ميزة Recall من Microsoft: خاصية جديدة تثير مخاوف الخصوصية
بينما تتيح لك Recall العودة بالزمن والعثور على ملفات مفقودة، تثير الميزة الجديدة المدعومة بالذكاء الاصطناعي مخاوف كبيرة بشأن الأمان
لم يمضِ وقتٌ طويلٌ منذ إعلان ميّزة الاستدعاء (Recall) من Microsoft الجديدة (كجزءٍ من خطّةٍ شاملة للذكاء الاصطناعي لمستقبل أجهزة الكمبيوتر)، الأمر الذي تسبّب في قلق المستخدمين. إذ تُعتمد ميّزة Recall من قبل تقنية الذكاء الاصطناعي لتتبّع جميع الأعمال، وهي مصمّمةٌ للمساعدة في العثور على المعلومات التي ربّما "فُقدت" أثناء العمل.
هذا يبدو مفيداً، ولكن بالتّأكيد له آثارٌ مقلقةٌ وحسّاسةٌ. حاليّاً، تُحقّق السّلطات البريطانيّة رسميّاً في المنتج الجديد، وستطلب من مايكروسوفت شرح إجراءات الأمان والخصوصيّة الخاصّة به.
وكان مكتب مفوّض المعلومات، الذي تصفه BBC News بأنّه "هيئة مراقبة البيانات" في البلاد، يجري تحقيقاتٍ مع Microsoft بعد ساعاتٍ من إعلان Recall. وقال متحدّثٌ باسم المكتب لـ BBC: إنّ الشّركات ملزمةٌ بإجراء تقييمٍ صارمٍ وتخفيف المخاطر على حقوق الأشخاص وحرياتهم قبل طرح منتجاتٍ جديدةٍ في السّوق. والجزء الضّمنيّ هنا هو أنّ حارس البيانات قلقٌ بشكلٍ واضحٍ من أنّ Recall قد لا يكون آمناً أو جيداً في تخزين معلومات المستخدم الحسّاسة بشكلٍ خاصٍّ.
إذ تعمل ميّزة Recall فقط على فئةٍ جديدةٍ من أجهزة الكمبيوتر Copilot + التي أعلنت عنها مايكروسوفت يوم الاثنين، وذلك لأنّ وحدات المعالجة العصبيّة الخاصّة الموجودة في هذه الأجهزة الجديدة مطلوبةٌ جداً، ممّا يسمح لها بإجراء حسابات الذكاء الاصطناعي المُعقّدة في الوقت الفعليّ. كذلك أجهزة مايكروسوفت المُحدّثة وأجهزة Surface Copilot+ من الشّركات الأخرى ليست بعد في السّوق، ولكن يُمكن طلبها مسبقاً.
يأخذ النّظام بشكلٍ أساسيٍّ لقطات شاشةٍ منتظمةً ومتكرّرةً لما يحدث على شاشة الكمبيوتر ويحفظها. بعد ذلك، إذا كنت بحاجةٍ إلى العودة إلى لحظةٍ معيّنةٍ في الجلسة الفعليّة، فيُمكنك العودة إلى تلك النّقطة، لتتذكّر بالضّبط المكان الذي حفظت فيه هذا الملف المهمّ. أيّ شخصٍ استخدم جهاز حاسوب ويندوز لساعاتٍ متتابعةٍ لإنشاء عرض تقديمي معقّدٍ مليءٍ بالنّصوص والصّور والرّسوم البيانيّة وأشرطة الفيديو، سيجدُ صعوبةً في الرّجوع إلى نقطةٍ محدّدةٍ. فعلى سبيل المثال، يُمكن للشّخص أن يطلبَ من الذكاء الاصطناعي، العثور على مواد معيّنةٍ في الجدول الزّمنيّ بالنّسبة له، بحيث لا يضطر حتّى لتتبّعها في ذاكرته الخاصّة.
ومع ذلك، تقول مايكروسوفت إنّ ميّزة Recall لا تسترجع أشياء معيّنةٍ مثل الجلسات "الخاصة" على المتصفّح أو الأفلام المحميّة بحقوق الطّبع والنّشر التي يتم بثّها عبر خدماتٍ مثل نيتفليكس، ولكنّها لا تمنع بياناتٍ هامّةٍ من الظّهور لديها، مثل المستندات الحساسة أو أرقام بطاقات الائتمان أو صور الهوية الحكومية. وسيؤدّي هذا التّمييز قريباً إلى قلق الهيئة التّنظيميّة البريطانيّة وعامّة النّاس، حيث يُمكن لأيّ شخصٍ لديه حقّ الوصول إلى جهاز حاسوبٍ يعمل بالذكاء الاصطناعي أن يكونَ له تأثيرٌ سلبي بمجرّد تصفّح الملفّات الحسّاسة للمستخدم في الوقت المناسب.
وأشار الخبراء الذين تحدّثوا إلى BBC إلى أنّ هناك العديد من المخاوف الأخرى الأكثر تعقيداً، إذ تتجاوز الكشف البسيط عن وظائف Recall للمعلومات الشّخصيّة، مثل البيانات الماليّة.
المعلومات الصّحيّة، أو حتّى تاريخ التّصفح، هي الآن نقطةَ قلقٍ لأولئك الذين يبحثون عن مواضيع ذات طبيعةٍ سياسيّةٍ مثل الإجهاض. ويُمكن أن تكشف وظيفة Recall عن معلومات الشّركة السّرية على حاسوب العمل وأيّ شخصٍ يقوم بإجراء مكالمة فيديو يُسجّل بالفعل صور الآخرين دون موافقتهم. ومن الممكن أيضاً، في بعض الظّروف، أن تحتاجَ وكالات إنفاذ القانون إلى الوصول إلى سجلات Recall للبحث عن معلومات جنائيّةٍ عن الأشخاص.
حتّى إيلون ماسك، الذي عادةً ما يكون حريصاً على الذكاء الاصطناعي، وينفق مبالغ ضخمةً لبناء ذكاء اصطناعي يُسمّى Grok في منصّة التّواصل الاجتماعيّ إكس، تحدّث قائلاً إنّه لا يحبّ فكرة Recall. وردّاً على مقطع فيديو يروج للنّظام الجديد من مايكروسوفت، قال: "هذه حلقةٌ من سلسلة Black Mirror"، وذلك في إشارةٍ إلى برنامج الخيال العلميّ الذي يستعرض سيناريوهاتٍ سلبيّة مرتبطةً بالعالم الرقميّ، كما قال إنّه لا بدّ من إيقاف تشغيل هذه الميزة. لاحظ سخرية كلمة "ميّزة" هنا.
تكهّن موقع PCMagazine الإخباريّ بأنّ ماسك كان يشيرُ إلى حلقةٍ معيّنةٍ من المسلسل Black Mirror، تدور أحداثها في عام 2050. النّاس لديهم الجهاز العصبي الذي يُسجّل كلّ ما يشعرون به، ويسمح لهم بإعادة ذكرياتهم في وقتٍ لاحقٍ. ومن الجدير بالذّكر أيضاً أنّ شركة ماسك Neuralink تطوّر غرسات الأعصاب، التي تهدف في هذه الحالة إلى مساعدة الأشخاص المصابين بالشلل على استعادة الحركة والتّحكم في العضلات.
دافعت Microsoft عن ميّزة Recall، مُدعيّةً على موقعها عبر الإنترنت أنّها تُخزّن البيانات محليّاً فقط على حواسيب المستخدمين. وقال عملاق التّكنولوجيا مايكروسوفت، يُمكن للمستخدمين اختيار عدم السّماح لـ Recall بتسجيل موقعٍ معيّنٍ، على سبيل المثال. وتقول أيضاً إنّ الخصوصيّة مدمجةٌ في التّصميم. ومع ذلك ،مع تواتر الهجمات الإلكترونيّة التي تُظهر في الأخبار، مثل حالات سرقة المعلومات الطّبية الحسّاسة من أنظمة الحاسوب من قبل لصوص الإنترنت المُتقدّمين الجدد والخلفية العامّة لعدم اليقين بشأن أمن الذكاء الاصطناعي، ومن غير المرجّح أن تبيعَ مايكروسوفت ميزة Recall للشّركات التي تعتمدُ على الوصول إلى المعلومات السّرية للمستخدمين والموظّفين العاديين، فهذا الأمر يُمكن أن يكونَ صعباً.