الرئيسية التنمية مقابلة عمل: كيف يتقن مدراء التوظيف فن صيد الكفاءات المميزة؟

مقابلة عمل: كيف يتقن مدراء التوظيف فن صيد الكفاءات المميزة؟

مقابلة العمل ليست مجرّد إجراءٍ روتيني، بل هي خطوةٌ حاسمةٌ في رحلة صيد الكفاءات التّي يحتاجها كلّ مدير توظيف لضمان نجاح فريقه وشركته

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

ربما تنظر إلى كل مقابلة عمل على أنّها مجرّد عملية تبادل أسئلةٍ وأجوبة، لكنّ الأمر مختلفٌ لدى مدير التّوظيف المحترف الّذي يرى فيها أشبه بعملية التّنقيب عن الذّهب، ففي هذه اللّحظات الحاسمة يتسلّح المدير بمجموعةٍ من الأدوات الذّكية والأسئلة المدروسة التّي تمكّنه من فرز الكفاءات وإيجاد المرشّح الّذي سيضيف اللّمسة المثالية لفريق العمل. 

ولكن كيف يضمن المدير أنّ هذه العمليّة ستنتهي باكتشاف الكنز البشري الّذي يبحث عنه؟ هنا يكمن السّر: تحضير أسئلة مقابلة العمل بشكلٍ إبداعي وواعٍ يجعل من كلّ سؤال فرصةً لكشف المهارات الشّخصية، ومدى التّوافق مع ثقافة الشّركة، في هذا المقال، سنأخذك في جولةٍ ممتعةٍ لاستعراض أسرار مدراء التّوظيف في التّحضير لمقابلة تضمن اختيار أفضل المواهب.

مقابلة عمل: كيف تبدأ عملية تحضير الأسئلة؟

تحضير أسئلة مقابلة عمل فعّالة، أشبه بفتح قفلٍ ذهبيٍّ يؤدّي مباشرةً إلى اختيار المرشّح المثالي للوظيفة والشّركة، فهذه الأسئلة المصمّمة بعناية ليست مجرّد أدوات استجوابٍ عابرة، بل هي نوافذٌ تُفتح على عوالم المرشّح؛ تستعرض قدراته، وتكشف عن تجاربه السّابقة، وتقيّم مدى انسجامه مع روح وثقافة الشّركة، وهنا يكمن الفنّ الحقيقي في طرح الأسئلة: معرفة كيفيّة صياغتها بأسلوبٍ ذكيٍّ يتيح للمرشّح إظهار أفضل ما لديه، ممّا يساعد في اتّخاذ قرار التّوظيف بكلّ ثقةٍ واطمئنان.

ولأنّ إعداد هذه الأسئلة ليس لعبة حظٍّ، إليك بعض الخطوات الذّهبية التّي يمكن اتّباعها عند كتابة أسئلة مقابلة العمل، لضمان اختيار المرشّحين الّذين سيضيفون قيمة حقيقية لفريقك [1].

مراعاة احتياجات الشّركة

لكلّ وظيفةٍ متطلّباتٌ فريدة، ولكلّ شركةٍ ثقافةٌ خاصّة، لذا، من المهم أن تتعرّف على ما تحتاجه الشّركة فعلياً من موظّفيها لتتمكّن من صياغة أسئلة تساعدك في العثور على المرشّح الأمثل، حاول أن تجري بحثاً حول طبيعة الوظيفة وثقافة الشّركة لتوجيه أسئلتك بشكلٍ دقيق، كما يمكنك التّفكير في الأسئلة التّالية أثناء تحضير المقابلة:

  • ما هي القيم الأساسيّة للشّركة؟ على سبيل المثال، قد تكون الشّركة تبحث عن موظّفين يتمتّعون بالنّزاهة، ويعاملون الآخرين باحترام.
  • كيف يمكن للموظّف الجديد دعم الفريق الحالي؟ ربما يحتاج الفريق إلى شخصٍ يتعاون بشكلٍ فعّال، ويتمتّع بمهاراتٍ تنظيميّةٍ قويّة.
  • أين يفتقر الفريق أو الشّركة حاليّاً إلى الدّعم؟ على سبيل المثال، قد يستفيد الفريق من شخصٍ لديه القدرة على تحليل الميزانيات وتسوية التّقارير ربع السّنوية.
  • ما هي المهام الموصوفة في المسمّى الوظيفي؟ على سبيل المثال، قد تتطلّب الوظيفة تقديم خدمة عملاء والقيام بمهامٍ إداريّةٍ لدعم المكتب الأمامي.

تقييم الوظيفة المتاحة

خُذ بعض الوقت لتقييم المهام والمتطلّبات والأهداف المرتبطة بالوظيفة المتاحة، قد يكون من المفيد إعداد قائمة بالواجبات والمؤهّلات المطلوبة، على سبيل المثال، إذا كنت مسؤولاً عن توظيف مساعدٍ إداري، يمكنك إعداد قائمة المهام والمتطلّبات التّالية:

المهام:

  • استقبال العملاء عند دخولهم المبنى
  • الرّد على المكالمات الهاتفيّة وتحويلها
  • مراقبة جداول الوكلاء وتنسيق المواعيد

المؤهلات:

  • شهادة دبلوم في إدارة المكاتب أو خبرة عمل مكافئة
  • خبرة في خدمة العملاء
  • معرفة أساسيّة ببرامج وأجهزة المكتب
  • القدرة على تنفيذ مهام متعددة
  • مهارات تنظيميّة واتصاليّة

تحديد المرشح المثالي

بعد تحديد المهام والمؤهّلات، حدّد نوع المرشح الّذي قد يتناسب بشكلٍ أفضل مع الدّور، فكّر في الصّفات التّي يمكن أن تساعد المرشّح في تلبية أو تجاوز توقّعات الوظيفة، اسأل نفسك أسئلة مثل:

  • هل تتطلّب الوظيفة العمل بشكلٍ فردي أو ضمن فريق؟
  • ما هي استراتيجيات التّنظيم التّي يمكن أن يستخدمها المرشّح ليكون ناجحاً؟
  • هل يتطلّب الدّور تدريباً سريعاً لتعلّم المهام؟
  • هل بيئة العمل سريعة الإيقاع أم أكثر استرخاءً؟
  • هل تتطلّب الوظيفة شخصاً يعمل جيداً تحت الضّغط؟
  • ما هو جدول العمل؟ هل يتضمّن ساعات طويلة أو سفراً؟

تخصيص الأسئلة حسب الوظيفة

بوصفك مسؤولاً عن إجراء مقابلة العمل، أنت معنيٌ يتحديد نغمة المقابلة وضبطها، لذا احرص على صِياغة أسئلتك بطريقةٍ تعكس فيها بيئة العمل وثقافة الشّركة، حتى يتمكّن المرشّحون من فهم ما يمكن توقّعه من الوظيفة الجديدة، ولا تنسى أنّه من شروط صياغة أسئلة مقابلات العمل أن تكون على درايةٍ تامّةٍ بتفاصيل الوظيفة التّي يتنافس عليها المرشّحون.

على سبيل المثال، إذا كنت تجري مقابلة مع مرشّحين لوظيفة التّسويق الرّقمي، فقد تركّز أسئلتك على مهاراتهم التّحليليّة والإبداعيّة في التّخطيط للحملات الإعلانيّة عبر الإنترنت، وفي المقابل، إذا كنت تبحث عن توظيف مصمّم غرافيك، ستوجّه أسئلةً لاختبار مدى إبداعهم وقدرتهم على تحويل الأفكار إلى تصاميم بصرية جذابة.

حاول تركيز أسئلتك بأكبر قدرٍ ممكن، فالأسئلة الفعّالة يمكن أن تكشف عن نقاط القوة والضّعف لدى المرشح، ممّا يساعدك على تحديد ما إذا كانت تتوافق مع متطلّبات الدّور وديناميكيات فريقك.

بهذه الطّريقة، يمكنك بناء مجموعة من الأسئلة التّي تساعدك على اختيار أفضل المرشحين بناءً على مهاراتهم وخبراتهم وتوافقهم مع بيئة العمل.

أنواع الأسئلة في أي مقابلة عمل: اكشف ما تريد عن المرشح!

إعداد أسئلة أيّ مقابلة عمل، يُعتبر فنّاً بحدّ ذاته، فالأسئلة المناسبة تساعد في الكشف عن شخصيّة المرشّح وخبراته وتحليل مدى ملائمته للوظيفة والشّركة.

وتتنوّع هذه الأسئلة بين تلك التّي تسلّط الضّوء على الخلفية المهنية والمهارات التّقنية، وتلك التّي تغوص في أعماق التّجارب السّلوكية والمواقف الافتراضيّة، ممّا يمنح المدراء صورةً أكثر شموليةً عن المتقدّمين، دعنا نأخذك في جولةٍ سريعةٍ على بعض أنواع الأسئلة الأكثر شيوعاً، والتّي يعتمدها مدراء التّوظيف عادةً عند التّحضير لمقابلة عمل [2].

الأسئلة الأساسية: بداية سلسة للتعرف على المرشح

الأسئلة الأساسيّة من أهم أسئلة الانترفيو، في تهدف إلى استكشاف خلفية المرشّح ومهاراته ودوافعه، إنّها الأسئلة التّي تفتح الحوار، وتمنحك فكرةً عامّة عن الشّخص الّذي أمامك. 

عادة ما يتضمّن هذا النّوع العديد من الأسئلة الشّائعة مثل: "حدّثني عن نفسك"، "ما هي نقاط قوتك وضعفك؟" و"ما الّذي دفعك للتقديم لهذه الوظيفة؟"، إذا لاحظت فإن هذه الأسئلة تعطيك لمحة عن شخصية المرشح ومدى حماسه للدور المطلوب.
انتبه جداً خلال وضع هذا النّوع من أسئلة مقابلة العمل، إذ إنه عليك المحافظة على بساطة هذه الأسئلة، حتى تشعر المرشح بالرّاحة، وتخلق جواً إيجابياً قبل التّعمق في مواضيع أكثر تفصيلاً.

كما يمكن أن يتضمّن هذا النّوع أسئلة أخرى تشمل المسار الوظيفي، مثل "لماذا تركت وظيفتك السّابقة؟" أو "ما هي أهدافك المهنية؟"، وهي أسئلة تساعدك في تقييم استقرار المرشح الوظيفي وطموحاته المستقبلية، وصدقني، قد تفاجأ بما تكتشفه إذا استمعت جيداً!

الأسئلة الأساسية تساعد على استكشاف خلفية المرشح ومهاراته، كما أنّها تفتح الحوار، وتمنحنا فكرةً عامّةً عن الشّخص.

الأسئلة السّلوكية: استعراض للتجارب السّابقة

تعتمد الأسئلة السّلوكية في كل مقابلة عمل على خبرات المرشح السّابقة للتنبؤ بأدائه المستقبلي، وغالباً ما تبدأ هذه الأسئلة بـ "حدثني عن موقف..." ثم تطلب من المرشح تقديم أمثلة عن كيفية تعامله مع مواقف معينة في الماضي. 

على سبيل المثال: "حدّثني عن موقفٍ تعاملت فيه مع مديرٍ متطلّبٍ"، أو "صف مشروعاً نجحت في إدارته من البداية حتى النّهاية"، هذه الأسئلة تساعدك في تقييم مهارات حل المشكلات والذّكاء العاطفيّ للمرشّح.

وإذا أردت نصيحةً مهمّةً، جرّب استخدام طريقة "الموقف، المهمة، الإجراء، النّتيجة" (STAR (Situation, Task, Action, Result)))  في صياغة الأسئلة، هذا سيشجّع المرشّحين على تقديم إجاباتٍ مرتّبةٍ وواضحةٍ ومليئةٍ بالتّفاصيل.

تساعد الأسئلة السّلوكية مدراء التّوظيف على التّنبؤ بالأداء المستقبلي للمرشح، وبالتّالي تعطينا فكرة إذا ما كان الشّخص المطلوب.

الأسئلة الافتراضية: وضع المرشح في مواقف تخيلية

تضع الأسئلة الافتراضيّة المرشّحين في مواقف تخيليّة تتعلّق بتحديّاتٍ قد يواجهونها في الوظيفة، لذلك يُنظر إليها على أنّها من أهمّ أسئلة الانترفيو أيضاً. 

على سبيل المثال: "إذا كنت تعمل على مشروعٍ ما وفجأةً قرّر العميل تغيير متطلّباته، كيف ستتعامل مع هذا التّغيير؟"، أو "ماذا تفعل إذا كنت غير موافقٍ على قرارٍ تم اتخاذه في الفريق؟"، هذه الأسئلة تظهر كيف يفكّر المرشّح بشكلٍ إبداعيٍّ، وكيف يمكنه التّصرف بمرونةٍ في مواقف غير متوقّعة.

لا بأس من طرح بعض الأسئلة الأكثر تحديا مثل: " إذا كنت مسؤولاً عن مشروعٍ وفجأةً واجهت نقصاً في الموارد، كيف ستتّخذ قراراً لتستمرّ في المشروع؟" أو " كيف تتعامل مع موقفٍ عندما تكتشف أنّ خطأك قد أثّر على الفريق بأكمله؟"، تذكّر أن أسئلة مقابلة العمل هذه تكشف عن قدرة المرشّح على التّفكير المنطقي وتقديم حلولٍ مبتكرة.

نصيحة، احرص على تخصيص الأسئلة الافتراضيّة لتتناسب مع طبيعة الوظيفة وتحدياتها الفعلية، ممّا يساعدك على تقييم المرشّح بشكلٍ أدق.

تكشف الأسئلة الافتراضية عن قدرة المرشّح على التّفكير المنطقي ومدى استعداده لتقديم حلول مبتكرة.

أسئلة حول التّطوير المهنيّ: معرفة طموحات المرشح

تهدف أسئلة التّطوير المهنيّ في كلّ مقابلة عملٍ إلى معرفة طموحات المرشّح ومدى اهتمامه بالنّمو داخل الشّركة، ومن الأمثلة على هذه الأسئلة: "كيف تتعامل مع الفشل؟ وما هو الدّرس الّذي تعلّمته من تجربة فشلٍ سابقة؟"، و"ما هو نوع المشروع أو العمل الّذي ترغب في تجربته، ولكنّه ليس جزءاً من دورك الحالي؟"، انتبه أنّ هذه الأسئلة تساعدك على اكتشاف ما إذا كانت تطلّعات المرشّح تتماشى مع رؤية شركتك وفرص النّمو المتاحة فيها.

أسئلة التّطوير المهنيّ قد تشمل أيضاً اهتمامات التّدريب، مثل "ما هي المهارات الجديدة التّي ترغب في اكتسابها أو تحسينها في الفترة القادمة؟"، أو طموحات القيادة مثل "هل لديك رغبةٌ في تولّي أدوارٍ إدارية في المستقبل؟"، مرّةً أخرى تذكّر أنّ إجابات هذه الأسئلة تساعد في تقييم ما إذا كان المرشّح سيبقى ملتزماً ومتحفّزاً على المدى الطويل، ممّا يساهم في تقليل معدل دوران الموظفين.

حاول تخصيص الأسئلة المتعلّقة بالتّطوير المهني بما يتماشى مع مسار شركتك وفرص النّمو الدّاخلية، حتى تتمكن من تقييم مدى ملاءمة المرشح على المدى الطويل.

أسئلة التّطوير المهني، تمنح مدير التّوظيف القدرة على اكتشاف ما إذا كانت تطلعات المرشح تتماشى مع رؤية الشّركة.

كتابة أسئلة مقابلة عملٍ فعّالة تعتبر المفتاح لاختيار أفضل المرشّحين الّذين لا يتناسبون فقط مع الدّور المطلوب، بل أيضاً مع ثقافة الشّركة وأهدافها المستقبليّة، لذا فإن فهم الأنواع المختلفة من الأسئلة، سواءً كانت أساسيّةً، سلوكيّةً، افتراضيّةً، أو تتعلّق بالتّطوير المهنيّ، يتيح لك جمع معلومات شاملة حول كلّ مرشّحٍ، مع هذه الأمثلة والنّصائح، يمكنك جعل عملية المقابلة أكثر فعاليةً وثراءً، ممّا يسهم في اتّخاذ قرارات توظيفٍ أفضل.

بعد كل هذا التّحضير، هل أنت مستعدٌّ للعثور على الكفاءة التّي ستحدث الفرق الحقيقي في فريقك؟

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: