نسبة السيولة: كيف تُحّدد المخاطر وجدوى الاستثمار في الشركات؟
فئةٌ من المقاييس الماليَّة تُحدّدُ قدرة المدين أو الشَّركات على سداد التزامات الدَّين الحاليَّة، ممّا يُحدِّد نسبة الأمان مع التَّعرُّف على نسبة التدفق النقدي التشغيلي
مفهوم نسبة السيولة شديدُ الضَّرورة لفئةٍ كبيرةٍ من الاقتصاديّين، سواءً المُستثمرون أو مديرو الشَّركات أو المحلِّلين الماليّين أو المؤسَّسات الماليَّة من بنوكٍ وغيرها، فهي الَّتي تمنحُ مؤشِّراً لمعرفة الأداء الماليّ للشَّركة، وتحديد المخاطر السُّوقيَّة المُحتملة، وتحديد فجواتِ السّيولة وتحسين التَّدفُّق النَّقديّ، كما تستخدمها الجهات الرَّقابيَّة والتَّنظيميَّة والحكوميَّة لمراقبة أداء شركاتٍ معيَّنةٍ في أسواقٍ مُحدَّدةٍ خلال فترةٍ زمنيَّةٍ معيَّنةٍ.
فما هو مفهوم نسبة السيولة وما القانون الَّذي تقومُ عليه؟ وأهمُّ أنواعها وطرق قياس مخاطرها؟ ووسائل حسابها والطُّرق المتَّبعة في هذا الشَّأن؛ لتحقيق أفضل فوائد لكلّ المعنيين بالشُّؤون الاقتصاديَّة؟ كلُّ هذا وأكثر سنتعرَّفُ عليه الآن.
تعريف نسبة السيولة
نسبة السيولة هي فئةٌ من المقاييس الماليَّة، والَّتي بناءً عليها تتحدُّدُ قدرة المدين أو الشَّركات أو البنوك على سداد التزامات الدَّين الحاليَّة أو تحويلِ الأصولِ إلى أموالٍ سائلةٍ بسرعةٍ وكفاءةٍ ودون خسائر، فهي تُحدِّد نسبة الأمان للشَّركة سواءً الحاليَّة أو السَّريعة مع التَّعرُّف على نسبة التَّدفُّق النَّقديّ التَّشغيليّ الَّذي يدخلُ في العمليَّات الحيويَّة دون ديونٍ. [1]
وتعدُّ نسب السيولة مفيدةً للغاية عند استخدامها في شكل مقارناتٍ سواءً داخليَّة في السُّوق نفسهُ أو الصِّناعة ذاتها، أو خارجيّاً مقارنةً بأسواقٍ وصناعاتٍ أُخرى، فمثلاً يضمن التَّحليل الدَّاخلي لنسب السيولة في فتراتٍ محاسبيَّةٍ مُعيَّنةٍ تقدير قوَّة الشَّركة، وبالتَّالي تتبُّع التَّغييرات في الأعمال، وعموماً تُشير نسب السيولة المرتفعة إلى قدرةٍ أكبر للشَّركة على تغطية الدُّيون المستحقَّة والاستمرار بكفاءةٍ في العمليَّات التَّشغيليَّة.
ومن ناحيةٍ أُخرى يضمن التَّحليل الخارجيُّ مقارنة نسبة السيولة لشركةٍ واحدةٍ إلى أُخرى أو للصِّناعة بأكملها، ممَّا يُفيد في التَّعرُّف على الموقع الاستراتيجيّ للشَّركة مقارنةً بمنافسيها عند تحديدِ الأهداف المعياريَّة.
ما هي أنواع نسبة السيولة؟
مع نسب السيولة عادةً ما تُقارن الالتزاماتُ المتداولةُ بالأصول السَّائلة، وهذا لتقييم القدرة على تغطية الدُّيون والالتزامات قصيرة الأجل في حالة الطَّوارئ، وهناك عدَّة أنواعٍ لنسبة السيولة، إلَّا أنَّ أشهرها أربعةٌ: [2]
نسبة السيولة الحالية
وهي تُعرفُ أيضاً بنسبةِ رأس المال العامل، وهي مقياسٌ لقدرة الشَّركة على سداد التزاماتها خلال الاثني عشر شهراً المُقبلة، ويستخدمُ الدَّائنون عادةً هذه النِّسبة لتقييم ما إذا كان يُمكن تقديم ديونٍ قصيرة الأجل للشَّركة، كما تُوفِّر معلوماتٍ بشأن الدَّورة التَّشغيليَّة للشَّركة، وتُحسب عبر قسمة الأصولِ المُتداولةِ على الالتزامات المُتداولةِ.
نسبة السيولة السريعة
ويُطلق عليها أيضاً اسم نسبة اختبار الأسيد، وتُستخدم لتحديدِ ما إذا كانت الشَّركةُ أو المؤسَّسةُ لديها ما يكفي من الأصولِ السَّائلة الَّتي يُمكن تحويلها إلى نقدٍ سريعاً للوفاء بالمستحقَّات قصيرة الأجل، فهي أكثر صرامةً من النِّسبة الحاليَّة؛ لأنَّها تستبعدُ المخزون، والَّذي قد لا يُمكن تحويلهِ إلى نقدٍ سريعٍ، فتقارنُ الالتزامات قصيرة الأجل مع الأصول قصيرة الأجل أيضاً، دون أيّ أصولٍ طويلة الأجل، وتُحسب بقسمة الأصول القصيرةِ المٌتداولةِ على الالتزاماتِ المُتداولةِ.
نسبة النقد أو نسبة السيولة المطلقة
وهي مقياسٌ لسيولة الشَّركة، والَّتي تُحدِّد قدرتها على تصفية الدُّيون والتَّخلُّص منها باستخدام الأصول السَّائلة فقط والمُتمثِّلة في النَّقد والأوراق الماليَّة القابلة للتَّداول، ويستخدمها الدَّائنون لتحديد السُّهولة النِّسبيَّة الَّتي تتمتَّع بها الشَّركة لتصفية الالتزامات قصيرة الأجل، وتُحسب بقسمة النَّقد وما يعادلهُ على الالتزامات المُتداولة.
صافي نسبة رأس المال العامل
وهي من أنواع نسبة السيولة المُستخدمة لتحديد ما تملكه الشَّركة من نقدٍ أو أموالٍ كافيةٍ لمواصلة عمليَّاتها التَّشغيليَّة بصرف النَّظر عن الدُّيون، وتُحسب هذه النِّسبة بطرح الالتزامات المُتداولة من الأصولِ المُتداولة.
قانون نسب السيولة
هناك أكثر من قانونٍ لحساب نسبة السيولة: [3]
- النِّسبة الحاليَّة= الأصول المتداولة / الالتزامات المتداولة.
- النِّسبة السَّريعة= (النَّقد+الأوراق الماليَّة القابلة للتَّسويق+الحسابات المدينة) / الالتزامات المتداولة.
- نسبة النَّقد= (النَّقد + الأوراق الماليَّة القابلة للتَّسويق) / الالتزامات المتداولة.
- صافي رأس المال العامل = الأصول المتداولة – الالتزامات المتداولة.
وعلى الرَّغم من أنَّ السيولة لا ترسم الصُّورة الكاملة لمدى صحَّة الأعمال، إلَّا أنَّ هذه القوانين المُستخدمة تُعدُّ نقطة انطلاقٍ جيِّدةٍ لتقييم الشَّركة من قبل المستثمرين، فتوضِّح المبالغ الماليَّة المُتاحة للشَّركة وحساباتها الجاريَّة وقدرتها التَّشغيليَّة.
كيفية حساب نسب السيولة
كلُّ نوعٍ من أنواع نسبة السيولة يُقدِّم صيغةً مختلفةً قليلاً لتقسيمِ الأصول على الالتزامات، فإذا كانت النِّسبة أعلى من 1:1، فهذا يدلُّ على أنَّ الشَّركة لديها أصولٌ متداولةٌ كافيةٌ لتغطية التزاماتها المتداولة، وإذا كانت النِّسبة أقل من 1:1، فهذا يدلُّ على أنَّ الشَّركةَ ليس لها أصولٌ كافيةٌ لتغطية التزاماتها سواءً نقديَّة أو معادن أو شهادات أو غيرها، وتتمثَّلُ كيفيَّة حساب كلُّ نوعٍ من أنواع نسبة السيولة في الآتي:
- في النِّسبة الحاليَّة: يُقترح أن تكونَ النِّسبة الحاليَّة المثاليَّة للشَّركة هي 2 في الكثير من الصِّناعات، بينما تُشير القيمة الأقلُّ من 1 إلى أنَّ الشَّركة تواجهُ صعوبةً في تلبية التزاماتها المتداولة.
- في النِّسبة السَّريعة: يجب أن تكونَ النِّسبة السَّريعة المثاليَّة هي واحد (1) بالنّسبة لشركةٍ مستقرَّةٍ ماليّاً.
- نسبة النَّقد: ويجب أن تكونَ الشَّركة هنا قادرةٌ على الوصول إلى حساباتها الماليَّة في فترةٍ زمنيَّةٍ قصيرةٍ دون تعقيداتٍ.
نسبة السيولة في الأجل القصير والطويل
تُحدَّد نسبة السُّيولة في الأجل القصير والطَّويل الكثير من المعايير المُتعلِّقة بالاستثمار في الشَّركة أو منحها القروض أو التَّعامل معها في الأسواق ومعرفة التَّحديِّات الَّتي تواجهها وغيرها، وفي كلِّ حالةٍ تُستخدم طريقة حساب سيولةٍ مختلفةٍ، وفيما يلي توضيح تأثير نسبة السيولة على المديين القصير والطَّويل:
السيولة على المدى القصير
نسب السُّيولة على المدى القصير تُوفِّر لمحةً سريعةً عن الوضع الاقتصاديّ للشَّركة دون الخوض في تحليلاتٍ ماليَّةٍ مُعقَّدةٍ، كما تُسهِم في تقييم الصّحَّة الماليَّة للشَّركة ومستوى المخاطر، فتشيرُ نسبة السيولة المرتفعة إلى أنَّ الشَّركةَ تمتلكُ أصولاً سائلةً كافيةً للتَّعامل مع التزاماتها قصيرة الأجل بشكلٍ مريحٍ، إلَّا أنَّه من الضَّروريّ الانتباه إلى أنَّ الصّحَّة الماليَّة للشَّركة لا يُمكن أن تتلخَّصَ ببساطةٍ في رقمٍ واحدٍ، إلَّا أنَّ نسبةَ السيولة يُمكن أن تُبسِّطَ عمليَّة تقييم أداء الشَّركة. [4]
كما توفِّر نسب السيولة على المدى القصير سهولة المقارنة بين الشَّركات والصِّناعات ومقاييس المنافسين وتحديد نقاط القوَّة والضَّعف والمجالات الَّتي تحتاجُ إلى التَّحسين. فمثلاً يُمكن مقارنة النّسبة الحاليَّة لشركة مايكروسوفت مع النّسبة الحاليَّة لشركة غوغل لقياس هيكلة كلِّ شركةٍ بطريقةٍ مختلفةٍ، ممَّا يُشكِّل جزءاً من اتِّخاذ القرار عند الرَّغبة في الاستثمار في أيٍّ من تلكَ الشَّركتين.
السيولة على المدى الطَّويل
وهي تتعلَّقُ بالهيكل الماليّ للشَّركة، وتقيس نسبة السيولة طويلة الأجل مدى تمويل رأس المال المُستخدم في الشَّركة، وهل يأتي من المساهمين أم من الأرباح المُحتجزة أم من خلال التَّمويل والاقتراض طويل الأجل، وهي تهتمُّ بكلٍّ من نسبة المديونيَّة وتغطية الفوائد. [5]
نسبة المديونية
هي تساوي الدُّيون طويلة الأجل / (حقوق الملكيَّة+ الديون طويلة الأجل) مع ضرب النَّاتج في 100. وتقيس نسبة المديونيَّة نسبة رأس المال المُستخدم من الدُّيون، وكلَّما ارتفعت نسبة المديونيَّة، فإنَّ هذا يدلُّ على زيادة اعتماد الشَّركة على القروض والتَّمويل طويل الأجل، وبالتَّالي ارتفعت نسبة المخاطر بسبب زيادة تقلُّب الأرباح.
وهنا يواجهُ المديرون عادةً معضلةً صعبةً، إذ تتطلَّب معظم الشَّركات ديوناً طويلة الأجل لتمويل عمليَّات النُّموّ، إذ إنَّ الأسهم بمفردها لا تكون كافيةً، إلَّا أنَّ الاقتراض يزيد من المخاطر الماليَّة، وهنا يُمكن عبر تحديد نسبة السيولة قياس نسبة المخاطر وما حجم الدُّيون الَّذي يُمكن للشَّركة تحمُّله وفقاً للأصول الَّتي تمتلكها.
تغطية الفوائد
في حين أنَّ نسبة المديونيَّة تقيس المستوى النِّسبيَّ للدُّيون والتّمويل طويل الأجل، فإنَّ نسبة تغطية الفوائد تقيس تكلفة الدُّيون طويلة الأجل مقارنةً بالأرباح، وبالتَّالي تحديد قدرة الشَّركة على تحمُّل فوائد القروض، ويُمكن حسابها بالمعادلة التَّالية:
تغطية الفوائد= صافي الرِّبح قبل الفوائد والضَّرائب / الفائدة المدفوعة.
شاهد أيضاً: استراتيجيات التمويل المثلى للمشروعات الريادية
قياس نسب مخاطر السيولة
يتمثَّلُ قياس نسب مخاطر السيولة في الوعي بسلبيَّاتها، فهذه النّسب تُوفِّر رؤيةً ثابتةً لمركز الشَّركة في وقتٍ مُحدَّدٍ، دون أن تأخذَ في الاعتبار الطَّبيعة الدّيناميكيَّة للعمليَّات التِّجاريَّة واختلاف مواعيد التَّدفُّقات النَّقديَّة، فهي تُركِّز فقط على السيولة قصيرة الأجل، وعادةً ما تُقاس نسب مخاطر السيولة بالطُّرق الآتية: [6]
تحديد القدرة على تغطية الالتزامات قصيرة الأجل
وهنا يرغبُ الدَّائنون والمستثمرون في رؤية نسب سيولةٍ مرتفعةٍ مثل 2 و3، وكلَّما ارتفعت النِّسبة تأكَّدت قدرة الشَّركة على دفع فواتيرها قصيرة الأجل، أمَّا النّسبة الأقلُّ من 1، فتعني أنَّ الشَّركة تواجه رأس مالٍ عاملٍ سلبيّاً، وسوف تواجهُ أزمة سيولةٍ.
تحديد الجدارة الائتمانية
يُحلِّل الدَّائنون نسب السيولة؛ لتحديد ما إذا كان ينبغي عليهم تقديم الائتمان للشَّركة أم لا، وبالتَّالي فإنَّ أيَّ إشارةٍ إلى عدم الاستقرار الماليِّ للشَّركة، فإنَّه قد يؤدِّي إلى حرمانها من الحصولِ على القروض.
تحديد الجدارة الاستثمارية
يحلِّل المستثمرون الشَّركة باستخدامِ نسب السيولة مع وضع رأس المال العامل في الاعتبار، إذ يجبُ أن تتمتَّعَ الشَّركة بقدرةٍ على دفع فواتيرها قصيرة الأجل مع مساحةٍ إضافيَّةٍ أيضاً دون زيادةٍ كبيرةٍ في الوقتِ ذاتهِ، فإذا كانت نسبة سيولة شركةٍ ما 8:5، فقد يرى المستثمرون أنَّ هذه النِّسبة مُبالغٌ فيها، وتدلُّ على عدم قدرة الشَّركة على الاستثمار الجيّد، ممَّا يُؤثِّر بالتَّالي على قيمتها على المدى الطَّويل.
-
الأسئلة الشائعة
- ما هي مؤشرات السيولة؟ مؤشرات السيولة هي المؤشّراتُ التي تقيسُ ضغط البيع والشّراء للشّركات، وهذا من خلال تحليل السّعر وحجم المبيعات، ويُحدّد رقماً بين 0 و100، وعندما يصلُ إلى 80، فإنّ هذا يعني ذروة الشّراء، وعندما يصلُ إلى 20، فإن هذا يعني ذروة البيع.
- ما هي نسبة تغطية السيولة؟ سبة تغطية السيولة هي نفسها نسبة السيولة التي تحتاجُ إليها كلّ من الشّركات والبنوك والهيئات الماليّة؛ لتغطية التزاماتها، سواء على المدى القصير أو الطّويل وسداد ديونها في موعدها دون اقتراضٍ أو خسائر في الأصولِ.