نصائح مجنونة تساعدك في إدارة المواهب: كيف تجعل فريقك يلمع!
استراتيجيَّات شاملة لجذب الأفراد الموهوبين وتطوير مهاراتهم، مما يضمن بناء بيئات عملٍ مثاليّةٍ قادرةٍ على تحقيق أهداف الشّركات وتطلعاتها
فنُّ إدارة المواهب، هو ما يجعل الشَّركة مكاناً ترغبُ أن تقضي فيه وقتكَ حتَّى عطلات نهاية الأسبوع! تعتقدُ أنَّي أبالغ قليلاً، أتَّفقُ معك إلى حدٍّ ما، أعدُّه تعبيراً مجازيّاً يُوضِّح أهميَّة إدارة المواهب الَّتي تعملُ على إيجاد أفضل الأشخاص، ومنحهم الأدوات الَّتي يحتاجونها للابتكار، والتَّفوُّق، والشُّعور بالسَّعادة، كما لو كانوا في رحلةٍ مثيرةٍ كلِّ يومٍ.
ما هي إدارة المواهب؟
إدارة المواهب هي عمليَّةٌ استراتيجيَّةٌ شاملةٌ تهدفُ إلى جذب الأفراد الموهوبين، وتطوير مهاراتهم، وتحفيزهم للاحتفاظ بهم داخل الشَّركة، وتعمل إدارة المواهب على خلق بيئة عملٍ مثاليةٍ تُمكِّن الموظَّفين من تحقيق إمكاناتهم الكاملة، والمساهمة بفاعليَّةٍ في تحقيق أهداف الشَّركة، وتشملُ هذه الإدارة التَّوظيف الذَّكيّ، والتَّدريب المستمرُّ، والتَّقييم المنتظم للأداء، ووضع خططٍ للتَّعويض والتَّحفيز، أي ببساطةٍ إدارة المواهب هي فنُّ تمكين الأفراد لتقديم أفضل ما لديهم، وبالتَّالي دفع المنظَّمة نحو التَّميز والابتكار. [1]
تخيَّل أنَّ الأمر يشبهٌ كما لو أنَّك تبحثٌ عن الكنز في جزيرةٍ نائيةٍ، بمجرَّد العثور عليه ستبدأ عمليَّة تلميع الجواهر فيه، ومن ثمَّ الاحتفاظ بها في مكانٍ لائقٍ، والكنز هو المواهب، وتلميعه هو الإدارة.
شاهد أيضاً: كيف تستقطب مواهب الجيل Z بثقافةٍ مستدامةٍ؟
خطوات إدارة المواهب
غالباً ما تكون عمليَّة إدارة المواهب دوريَّةً، تبدأ حين يتمُّ الاعتراف بالحاجة إلى المواهب، وتتطوَّر لسدِّ هذه الفجوة عبر تنمية وتحسين مهارات وخبرات الموظَّفين، سواءً كانوا جدداً أو قدامى، فدعونا نستعرضُ الخطوات الرَّئيسيَّة لإدارة المواهب بفعاليَّةٍ: [1]
- التَّخطيط: كأيّ عمليّةٍ تهدفُ لتحقيق نتيجةٍ محددةٍ، تبدأ عمليَّة إدارة المواهب بالتَّخطيط، ويتضمّنُ ذلكَ تحديد الفجوات في رأس المال البشريِّ، ووضع وصفٍ وظيفيٍّ للأدوار الرَّئيسيَّة، وتطوير خطَّةٍ للقوى العاملة لمبادرات التوظيف.
- الجذب: بناءً على الخطّة، تأتي الخطوة الطَّبيعيَّة التَّالية، وهي تحديد ما إذا كان ينبغي استقطاب المواهب من داخل المنظَّمة، أو من خارجها، ويتضمَّن ذلك جذب تدفُّقٍ صحِّيٍّ من المتقدِّمين باستخدام منصَّات التَّوظيف، والشَّبكات الاجتماعيَّة، والإحالات، بينما يبرزُ هنا دور العلامة التّجاريَّة لصاحب العمل في تحديد جودة المتقدِّمين.
- الاختيار: يتمُّ إجراء سلسلة من الاختبارات والفحوصات للعثور على الشَّخص المثالي للوظيفة، ويتضمَّن ذلك اختباراتٍ كتابيَّةً، ومقابلاتٍ، ومناقشاتٍ جماعيَّةً، واختباراتٍ نفسيَّةً، بالإضافة إلى تحليلٍ متعمِّقٍ للمعلومات المتاحة عن المرشَّح، وتُستخدم اليوم برامج وحلول مدعومةً بالذَّكاء الاصطناعيّ لمساعدة المكلَّفين في تصفية السَّير الذَّاتيَّة والتَّركيز على الخيارات الأنسب.
- التَّطوير: تعملُ العديدُ من الشَّركات اليوم على فكرة التَّوظيف بناءً على الموقف وتدريب الموظَّفين على المهارات، ويساعدُ تطوير الموظَّفين على النُّموِّ مع المنظَّمة، ويُعزِّز الولاء والانخراط الوظيفيّ، ويبدأ ذلك ببرنامج توجيهٍ فعَّالٍ، يتبعه فرصٌ كبيرةٌ لتعزيز المهارات والكفاءة من خلال الإرشاد والتَّدريب وتدوير الوظائف.
- الاحتفاظ: لتحقيق نجاحٍ مستدامٍ، يجبُ على المنظَّمات الاحتفاظ بمواهبها بفعاليَّةٍ، إذ تُحاول معظم الشَّركات الاحتفاظ بأفضل المواهب من خلال التَّرقيات والزِّيادات، وتقديم فرصٍ للنُّموِّ، وتشجيع المشاركة في مشاريع خاصَّةٍ واتِّخاذ القرارات، بالإضافة إلى برامج المكافآت والتَّقدير.
- الانتقال: تُركِّز إدارة المواهب الفعَّالة على التَّحوُّل الجماعيّ والتَّطوُّر التَّنظيميّ من خلال نموّ الموظَّفين الأفراد، وذلك بجعل كلَّ موظَّفٍ يشعر بأنَّه جزءٌ من كيانٍ أكبر، تتضمَّن أدوات الانتقال توفير مزايا التَّقاعد، وإجراء مقابلات الخروج، والتَّخطيط الفعَّال للخلافة.
نموذج إدارة المواهب
على مرِّ السَّنين، تمَّ إنشاء العديد من النَّماذج لإدارة المواهب من قبل مختلف الشَّركات، وكلُّ واحدةٍ فيها تعتقدُ بأنَّها اكتشفت النَّموذج المثاليَّ، وهذا ما يُعدُّ ضرباً من ضروب الخيال؛ لأنَّ العالم متغيّرٌ، والنَّماذج يجب أن تتكيَّفَ مع المتغيِّرات، الَّتي تشملُ اليوم التَّطورات الرَّقميَّة وتوقُّعات الموظَّفين، وغيرها. بالعموم هناك العديد من النِّقاط المشابهة في تلك النَّماذج، مثل: [1]
- الاستحواذ: العلامة التِّجارية لصاحب العمل، والتَّوظيف، والتَّوجيه.
- التَّقييم: تحليلات المواهب، والتَّخطيط للخلافة والتَّقييمات.
- التَّطوير: تخطيط القوى العاملة، وثقافة العمل، وممارسات الاحتفاظ بالمواهب.
- النَّشر: توافق الأهداف، وتخطيط المسار الوظيفيّ، والتَّعلُّم والتَّطوير، وإدارة الأداء.
يعملُ هذا الهيكل بشكلٍ دوريٍّ ومستمرٍّ مع مراعاة المناخ الدَّاخليّ للشَّركة والبيئة الخارجيَّة الَّتي تعمل فيها. والنُّقطة الرَّئيسيَّة، الَّتي يجب مراعاتها هنا، هي أنَّ إدارة المواهب ليست عمليَّةً ثابتةً، بل يجب أن تكون مرنةً وقابلةً للتَّكيُّف مع الاحتياجات المتغيِّرة للشَّركة أو المؤسَّسة، كذلك مع توقُّعات المواهب المتطوِّرة، وسرعة التَّغيُّرات داخل الصِّناعة.
ما هي التحديات التي تعالجها استراتيجية إدارة المواهب؟
تعالج استراتيجيَّةُ إدارة المواهب، العديدَ من التَّحديَّات، مثل: جذب أفضل الكفاءات، واكتشاف المواهب الدَّاخليَّة، وتطوير القدرات الحاليَّة، والاحتفاظ بالمواهب على المدى الطَّويل، وهو ما يُمكن أن يجعلكَ تقتنع بأهميَّة اتِّباع تلك الاستراتيجيَّة النَّاجحة الَّتي تعتمدُ على مرونة وابتكار الشَّركات لتلبية هذه التَّحديَّات وتحقيق التَّميُّز. [2]
جذب أفضل المواهب
ربَّما ليس من المبالغة القول، إنَّنا نعيشُ عصر حرب المواهب، الَّذي لم يعدّ فيه الرَّاتب الجيد واستقرار الوظيفة هما مطلب المرشّحين الوحيد، وعوضاً عن ذلك على الشَّركات جذب المواهب المستقبليَّة باتِّباع عدَّة استراتيجيَّاتٍ، مثل:
- بناء ثقافةٍ شركة جذَّابةٍ وتطوير علامتها التّجاريَّة، باستخدام فنِّ التَّواصل على وسائل التواصل الاجتماعيّ.
- توفير موارد متنوّعة للتَّدريب والتَّعاون للمستجدين وتسهيل التَّطور المهنيّ.
- تقديم مشاريع حقيقيَّة تعنى بالرَّفاهيَّة وجودة الحياة في العمل، مثل مساحات الاسترخاء، وعروض الوجبات.
- تطوير إدارةٍ مرنةٍ تعتمدُ على المشاركة وتقييم المهارات طوال مسيرة الموظَّف المهنيَّة.
اكتشاف المواهب في الشركة
عند الحديثِ عن إدارة المواهب، يتبادرُ إلى الذّهن عمليَّة التَّوظيف فقط، لكنَّ العديد من المواهب موجودةٌ بالفعل داخل الشَّركة، وغالباً ما تكون غير مرئيَّةٍ. وهذا هو مفهوم التَّنقُّل الدَّاخلي، الَّذي يُمثّل تحدّيّاً رئيسيّاً لقسم الموارد البشريَّة في السَّنوات المقبلة، ولحسن الحظّ، فإنَّ معظمَ الموظَّفين يرحبون بهذه الفكرة.
ولاكتشاف المواهب الخفيَّة الَّتي قد تكون أمامكَ، يُمكن تنفيذ عدَّة تقنياتٍ لإدارة المواهب:
- الاعتماد على تقييم 360 والاعتماد بشكلٍ عامٍ على التَّقييم الذَّاتيّ للمهارات للاحتفاظ بأصحاب القدرات العالية.
- استخدام خطط تطوير المهارات وفتح حوارٍ دائمٍ حول طموحات الموظَّفين المهنيَّة.
- الاعتماد على دور المدراء في الكشف عن عدم التَّوافق بين مهارات الموظَّف ووظيفتهِ.
تطوير المواهب داخليّاً
إذا كانت استراتيجيَّة إدارة المواهب الجيدة تُساعد في اكتشاف المواهب في الشَّركة، فإنَّ ذلك ليس كافياً، فالخطوة التَّالية هي بذل كلِّ الجهود لتطوير تلك المواهب داخل الشَّركة، وليتمكن الموظَّف من الشُّعور بالدَّعم وتطوير مهاراته، يحتاج إلى:
- إجراءات تدريب تتناسب مع وظيفته وأهدافه.
- توجيهٌ منتظمٌ من مديره أو رؤسائه.
- أحداثٌ تعاونيَّةٌ تمكِّنه من المشاركة في مشاريع موازيةٍ لمهامه.
الاحتفاظ بالمواهب على المدى الطويل
بالنّسبة لبعض الشَّركات، يُعدُّ توظيف مواهب جديدةٍ أمراً ضروريّاً، خاصَّة في إطار تغيير الاتّجاه الاستراتيجيّ، ومع ذلك فإنَّ الاحتفاظَ بالمواهب الموجودة يُمثِّل تحدِّياً تشترك به جميع أنواع المؤسَّسات.
وللاحتفاظ بمواهبك، يُمكنكَ الاعتماد بالطَّبع على العلامة التّجاريَّة، وعلى عكس ما يعتقد بعضهم، فإنَّ العلامة التّجاريَّة لصاحب العمل ليست فقط لجذب مرشَّحين جددٍ، بل تلعب دوراً كبيراً في استراتيجيَّة الاحتفاظ الفعَّالة. كما يجبُ على الشَّركة الَّتي تتبنَّى إدارة المواهب أن تحترمَ تعهداتها، وإيجاد الصّيغة المناسبة لتوفير بيئة عملٍ مريحةٍ، وفرص تنقُّل داخليٍّ مثيرة، وتقديم تقييمات منتظمةٍ على مهارات الموظَّفين.
شاهد أيضاً: وظّف الشخص وليس السيرة الذاتية: أهمية المهارات الشخصية
أمثلة على المواهب وأنواعها
حين نسمعُ عبارةَ أمثلةٍ على المواهب، تتبادرُ إلى أذهاننا فوراً المواهب الخاصَّة الَّتي نتمتَّع بها، سواءً كنت رياضيّةً أو أدبيّةً أو فنيّةً وغيرها، إلَّا أنَّها ليست الأمثلة الوحيدة على المواهب، الَّتي يمكن حصرها ضمن خمسة أنواعٍ رئيسيَّةٍ، هي: [3]
المواهب الذّاتيّة المفاهيميّة
تشملُ هذه المواهب الوعي الذَّاتيّ، والتَّنظيم الذَّاتيّ، والتَّحفيز الذَّاتيّ، والثِّقة بالنَّفس، مثلاً القدرة على فهم أنفسنا وإدارة الذات بشكلٍ فعَّالٍ، وتحفيز ذواتنا لتحقيق الأهداف.
المواهب الاجتماعيّة
تتضمَّن هذه المواهب الوعي الاجتماعيَّ، والتَّواصل، وإدارة العلاقات، والتَّعاون، والتَّأثير على الآخرين، مثلاً القدرة على بناء علاقاتٍ اجتماعيَّةٍ قويَّةٍ، والتَّأثير في الفريق، والتَّواصل بفاعليَّةٍ.
المواهب العامّة
تشملُ المهارات اللُّغويَّة، والقدرات الرِّياضيَّة، والمنطق، والمعالجة البصريَّة المكانيَّة، والقدرة على التَّعلُّم، مثلاً التَّفوُّق في الرّياضيات والعلوم، والقدرة على التَّعلُّم بسرعةٍ، وحلُّ المشكلات المعقَّدة.
الخبرات الخاصّة
أيضاً تتضمَّن أمثلةً على المواهب والتَّفكير الاستراتيجيّ، والفنون، والكتابة، والبحث، والرّياضة، والتَّصميم، ورواية القصص، والقدرات الحركيَّة، مثلاً الإبداع في الفنون، أو التَّفوُّق في الرّياضة، أو القدرة على البحث والتَّحليل بعمقٍ.
المواهب التّرفيهيّة
تتضمَّن أيُّ مواهب ممتعةٍ أو فريدةٍ من نوعها، مثل الذُّوق الاستثنائيّ، وفنِّ التَّكلُّم من البطن، أي القدرة على جعل صوتكَ يبدو وكأنَّه يأتي من مكانٍ آخر، والمرونة الفائقة، مثلاً القدرة على أداء حِيلٍ ترفيهيَّةٍ مذهلةٍ أو الاستمتاع بقدراتٍ فريدةٍ مثل التَّذوق الفائق للطَّعام.
نصائح غير تقليديّة لإدارة المواهب
تستطيع التَّفكير خارج الصُّندوق، وإدارة مواهب شركتكَ بطريقةٍ غير تقليديَّةٍ، والقيام ببعض الأمور التَّالية أو كلُّها:
- خصص يوم عملٍ خالٍ من الاجتماعات كلَّ أسبوعٍ، ما يمنح فريقك وقتاً أطول للإبداع بدون انقطاعٍ.
- دع كلَّ عضوٍ في الفريق يجرب وظيفة زميله ليومٍ واحدٍ، هذا يُعزِّز الفهم والتَّقدير للعمل الَّذي يقوم به الآخرون.
- حدِّد وقتاً أسبوعيّاً، لجلسة عصفٍ ذهنيٍّ، حيث يُسمح للجميع بطرح الأفكار الأكثر جنوناً وابتكاراً، بدون أيّ قيودٍ.
- قم بمكافأة فريقكَ بشكلٍ عشوائيٍّ على جهودهم وإنجازاتهم، يُمكن أن تكون المكافأة بسيطةً مثل وجبة غداءٍ مفاجئةٍ أو يوم إجازةٍ إضافيٍّ.
- اجعل في المكتب زاويةً مخصَّصةً للاسترخاء مع وسائل ترفيهٍ وألعاب.
- فكِّر بعقد الاجتماعات في أماكن غير تقليديَّةٍ مثل الحديقة أو مقهى قريبٍ.
- اطلب من الفريق المشاركة في تحدِّياتٍ صغيرةٍ وممتعةٍ، لتحفيز التَّفكير خارج الصُّندوق.
- احتفل بالفشل كما تحتفل بالنَّجاح، وشجِّع أعضاء الفريق على مشاركة قصص الفشل والدُّروس المستفادة منها، لتحفيز ثقافة الابتكار والتَّعلُّم المستمرِّ.
- اسمح لكلِّ عضوٍ بتولِّي دور القائد ليومٍ واحدٍ، هذا يعزِّز الثِّقة، ويتيح للجميع فهم مسؤوليَّات القيادة بشكلٍ أفضل.
في الختام، إدارة المواهب تجعل الشَّركة مكاناً حيويّاً ومثيراً، لدرجة أنَّ الموظَّفين يشعرون بالانتماء الحقيقيّ، ولا يرغبون في مغادرتها، ومن خلال توجيه الإمكانات البشريَّة وتعزيزها، يصبح العمل مغامرةً يوميَّةً مليئةً بالتَّحديَّات الممتعة والابتكارات المذهلة، فيتحوَّل المكتب إلى مجتمعٍ نابضٍ بالحياة، ويجد الجميع فيه الفرح في المساهمة والشَّغف في النَّجاح الجماعيِّ.