12 يوماً من الابتكارات: OpenAI تُعيد تعريف الذكاء الاصطناعي

في 4 ديسمبر، صرّح سام ألتمان، الرّئيس التّنفيذيّ والمؤسّس المشارك لشركة "أوبن إيه آي" (OpenAI)، بأنّ الشّركة تخطّط لتقديم منتجٍ جديدٍ أو الكشف عن ميزةٍ مبتكرةٍ يوميّاً خلال أيّام العمل، بدءاً من 5 ديسمبر وحتّى 20 ديسمبر. وخلال الأسبوعين التّاليين، قدّم فريق "شات جي بي تي" (ChatGPT) سلسلةً من الابتكارات اللّافتة، شملت الإطلاق الرّسميّ لأوّل نموذجٍ للتّفكير المنطقي، بالإضافة إلى تقديم نسخةٍ مبتكرةٍ من "سانتا كلوز" (Santa Claus) مدعومةٍ بالذّكاء الاصطناعيّ.

كيف تستفيد الشّركات الصّغيرة من الذّكاء الاصطناعيّ؟

قدّمت فعاليّة "12 يوماً من أوبن إيه آي" (12 Days of OpenAI)، أو ما يعرف بـ"12 يوماً من شيبماس" (12 Days of Shipmas)، رؤيةً تمهيديّةً للشّركات الصّغيرة والمتوسّطة حول كيفيّة دمج الذّكاء الاصطناعيّ في نماذجها وخدماتها بحلول عام 2025 وما بعدها. ولمن يرغب في التّركيز فقط على الميزات الّتي تدعم إدارة الأعمال، يمكن الاطّلاع على الإعلانات الخاصّة باليومين الأوّل والسّابع.

اليوم الأوّل: "o1 + شات جي بي تي برو" (o1 + ChatGPT Pro)

أعلن سام ألتمان، في اليوم الأوّل من فعاليّة شيبماس، عن الإطلاق الرّسميّ لنموذج الذّكاء الاصطناعيّ o1، المصمّم لحلّ المشكلات بخطواتٍ منطقيّةٍ متعدّدةٍ. يتيح هذا النّموذج تطبيقاتٍ واسعةً، خاصّةً في مجالات البرمجة والهندسة، كما يمكن استخدامه في تحسين خدمات العملاء المدعومة بالذّكاء الاصطناعيّ، حيث يتمكّن من تحليل السّياسات واتّخاذ القرارات بناءً على تسلسلٍ منطقيٍّ.

طرحت نسخةٌ تجريبيّةٌ من نموذج o1 في سبتمبر الماضي، لكنّ الإصدار الرّسميّ جاء بتحسيناتٍ بارزةٍ في الرّياضيّات والبرمجة. كما قدّم ألتمان خدمة الاشتراك المميّزة شات جي بي تي برو، الّتي تتيح للمستخدمين، مقابل 200 دولارٍ شهريّاً، وصولاً غير محدودٍ إلى أفضل أدواتٍ ونماذج أوبن إيه آي، بما في ذلك o1. كما توفّر هذه الابتكارات للشّركات الصّغيرة والمتوسّطة فرصةً لاستغلال إمكانات الذّكاء الاصطناعيّ لتحسين الكفاءة وتعزيز العمليّات بطرقٍ مبتكرةٍ وفعّالةٍ.

اليوم الثّاني: "التّدريب المعزّز" (Reinforcement Fine-Tuning)

أعلنت أوبن إيه آي، في اليوم الثّاني من فعاليّاتها، عن تحديثٍ جديدٍ يتعلّق بإمكانات تخصيص نماذجها. يتيح هذا التّحديث للمستخدمين ضبط النّماذج باستخدام بياناتهم الخاصّة، حيث قدّمت الشّركة تقنيّةً جديدةً تحمل اسم "التّدريب المعزّز". تعتمد هذه التّقنيّة على تعزيز الأنماط الفكريّة الّتي تقدّم الأجوبة الصّحيحة، والحدّ من الأنماط الّتي تؤدّي إلى الأخطاء.

ذكر باحثا أوبن إيه آي، جون ألارد وجولي وانغ، في فيديو توضيحيٍّ أنّ الشّركة عملت مؤخّراً مع "تومسون رويترز" (Thomson Reuters) لتحويل نموذج o1 إلى مساعدٍ قانونيٍّ متخصّصٍ. وأكّد جون ألارد أنّ "النّماذج يمكنها، من خلال عددٍ محدودٍ من الأمثلة الّتي لا تتجاوز العشرات، تعلّم أساليب تفكيرٍ جديدةٍ وفعّالةٍ في مجالاتٍ مخصّصةٍ". لن تكون تقنيّة التّدريب المعزّز متاحةً للجمهور حتّى العام المقبل، إلّا أنّ الجامعات والباحثين والشّركات يمكنهم التّقدّم للحصول على وصولٍ مبكّرٍ للاستفادة من هذه التّقنيّة المبتكرة.

اليوم الثالث: "سورا" (Sora)

أعلنت شركة أوبن إيه آي في اليوم الثّالث من الفعاليّات عن إطلاق النّموذج المُنتظر بشدّةٍ لتوليد الفيديوهات، سورا، ممَّا جعله الإعلان الأكثر إثارةً وضجيجاً لهذا الموسم. وسبق أن كشفت الشّركة عن هذا النّموذج لأوّل مرّةٍ في فبراير الماضي، ومنذ ذلك الحين ترقّبه كثيرون بحماسٍ. حيث يتيح سورا لمشتركي "شات جي بي تي بلس" (ChatGPT Plus) و "برو" (Pro) إنشاء فيديوهاتٍ تصل مدّتها إلى 20 ثانيةٍ عبر إدخال نصوصٍ بسيطةٍ أو تحميل صورةٍ مرجعيَّةٍ.

شهد سورا إقبالاً كبيراً فور إطلاقه، ممَّا دفع أوبن إيه آي إلى تقييد الاشتراكات الجديدة مؤقّتاً لبضعة أيّامٍ. واختبرت مجلة "إنك" (.Inc) الأداة لاختبار فعاليّتها في إنشاء إعلانٍ لمشروعٍ وهميّ، لكنها وجدت أنّ النّموذج قد يحتاج إلى بعض التّحسينات قبل أن يصبح جاهزاً للاستخدام بشكلٍ مثاليٍّ.

اليوم الرّابع: تحديثاتٌ جديدةٌ لمنصّة "كانفاس" (Canvas)

طرحت أوبن إيه آي، في اليوم الرّابع من فعاليّتها، تحديثاتٍ مهمّةً لمنصّة كانفاس، وهي واجهةٌ ضمن شات جي بي تي تتيح له تنظيم المهامّ والعمل عليها داخل مستنداتٍ مخصّصةٍ بعيداً عن واجهة المحادثة التّقليديّة.

قدّمت الشّركة مثالاً توضيحيّاً، حيث طلب موظّفو أوبن إيه آي من شات جي بي تي كتابة قصّةٍ عن عيد الميلاد. أنشأ النّموذج استجابةً لذلك مستنداً جديداً بعنوان "قصّة عيد الميلاد للأقزام الحمقى" (Silly Elves Christmas Story). يستطيع المستخدمون تعديل المستند مباشرةً أو طلب تغييراتٍ إضافيّةٍ من شات جي بي تي، مع إمكانيّة إضافة تعليقاتٍ وملاحظاتٍ، تماماً كما هو الحال في "غوغل دوكس" (Google Docs) أو "مايكروسوفت وورد" (Microsoft Word).

وسّعت أوبن إيه آي نطاق استخدام منصّة كانفاس، الّتي كانت في السّابق متاحةً حصريّاً لمشتركي الخدمة المدفوعة، لتشمل الآن جميع المستخدمين، بما في ذلك المشتركين المجّانيّين.

اليوم الخامس: إطلاق شات جي بي تي ضمن تقنيّات أبل (Apple)

أطلقت أبل بالتّعاون مع أوبن إيه أي، نظام (iOS 18.2) الّذي يدمج وظيفة شات جي بي تي بشكلٍ فريدٍ في أحدث أجهزة آيفون (iPhone). احتفل سام ألتمان بهذا الإطلاق في اليوم الخامس، مشيراً إلى أنّ هذا التّعاون، الّذي أعلن عنه قبل أشهرٍ، تأخّر عن موعده، ممّا أدّى إلى شحن هواتف آيفون 16 في نوفمبر 2024 دون الميزات الذّكيّة الأكثر انتظاراً.

أضاف التّحديث الجديد ميزةً تفاعليّةً بين سيري (Siri) وشات جي بي تي، حيث تتيح سيري للمستخدمين الاستفادة من شات جي بي تي عند طرح أسئلةٍ لا تستطيع الإجابة عنها بشكلٍ فوريٍّ. كما توفّر التّقنيّة إمكانيّاتٍ متنوّعةً، مثل إعادة صياغة النّصوص، إنشاء محتوى جديدٍ كلّيّاً، أو استخدام كاميرا آيفون للإجابة عن استفساراتٍ تتعلّق بالمحيط. أصبح بإمكان مستخدمي آيفون الوصول إلى هذه التّقنيّة دون الحاجة إلى اشتراكٍ أو حسابٍ في شات جي بي تي، بينما يحصل المشتركون على ميزاتٍ أكثر تقدّماً لتجربةٍ محسّنةٍ.

اليوم السّادس: صوت متقدّم مع وضع "سانتا" (Santa)

أعلنت أوبن إيه آي عن تحديثٍ شاملٍ لوضع الصّوت المتقدّم، الّذي يتيح للمستخدمين إجراء محادثاتٍ طبيعيّةٍ مع أصواتٍ ذكيّةٍ تحاكي الصّوت البشريّ بدقّةٍ. تميّزت هذه الأصوات بإيقاعٍ طبيعيٍّ وفواصل للتّنفّس مع إمكانيّة مقاطعتها أثناء الحديث. أضافت أوبن إيه آي ميزةً جديدةً تتيح للمستخدمين بثّ الفيديو المباشر من هواتفهم إلى وضع الصّوت المتقدّم، ممّا يسمح لهم بمناقشة ما يحيط بهم مع هذه الأصوات الذّكيّة. كما شملت التّحديثات إمكانيّة مشاركة الشّاشة مع الذّكاء الاصطناعيّ، لتوسيع نطاق التّفاعل.

أطلقت الشّركة أيضاً صوتاً جديداً في وضع الصّوت المتقدّم لفترةٍ محدّدةٍ: صوت "سانتا". خلال شهر ديسمبر، أتاح التّحديث للمستخدمين النّقر على أيقونةٍ على شكل ندفة ثلجٍ داخل تطبيق شات جي بي تي لبدء محادثةٍ مرحةٍ ومبهجةٍ مع نسخةٍ صوتيّةٍ تجسّد شخصيّة كريس كرينغل.

اليوم السّابع: إطلاق ميزة "المشاريع" (Projects)

قدّمت أوبن إيه آي في اليوم السّابع ميزةً جديدةً تحمل اسم "المشاريع"، تهدف إلى تحسين تنظيم العمل وتعزيز التّعاون داخل المؤسّسات عبر منصّة شات جي بي تي. توفّر "المشاريع" مساحةً مخصّصةً تستخدم كمجلّداتٍ تجمع المحادثات المتعلّقة بموضوعٍ معيّنٍ مع الملفّات ذات الصّلة. عند طرح المستخدمين أسئلةً تتعلّق بمشروعٍ محدّدٍ، يستفيد شات جي بي تي من المحادثات والملفّات المرتبطة لتحسين جودة ودقّة إجاباته.

اليوم الثّامن: تطوير ميزات البحث للجميع

طرحت أوبن إيه آي، في اليوم الثّامن، تحديثاً يوسّع ميزات البحث في شات جي بي تي لتشمل جميع المستخدمين، بما في ذلك غير المشتركين في الخدمة المدفوعة. أصبحت المنصّة قادرةً على البحث عبر الإنترنت تلقائيّاً عند الحاجة إلى معلوماتٍ إضافيّةٍ للإجابة عن أسئلة المستخدمين. كما أضافت أوبن إيه آي خيار تفعيل ميزة البحث يدويّاً عبر النّقر على أيقونة الكرة الأرضيّة.

دمجت الشّركة أيضاً ميزة البحث في وضع الصّوت المتقدّم، ممّا يتيح للمستخدمين طلب البحث عبر الإنترنت من خلال التّفاعل مع الأصوات الذّكيّة للحصول على المعلومات بشكلٍ مباشرٍ وسريعٍ.

اليوم التّاسع: تحسيناتٌ شاملةٌ لواجهة برمجة التّطبيقات (API)

قدّمت أوبن إيه آي، في اليوم التّاسع، مجموعةً من التّحديثات المميّزة الموجّهة للمطوّرين، أعلن عنها أوليفييّه جودمون، رئيس واجهات برمجة التّطبيقات (API). أتاحت الشّركة نموذج التّفكير المتقدّم o1 عبر الواجهة ليحلّ محلّ النّسخة التّجريبيّة السّابقة. كما خفّضت تكلفة استخدام واجهة برمجة التّطبيقات للتّفاعل الفوريّ بنسبةٍ كبيرةٍ بلغت 60%، ممّا يتيح للمطوّرين إنشاء تجارب محادثةٍ سريعةٍ وفعّالةٍ بتكلفةٍ أقلّ.

اليوم العاشر: وسائل جديدةٌ للتّواصل مع شات جي بي تي

وفّرت أوبن إيه آي، في اليوم العاشر، وسيلةً جديدةً للتّفاعل مع شات جي بي تي عبر إطلاق رقمٍ مجّانيٍّ يمكن للجميع في الولايات المتّحدة الاتّصال به. يمكن للمستخدمين التّواصل مع شات جي بي تي بالاتّصال على الرّقم 1-800-CHAT-GPT (1-800-242-8478) لإجراء محادثةٍ عبر الوضع الصّوتيّ المتقدّم لمدّةٍ تصل إلى 15 دقيقةً. كما أضافت الشّركة خيار إرسال رسائل إلى شات جي بي تي عبر تطبيق "واتساب" (WhatsApp) باستخدام الرّقم نفسه، ممّا يجعل التّفاعل أكثر سهولةً ومرونةً.

اليوم الحادي عشر: قدرة شات جي بي تي للتّحكّم في التّطبيقات

أطلقت أوبن إيه آي، في اليوم الحادي عشر، تحديثاً جديداً لتطبيق شات جي بي تي على أجهزة الكمبيوتر المكتبيّة. مكّن التّحديث المستخدمين من توجيه التّطبيق للتّحكّم في برامج أخرى على أجهزتهم، ممّا يسمح بتنفيذ مهامٍّ متعدّدةٍ مثل البرمجة المباشرة عبر نافذة الأوامر "ترمينال" (Terminal) أو تحليل بياناتٍ في مستودعاتٍ كبيرةٍ، لتوسيع قدرات التّطبيق وتسهيل إنجاز المهامّ.

اليوم الثّاني عشر: الإعلان عن نموذج o3

أعلنت أوبن إيه آي، في اليوم الأخير من فعاليّات شيبماس، عن إطلاق نموذج التّفكير الأحدث o3. وأوضح سام ألتمان، بأسلوبٍ فكاهيٍّ، أنّ الشّركة تخطّت تسمية o2 احتراماً لشركة "تليفونيكا" (Telefónica) الإسبانيّة، في خطوةٍ تعكس التّقليد غير المألوف لأسماء نماذج أوبن إيه آي.

أكّد الباحث مارك تشين أنّ النّموذج الجديد o3 يتفوّق بشكلٍ ملحوظٍ على o1 في العديد من المجالات، منها البرمجة، إكمال الأكواد، العلوم، والرّياضيّات. كما كشفت الشّركة عن "o3 ميني" (o3 mini)، نسخةٍ أخفّ وأسرع مخصّصةٍ للمهامّ الأقلّ تعقيداً. ورغم أنّ النّماذج لن تكون متاحةً للجمهور قبل العام المقبل، فإنّها أصبحت متوفّرةً حاليّاً لاختبارات السّلامة العامّة.