مفهوم الريادة المجتمعية: الأهداف والتحديات بالمنطقة العربية
تبرز ريادة الأعمال الاجتماعية لتحقق نوعاً من التوازن مع ريادة الأعمال التجارية بهدف الوصول إلى عالم يمنح فرصاً متكافئة للجميع
ماذا عن أهميَّة ومفهوم الريادة المجتمعية وما هي الأهداف والتَّحدّيات في المنطقة العربيَّة، التي تبدو أحوج ما يكون إلى مشاريع الريادة الاجتماعية، التي تبحث عن عالم يكتنفه المساواة والشُّمول، وأفراد يعملون على تعزيز المسؤوليَّة البيئيَّة والاجتماعيَّة، إنَّ أهميَّة ومفهوم الريادة المجتمعية والأهداف والتَّحدِّيات في المنطقة العربيَّة، لا يمكن أن يتَّسع مقالٌ واحدٌ للحديث عنه، لكن ربَّما نساعدكم في الحصول على بعض المؤشِّرات والانطباعات.
ما معنى ريادة الأعمال المجتمعية؟
يشير معنى ريادة الأعمال المجتمعية، إلى الأنشطة والفعاليَّات المتَّخذة لاكتشاف وتحديد واستثمار الفرص، من أجل تعزيز الثَّروة الاجتماعيَّة، عبر إنشاء مشاريع جديدةٍ أو إدارة المنظَّمات القائمة بطريقةٍ مبتكرةٍ، وبخلاف ريادة الأعمال التَّقليديَّة، تلتزم ريادة الأعمال الاجتماعيَّة التزاماً وثيقاً بإحداث تغييراتٍ اجتماعيَّةٍ دائمةٍ وإيجابيَّةٍ.
ريادة الأعمال الاجتماعية هي عبارةٌ عن منظَّماتٍ أنشأها ويديرها أفرادٌ داخل المجتمع المحليّ، وتُصنَّف على أنَّها واحدةٌ من أهمّ قوى التَّغيير، فهي تعمل على سدّ الفجوة بين الأعمال التّجاريَّة التي يُحرِّكها الرّبح وبين التَّأثير الاجتماعيّ.
في مشهد ريادة الأعمال النَّامي، تدرك الحكومات بشكلٍ متزايدٍ إمكانات روَّاد الأعمال الاجتماعيين في إحداث التَّأثير الإيجابيّ داخل المجتمع، فجهود روَّاد الأعمال الاجتماعيين تعدُّ حاسمةً في معالجة التَّحدّيات الاجتماعيّة المعقَّدة، خصوصاً وسط مواجهة قيود التَّمويل والخدمات اللُّوجستيَّة. [1]
يمكن القول، إنَّ ريادة الأعمال الاجتماعية ليست ترفاً، بل ضرورةً قصوى، فهي تعمل على إعادة تشكيل كيفيَّة عمل الشَّركات والاقتصادات في مختلف أنحاء العالم، وتقدّم حلولاً غالباً ما تتجاهلها النَّماذج الاقتصاديَّة التَّقليديَّة، في حين يلعب الشَّباب دوراً محوريّاً في هذه الحركة، ومن خلال تبنِّي ريادة الأعمال الاجتماعية، نستطيع خلق مستقبلٍ أكثر شمولاً واستدامةً وازدهاراً للجميع.
شاهد أيضاً: ريادة الأعمال المستدامة: الأهمية والتحديات
الفرق بين الريادة الاجتماعية وريادة الأعمال التجارية
يشمل الفرق بين الريادة الاجتماعية وريادة الأعمال التجارية، العديد من البنود، فريادة الأعمال الاجتماعية إلى عمليَّة تحديد ومعالجة التَّحدّيات الاجتماعيَّة أو البيئيَّة أو الثَّقافيَّة، باستخدام حلولٍ مبتكرةٍ ومستدامةٍ قابلةٍ للتَّطوير، ويهدف روَّاد الأعمال الاجتماعيين إلى إحداث تأثيرٍ إيجابيٍّ في المجتمع، وبمعظم الأحيان يمنحون الأولويَّة للتَّأثير الاجتماعيّ على الرّبح.
أمَّا ريادة الأعمال التجارية، فهي السَّعي لبدء وإدارة الأعمال التجارية بهدفٍ أساسيٍّ يكمن في تحقيق الرِّبح وخلق الثَّروة، ويُركّز روَّاد الأعمال على تحديد الفرص، وإنشاء منتجاتٍ أو خدماتٍ مبتكرةٍ، وتعظيم العائدات الماليَّة لأنفسهم ولمستثمريهم، ومن بين الفروق الأخرى بينهما: [2]
من حيث | الريادة الاجتماعية | ريادة الأعمال |
الهدف الأساسيُّ | يعطي روَّاد الأعمال الاجتماعيين الأولويَّة للتَّأثير الاجتماعيِّ، ويسعون لإحداث تغييرٍ دائمٍ في المجتمع عبر معالجة القضايا الملحَّة. | بينما يركِّز روَّاد الأعمال على توليد الأرباح، ويهدفون في المقام الأوَّل إلى تحقيق أقصى قدرٍ ممكنٍ من العوائد الماليَّة. |
مصادر التَّمويل | يعتمد روَّاد الأعمال الاجتماعيين على المِنح أو التَّبرُّعات أو الاستثمارات المؤثِّرة لتمويل مشاريعهم. | يحصل روَّاد الأعمال على التَّمويل عادةً من مصادر تقليديَّةٍ، مثل أصحاب رؤوس الأموال الاستثماريَّة أو المستثمرين الملائكيين أو القروض. |
توزيع الأرباح | يعيد روَّاد الأعمال الاجتماعيُّون استثمار غالبيَّة أرباحهم مرَّةً أخرى في مهمتهم الاجتماعيَّة، ويستخدمونها لتوسيع نطاق تأثيرهم أو دعم المبادرات ذات الصِّلة. | يوزِّع روَّاد الأعمال الأرباح على المساهمين وأصحاب المصلحة، مع التَّركيز في كثير من الأحيان على خلق الثَّروة الشَّخصيَّة. |
مقاييس الأداء | يقيس روَّاد الأعمال الاجتماعيين النَّجاح بناءً على التَّأثير الاجتماعيِّ الَّذي يحدثونه. | يقيس روَّاد الأعمال النَّجاح من خلال المؤشِّرات الماليَّة مثل الإيرادات وهامش الرِّبح وحصَّة السُّوق. |
الهيكل التَّنظيميُّ | تتّخذ مشاريع ريادة الأعمال الاجتماعيَّة أشكالاً قانونيَّةً مختلفةً، مثل المؤسَّسات الاجتماعيَّة غير الرِّبحيَّة أو الرِّبحيَّة أو النَّماذج الهجينة. | تدور ريادة الأعمال عادةً حول كياناتٍ هادفةٍ للرِّبح مثل الشَّركات أو الشَّركات ذات المسؤوليَّة المحدودة. |
أصحاب المصلحة | يعطي روَّاد الأعمال الاجتماعيين الأولويَّة لاحتياجات المجتمعات والأفراد، وغالباً ما يتعاونون مع مختلف أصحاب المصلحة لتحقيق أهدافهم. | يركِّز روَّاد الأعمال في المقام الأوَّل على مصالح المساهمين والمستثمرين. |
الاختلاف والفروقات بين المفهومين، لا يُمكن أن يلغي أوجه التَّشابه الكبيرة بينهما، وإن كان اختلاف النَّظرة حول الرّبح حاسماً بينهما، فإنَّ تنميَّة المجتمع والارتقاء به أمرٌ حاسمٌ لكلا النَّوعين، ومن نقاط التَّشابه الأخرى أيضاً: [2]
- الابتكار، حيث يعمل روَّاد الأعمال الاجتماعيين والتّجاريين، على ابتكار الخدمات أو الحلول لتلبية الاحتياجات في قطَّاعاتهما.
- تحمل المخاطر، فكلا النَّوعين يتحمَّلون المخاطر لدى إطلاق المشاريع الجديدة أو توسيع الحاليَّة.
- سعة الحيلة، كلاهما يستفيدان من الموارد والشَّبكات المتاحة لزيادة التَّأثير سواءً كان ماليّاً أو اجتماعيّاً.
- التَّوجُّه نحو السُّوق، فروَّاد الأعمال الاجتماعيين والتِّجاريين يجب أن يفهموا احتياجات السُّوق وتفضيلاته لتصميم عروضهم.
- الاستدامة، كلاهما يحتاجان لضمان الاستدامة طويلة المدى لمشاريعها عبر الإدارة الفعَّالة والتَّخطيط الاستراتيجيّ والتَّكيُّف.
باختصارٍ، يحتاج المجتمع لكلا النَّوعين، بينما يبرز دور السُّلطات المحليَّة في محاولة تحقيق أكبر قدرٍ من التَّوازن بين تواجد ريادة الأعمال الاجتماعيَّة والتِّجاريَّة، بما يضمن بدوره توازن المجتمع بين الأرباح الماديَّة والاستفادة النَّفسيَّة.
من هي الفئات المستهدفة من الريادة الاجتماعية؟
تشمل الفئات المستهدفة من الريادة الاجتماعية، كل عناصر المجتمع تقريباً، خصوصاً الفئات المهمَّشة التي تقع في أسفل الهرم الاجتماعيّ، أي أكبر مجموعةٍ اقتصاديّةٍ لناحية العدد، إلا أنَّها تعدُّ الأفقر. ومن تلك النُّقطة يستهدف روَّاد الأعمال الاجتماعيين القضايا الاجتماعيَّة، مثل: [3]
- القضاء على التَّشرُّد في المجتمع.
- الحدُّ من العوائق التي تحول دون توظيف الأفراد الفقراء.
- تحسين النَّتائج الصِّحيَّة لأفراد المجتمع.
- التَّقليل من تأثير الشَّركات والمعامل على البيئة.
وبالعموم فإنَّ ريادة الأعمال الاجتماعية تستهدف الأقليَّات والنّساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصَّة، كذلك البيئة والثَّقافة والمجتمع ككلّ، وتقدّم خدماتها المستدامة، وبخلاف المنظَّمات الخيريَّة التي تمنح المال لتلك الفئات، فإنَّ ريادة الأعمال الاجتماعيَّة تساعدهم على التَّمكين الاقتصاديّ والحصول على عملٍ أو فرصة دخلٍ اعتماداً على مهاراتهم أو مواهبهم.
أهمية ريادة الأعمال المجتمعية
تبرز أهميَّة ريادة الأعمال المجتمعية في عالم يتصدَّره أصحاب رؤوس الأموال، وعوضٌ من سعي روَّاد الأعمال الاجتماعيين للثَّراء والمنفعة الخاصَّة، يرهنون أعمالهم لمساعدة غيرهم، وإحداث نوعٍ من التَّوازن في المجتمع. وعلى الرَّغم من أهميَّتها البالغة، لكن لا يجب المبالغة في انتظار أن تحدث تغييراً إيجابيّاً كبيراً داخل المجتمع، الذي يحتاج للنُّهوض إلى دور السُّلطات المحليَّة بشكلٍ حاسمٍ.
بالعموم تكمن أهمية ريادة الأعمال الاجتماعية في: [4]
- معالجة القضايا الاجتماعيَّة والبيئيَّة والهادفة الملحَّة، مثل الفقر وعدم المساواة وتغير المناخ، عبر استخدام الأفكار المبتكرة.
- سدُّ الثَّغرات في المنظَّمات الحكوميَّة وغير الرّبحيَّة، حيث تقف الريادة الاجتماعية كوسيطٍ يوفِّر الكفاءة والفعاليَّة.
- تعزيز النموّ الاقتصاديِّ المستدام، من خلال إنشاء أعمالٍ تجاريّةٍ تدرُّ الأرباح وتلبِّي الاحتياجات الاجتماعيَّة في الوقت ذاته.
- تمكين الأفراد والمجتمعات، من خلال تحسين التَّقدُّم الاقتصاديّ وتنمية المهارات والاكتفاء الذَّاتي.
- تحفيز التَّغيير المنهجيّ والابتكار، حيث يتحدَّى روَّاد الأعمال الاجتماعيين الأساليب التَّقليديَّة في حلّ المشكلات ويبحثون عن بدائل مستدامةٍ وشاملةٍ ومنصفةٍ.
نعم، لا يمكن المبالغة في توقُّع نتائج الريادة الاجتماعية، بالمقابل لا يمكن النَّظر إلى ريادة الأعمال المجتمعية على أنَّها مجرَّد بدعةٍ عابرةٍ، إنَّما ينبغي النَّظر إليها بوصفها عنصراً أساسيّاً في عالمٍ سريعِ التطور، خصوصاً أنَّها تحدث تأثيراً ملموساً وطويل الأمد عبر معالجة المشكلات البيئيَّة والاجتماعيَّة، وسدّ الثَّغرات التي خلَّفتها الأنظمة التَّقليديَّة، إضافةً إلى تزويد المجتمعات بمسارٍ نحو تحقيق العدالة والمساواة.
أهداف ريادة الأعمال الاجتماعية
لا تبتعد أهداف ريادة الأعمال الاجتماعية كثيراً عن أهداف ريادة الأعمال التجارية، لناحية الارتقاء بالمجتمع والخدمات، طبعاً إذا تجاهلنا هدف الرّبح الذي لا توليه الريادة الاجتماعية الأهميَّة الكبرى. وبالعموم يمكن القول إنَّ أهداف الريادة الاجتماعية، تتمثَّل بالآتي: [5]
- البحث عن مقارباتٍ جديدةٍ، لمعالجة المشاكل البيئيَّة والاجتماعيَّة الصَّعبة.
- إحداث تأثيرٍ إيجابيٍّ دائمٍ في المجتمع، من خلال تحسين حياة المجتمعات المحرومة والفقيرة وجعل العالم مكاناً أفضل للحياة.
- تعزيز التَّمكين والشُّموليَّة في المجتمع، والحرص على عدم ترك أيّ شخصٍ في الخلف.
- إحداث تغييرٍ مستدامٍ طويل المدى، عبر خلق نماذج وأنظمةٍ لخدمة المجتمع تدوم أطول فترة ممكنة.
- تعزيز الرعاية الاجتماعية، مع إظهار شعورٍ قويٍّ بالمسؤوليَّة تجاه البيئة والعمل على تحقيق أهداف الاستدامة.
- إنشاء الشَّبكات التَّعاونيَّة؛ لأنَّ التَّغيير الفعَّال يتطلَّب التَّعاون مع مجموعةٍ متنوِّعةٍ من أصحاب المصلحة.
إذاً، ريادة الأعمال المجتمعية تبدو متحمِّسة جداً، لإحداث التَّغيير الإيجابيّ؛ ولأجل ذلك يعمل روَّادها في البحث عن حلولٍ إبداعيَّةٍ، تضمن تعزيز المسؤوليَّة البيئيَّة والشُّموليَّة والتَّمكين.
سمات وخصائص ريادة الأعمال المجتمعية
الابتكار والمرونة من أهمّ سمات وخصائص ريادة الأعمال المجتمعيَّة، بالمقابل هناك الكثير من السّمات والخصائص الأخرى التي تجعلها متفرِّدةً عن الأخرى الخاصَّة بريادة الأعمال التّجاريَّة. وفيما يلي أبرز الخصائص والسّمات لريادة الأعمال الاجتماعيَّة النَّاجحة: [6]
- الشَّغف والعاطفة، الذي يحفِّز روَّاد الأعمال الاجتماعيين على الاستمرار على الرَّغم من العقبات والتَّحدِّيات.
- الابتكار والإبداع، واحتضان الفشل كفرصةٍ للتَّعلُّم، ممَّا يساعد على تطوير نظامٍ جديدٍ لحلِّ المشكلات الاجتماعيَّة إحداث تغييرٍ مهمٍّ.
- المرونة والمثابرة، اللذان يساعدان على مواجهة التَّحدّيات والنَّكسات، والقدرة على التَّعافي ومتابعة المهمَّة الاجتماعيَّة.
- التَّعاون، للاستفادة من نقاط قوَّة الآخرين لتحقيق تأثيرٍ أكثر قوَّةً وأهميَّةً، ويمكن التَّعاون مع الأفراد والمنظَّمات لتحقيق الأهداف المشتركة
- الذَّكاء التّجاريُّ، لدفع النُّموِّ والاستدامة في المؤسَّسات الاجتماعيَّة.
إنَّ تطوير تلك السِّمات والخصائص بالنّسبة لروَّاد الأعمال الاجتماعيين، يعدُّ أمراً ضروريّاً وحاسماً، في حال أرادوا إحداث التَّأثير الدَّائم والمنشود وإنشاء قيمةٍ اجتماعيّةٍ ذات معنى.
شاهد أيضاً: ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة: ما الفروق بينهما
أنواع مشاريع ريادة الأعمال الاجتماعية وأمثلة عنها
تبرز ريادة الأعمال المجتمعية، كواحدةٍ من أنواع مشاريع ريادة الأعمال الاجتماعيَّة، إلَّا أنَّها ليست الوحيدة، فهناك ريادة الأعمال الاجتماعيَّة غير الرّبحيَّة، وريادة الأعمال الاجتماعية التَّحويليَّة، كذلك ريادة الأعمال العالميّة. [7]
ريادة الأعمال الاجتماعية المجتمعية
تسعى إلى تلبية الاحتياجات الاجتماعيَّة لمجتمع ما داخل منطقةٍ جغرافيَّةٍ صغيرةٍ، ويمكن أن تطلقَ عدَّة مبادراتٍ رياديّةٍ، مثل خلق فرص عمل للأشخاص المهمَّشين، وبناء مركزٍ مجتمعيٍّ. وعادةً ما يكون روَّاد الأعمال الاجتماعيين في هذا النَّوع أفراداً أو منظَّماتٍ صغيرةً، ومن أمثلتها قروض التَّمويل الأصغر، التي تُقدِّم حلولاً ماليَّةً للسُّكَّان المحليين الذين ليس لديهم إمكانيَّة الوصول إلى الخدمات المصرفيَّة.
ومن مميزات هذا النَّوع، أنَّ التَّغيير فيه يصبح مرئيّاً على الفور، ويُمكن رؤية نتائج تلك المشاريع الاجتماعية فوراً بمجرَّد الحصول على التمويل.
ريادة الأعمال الاجتماعية غير الرّبحيَّة
يُركِّز هذا النَّوع على المكاسب الاجتماعيَّة وليس الماديَّة، ويمنح روَّاد الأعمال هنا الأولويَّة للرفاهية الاجتماعية على احتياجات العمل التَّقليديَّة، حيث يعملون على إعادة استثمار الأرباح في الأعمال التجارية لتسهيل التَّوسُّع الإضافي في الخدمات.
عادة ما يكون روَّاد الأعمال في هذا النَّوع، عبارةً عن شركاتٍ ومنظَّماتٍ تختار استخدام قوَّتها للصَّالح العامّ، ومن أمثلتها شركة Goodwill Industries ، التي بدأت عام 1992 في توظيف السُّكَّان الفقراء للعمل بالسّلع المتبرَّع بها وإعادة استثمار الأرباح في برنامج التَّدريب الوظيفيّ.
ريادة الأعمال الاجتماعية التحويلية
تركِّز ريادة الأعمال الاجتماعية التَّحويليَّة على الأعمال التِّجاريَّة التي تستطيع تلبية الاحتياجات الاجتماعيَّة، التي لا تلبّيها الحكومات والشَّركات الأخرى، وغالباً ما تتطوَّر ريادة الأعمال غير الرّبحيَّة مع الوقت إلى النّوع التحويلي.
وتُعدُّ المسرّعات مثل Social Innovation Warehouse ، أحد الأمثلة الرَّائعة على ريادة الأعمال الاجتماعيَّة التَّحويليَّة، حيث يمكِّنون روَّاد الأعمال الآخرين لإحداث التَّأثير الإيجابيّ؛ ممَّا يؤدّي لاحقاً إلى إنشاء نظامٍ من الشَّركات المترابطة التي تُركِّز على المزايا الاجتماعيَّة.
ريادة الأعمال الاجتماعية العالمية
يسعى هذا النَّوع من ريادة الأعمال الاجتماعية، إلى تغيير الأنظمة الاجتماعيَّة بالكامل، بهدف تلبية الاحتياجات الاجتماعيَّة الرَّئيسيَّة على مستوى العالم، وغالباً ما ينتهي الأمر بالشَّركات الكبرى إلى التَّركيز على التَّغيير الإيجابيِّ في المجتمع عوضاً عن التَّركيز على الأرباح، ويحدث هذا حين تدرك مسؤوليَّتها الاجتماعيَّة، ومن أمثلة هذا النَّوع مؤسَّسة Bill Gates.
وتقوم تلك المؤسَّسات أو الشَّركات بتلبية احتياجاتٍ عالميَّةٍ لمنتج ما، مثل تأمين الوصول المجانيِّ إلى التَّعليم أو المياه النَّظيفة، وهو الهدف النَّبيل العابر للقارَّات، وينبغي الانتباه لأمرٍ غايةٍ في الأهميَّة، الفشل هنا خطر للغاية، ففي حال فشل روَّاد الأعمال الاجتماعيين العالميين في تحقيق الهدف، فإنَّ فشلهم سيكون له تأثيرٌ أكبر بكثيرٍ من فشل المنظَّمات الأصغر.
ومن الواضح أنَّ ريادة الأعمال الاجتماعية تمتلك هدفاً نبيلاً للغاية في جوهرها، وهنا يجب ألَّا نُغفل التَّمييز بين ريادة الأعمال الاجتماعية التي تمتلك هدفاً نبيلاً بالفعل، وتلك التي تعمل لتحقيق أهدافٍ سياسيَّةٍ أو انتخابيَّةٍ تحت ستار العمل الإنسانيّ.
أهم المشاريع الريادية المجتمعية الناجحة في الوطن العربي
تركِّز أهمُّ المشاريع الريادية المجتمعية النَّاجحة في الوطن العربيّ، على البيئة بشكلٍ رئيسيٍّ، وتبرز العديد من المشاريع المؤثّرة خصوصاً في دول الخليج العربيّ، مثل:
شركة تدويم Tadweem في السعودية
شركة تدويم السُّعوديَّة الرَّائدة، تتخصَّص في الموضة البيئيَّة، وتهدف إلى تقديم حلولٍ مبتكرةٍ في استدامة الموضة، وابتكار منتجاتٍ صديقةٍ للبيئة. وتستقبل الشَّركة الملابس والمنسوجات التي يمكن بيعها لإعادة استخدامها مجدَّداً، بهدف التَّقليل من التَّأثير الإجماليّ للملابس على البيئة، كما يمكن إعادة الملابس غير المناسبة لتصبح مواكبةً للموضة.
شركة نباتك في السعودية
نباتك، التابعة لشركة netzero عبارةٌ عن مشروعٍ رياديّ اجتماعيّ، يستهدف البيئة، ويعمل على تسهيل عمليَّة التَّشجير وإتاحتها للجميع، وجعل الزّراعة في متناول يد كلِّ أفراد المجتمع.
المشروع الرِّياديُّ الَّذي يعدُّ الأوَّل من نوعه في السُّعوديَّة، تقوم آلية العمل فيه على اختيار الشَّخص نوع الشَّجرة التي يريد زراعتها، ومن ثُمَّ الدَّفع عبر الإنترنت، ليقوم الفريق بزراعة الشَّجرة، وتتراوح الكلفة بين 20 إلى 25 ريالاً سعودياً.
شركة الفراشة في الإمارات
تعدُّ شركة الفراشة للتَّوظيف أوَّل منصَّةٍ في دولة الإمارات العربيَّة المتَّحدة، لتوظيف ذوي الاحتياجات الخاصَّة أو ذوي الهمم، وتقول إنّها تعمل لإنشاء مكان عملٍ، يشعر فيه كلُّ شخصٍ من ذوي الهمم بالتَّقدير والاحترام والاندماج.
منظمة نماء للنهوض بالمرأة في الإمارات
منظَّمة نماء للنهوض بالمرأة، هي منظَّمةٌ حكوميَّةٌ وواحدةٌ من أبرز مشاريع الريادة الاجتماعية في الإمارات، حيث تعمل على سدّ الفجوات العالميَّة بين الجنسين، وتوفير بيئةٍ تمكينيَّةٍ للنّساء، لمساعدتهنّ في إطلاق مشاريعهنّ الخاصَّة.
في العالم العربيّ تحديداً، تبرز أهميَّة مشاريع الريادة الاجتماعية، بوصفها أحد الطُّرق غير الحكوميَّة النَّاجحة، في مساعدة الأفراد الأكثر هشاشةً وفقراً على مواجهة التَّحدِّيات الماديَّة والاجتماعيَّة التي يُمكن أن تصادفهم.
تحديات الريادة الاجتماعية في المنطقة العربية
الحصول على التَّمويل، واحدٌ من أهمِّ تحديات الريادة الاجتماعية في المنطقة العربيَّة، فالبيئة العربيَّة تمنح ريادة الأعمال الاجتماعيَّة فرص الموت تماماً كما تمنحها فرص النُّموّ والازدهار. وبالعموم يُمكن تلخيص التَّحدّيات في ثلاث عقباتٍ رئيسيَّةٍ، هي: [8]
- افتقاد البنية التَّحتيَّة لريادة الأعمال الاجتماعية، إذ إنَّ هناك عدداً قليلاً من الدَّاعمين في المنطقة العربيَّة، مثل حاضنات المؤسَّسات الصَّغيرة، وشبكات المستثمرين الملائكيين، وصناديق التّكرار، وغيرها.
- الأطر السّياسيَّة والتَّنظيميَّة مقيَّدةٌ، ولحلّ هذه العقبة يجب تعديل قوانين سوق رأس المال لتشجيع صناديق الاستثمار الاجتماعيّ على المشاركة، علماً أنَّه بموجب القوانين الحاليَّة بمعظم الدُّول العربيَّة، لا يُسمح للمنظَّمات غير الحكوميَّة بالاكتفاء الذَّاتيّ من خلال النَّماذج الهجينة، وما تزال تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على الجهات المانحة.
- الثَّقافة والأنظمة التَّعليميَّة السَّائدة، لا توفّر بيئةً داعمةً لازدهار عمل مشاريع الريادة الاجتماعية، وتحتاج إلى تشجيع الفكر النَّقديِّ ومهارات التَّفكير المنطقيّ لتطويرها في المناهج الدّراسيَّة.
الحاجة لريادة الأعمال الاجتماعية في المنطقة العربيَّة تبدو ماسَّةً بالفعل، خصوصاً وسط النّزاعات والحروب التي أعاقت عمليَّة التَّنميَّة الاجتماعيَّة بكثيرٍ من البلدان العربيَّة، بالمقابل فإنَّ فرص الريادة الاجتماعية ما تزال محدودةً للغاية، وهذا ما يجب أن يسترعي انتباه السُّلطات لدعمها واحتضانها.
نصائح للنجاح في مجال الريادة المجتمعية
تقديم نصائح للنَّجاح في مجال الريادة الاجتماعية، ربَّما هو آخر ما يريد روَّاد الأعمال الاجتماعيين سماعه؛ لذا دعونا نقول إنَّها عبارةٌ عن إرشاداتٍ ذهبيَّةٍ لضمان نجاح روَّاد الأعمال في المجال الاجتماعيّ، وهي: [9]
- تحديد المشكلة التي يحتاج المجتمع إلى حلِّها.
- ثق بنفسك، وقدِّم الاهتمام والرِّعاية لشركتك كأنَّها طفلك الصَّغير.
- التَّخطيط الجيِّد والفعَّال لإطلاق الحلول أو المشاريع الرّياديَّة.
- أطلق شركتك واستثمر قضيتك وأضف قيمة إيجابية جديدة للعالم
- استخدم عملك لردِّ الجميل، وهذا ما سيحدث بمجرَّد تشغيل الشَّركة.
وسط هذا لا تيأس أمام المطبَّات، وتذكَّر أنَّك بصدد القيام بمهمَّةٍ نبيلةٍ لا يمتلك كثيرٌ من البشر الآخرين القدرة حتَّى على التَّفكير بها، أن تكون رائد أعمال اجتماعيٍّ، يعني أنَّك شخصٌ إنسانيٌّ تميل لمساعدة الآخرين ومجتمعك.
في النِّهاية، ولدى الحديث عن ريادة الأعمال الاجتماعية أو حتَّى التِّجاريَّة، من الضَّروريِّ إدراك أنَّ كلا النَّوعين يساهمان بشكلٍ إيجابيٍّ في المجتمع، لكنَّ فهم الاختلافات الرَّئيسيَّة وأوجه التَّشابه بينهما، يمكن أن يعطي روَّاد الأعمال الطَّموحين فكرةً لاتِّخاذ قرارهم بأيِّ مجالٍ يريدون الخوض فيه، وبالعموم فإنَّ أفضل خيارٍ يمكن اتِّخاذه هو ذلك الذي يتوافق مع ميولنا وشغفنا.
-
الأسئلة الشائعة
- ماذا تستفيد الدول من ريادة الأعمال المجتمعية؟ تستفيد الدول من ريادة الأعمال الاجتماعية، في كون لأخيرة تخلق قيمة اقتصادية، عبر إيجاد فرص عمل، وإنتاج الدخل ورعاية شبكة كاملة من شركاء العمل، كما يساهم رواد الأعمال الاجتماعيون في التجديد الاقتصادي للمنطقة أو البلد الذي يعيشون ويعملون فيه.
- هل توجد مشكلة في تطبيق ريادة الأعمال المجتمعية؟ من حيث المبدأ لا توجد أي مشكلة في تطبيق ريادة الأعمال المجتمعية، لكن يمكن أن تواجه العديد من التحديات، نظراً لطبيعتها الديناميكية، وتعتبر المنافسة أحد أبرز التحديات.
- ما أهمية ريادة الأعمال للفرد والمجتمع؟ تخلق ريادة الأعمال الاجتماعية قيمة لكل من المجتمع والأفراد، عبر توليد تأثير اجتماعي وبيئي، كما يمكن أن تلهم الناس وتمكنهم، خصوصاً المهمشين والمحرومين.
- ما هي أهم مبادئ الريادة الاجتماعية؟ تقوم ريادة الأعمال الاجتماعية، على ثلاث مبادئ رئيسية، هي: الهدف، المعتقد، والحجم، وتعتبر الريادة الاجتماعية مزيج من الغرض الاجتماعي والنطاق الريادي.