخدامِ الذّكاءِ الاصطناعيّ حتّى يكونوا مجهزينّ لهُ.
مثلُ أيّ تكنولوجيا تحويليّة، يحتاجُ الذّكاءُ الاصطناعيّ إلى حواجز حمايةٍ موجّهةٍ وتطويرِ مسؤولٍ يركّزُ على تعزيزِ الإمكانيّاتِ البّشريّةِ بما يتجاوزُ الكفاءةَ فقط، وسيحدّدُ التّطبيقُ الأخلاقيّ للذّكاءِ الاصطناعيّ التّقدمِ المستقبليّ، ومع التّفكيرِ العميقِ يمكنُ للذّكاءِ الاصطناعيّ أن يقودَ إلى إبداعاتٍ مبتكرةٍ تخدمُ جميعَ الأفرادِ.
4. العمل الحر "Gig Work" بشكل خفيّ
عندما عملتُ في أوبر، كنتُ أستخدم خدمةَ مشاركةِ الرّكوبِ في أوبر يوميّاً، كنتَ عادةً أتحادثُ قليلاً مع السّائقِ وأسألُ عن تجربتهِ، كانت الإجابةُ نفسها بشكلٍ شبهِ دائمٍ، "أنا أحبّ المرونةَ". توسّعُ اقتصاد العملِ الحرِّ ليسَ مفاجأةً، إذ يحبُّ النّاسُ المرونةَ في عملهم ولن ينتهي ذلكَ، سواءَ كانت ترتيباتُ العملِ مستقلّةً أو مؤقّتةً أو عقودَ عملٍ، يمكننا توقّعُ أن تنمو فرص الأعمالِ الإضافيّةِ في عام 2024، وتشكّلُ جزءاً أكبرَ من سوقِ العملِ، والمنصّات التي تمكّن السّوقَ لهذا النّوعِ من العملِ المرنِ ستستمرُّ في الظّهورِ لتلبيةِ احتياجاتِ هذا القطّاعِ المتزايدِ.
شاهد أيضاً: إعادة تصوّر مكان العمل بروحٍ مرونةٍ جديدةٍ خلال فترة العودة إلى المكتب
5. تغيير في القيادة من الأجيال المولودة بعد الحرب إلى أجيال Z
مع استمرارِ تقاعدِ أفرادِ جيلِ ما بعدَ الحربِ، ستتجهُ الأدوارُ القياديّةُ بشكلٍ متزايدٍ نحو الجيلِ X، وأجيالِ الألفيّةِ، وجيلِ Z المعروفِ أيضاً بـ "زومرز Zoomers"، مما يجلبُ تحولاتٍ جيليّةٍ في التّفضيلاتِ وأساليب العملِ، سيكوّنُ هذا نقطةَ انعطافٍ لكثيرٍ من المؤسّساتِ حيثُ سيتعيّنُ عليها التّكيفُ بسرعةٍ مع أساليبَ الإدارةِ لتناسبَ اللحظةَ بشكلٍ فعّالٍ.
كيفيّةُ قيادةِ الأشخاصِ ستكونُ هامّةً بشكلٍ خاصٍّ نظراً لأنّ الكثيرَ من القادةِ الأكبرَ سناً يعبرونَ عن عدمِ فهمهم للزومرز. وعندما نأخذُ في اعتبارنا أنّ الزومرز سيشكلون 25% من قوى العملِ بحلولِ عامِ 2025، يجبُ أن يتعلّمَ القادةُ بسرعةٍ عن هذهِ الفئةَ، الزومرز أكثرَ ميلاً للاهتمامِ بمسائلِ التنوّعِ والعدالةِ والشّموليّةِ، والمرونةِ، والشّركاتِ التي تستندُ إلى القيمِ؛ إذ إنّ فهم احتياجاتِ قوى العملِ من الزومرز وكيفيّةِ تفاعلِ القادةِ معها سيكونَ أمراً حيوياً.
ليسَ الأمرُ فقط أنّ أفراداً جدداً يتحرّكونَ إلى أدوارٍ قياديّةٍ جديدةٍ، بل إنّ ذلكَ يحدثُ في أكثرِ الأوقاتِ تحديّاً وتعقيداً. والعملُ عن بعد يعدُّ وقتاً مربكاً للكثيرِ من القادةِ، خاصةً مع دخولِ الزومرز الشّبابِ إلى سوقِ العملِ والذين لا يمتلكونَ الخلفية المتعلّقة ببنيةِ الدّعمِ المشتركِ في المكتبِ، والتي تشجّعُ على نموّهم وتطويرِ الآدابِ المهنيّةِ.