انظر إلى الساعة.. نصيحة ذهبية يدعمها العلم لتتطوّر
لأن إيقاع ساعتك البيولوجية مهمٌّ في تنظيم قراراتك وقدرتك على التأثير في الآخرين
بقلم جيف هيدن Jeff Haden، محرر مساهم في Inc.
الجهدُ، قوّةُ الإرادةِ، المثابرةُ، الحظُّ... كثيرٌ من الأمورِ تلعبُ دوراً في النّجاحِ، ولكن عندما يتعلقُ الأمرُ بأدائِك، يكونُ وقتُ اليومِ أيضاً أمراً هاماً. [1]
كن أكثر جاذبية وإقناعاً
لنبدأ بالتّأثيرِ، تجدُ بعضَ الأشخاصِ مقنعينَ للغايةِ، يؤثّرونَ (بطريقةٍ جيدةٍ) على الأشخاصِ من حولهم، وكلُّ شخصٍ ناجحٍ أعرفُه يتمتّعُ بشخصيّةٍ جذّابةٍ على الأقلِ، وعادةً ما يكونُ بارعاً في إقناعِ الآخرينَ؛ ليسَ عبرَ التّلاعبِ أو الضّغطِ، ولكن عن طريقِ وصفِ منطقِ وفوائدِ الفكرةِ للوصولِ إلى الاتفاقِ.
ربّما تعتقدُ أنّ هذا ينطبقُ عليكَ، أو ربّما تعتقدُ أنّهُ لا ينطبقُ، في كلتا الحالتينِ، أنتَ على حقّ، وأحياناً قد تكونُ على خطأٍ، وفقاً للبحوثِ المنشورةِ في مجلّةِ القيادةِ Leadership، يكونُ النّاسُ أقلَّ جاذبيّةً عندما يكونونَ في نقطةٍ منخفضةٍ نسبياً في إيقاعهم اليّوميّ (الإيقاعُ اليَوْماوي أو إيقاعُ السّاعةِ البيولوجيّةِ)، وأكثرُ جاذبيةً عندما يكونونَ في نقطةٍ مرتفعةٍ نسبياً.
هل أنتَ شخصٌ صباحيٌّ؟ ستكونُ أكثرَ إقناعاً في الصّباحِ الباكرِ، هل أنتَ شخصٌ ليليٌّ (كالبومةِ)؟ ستكونُ أكثرَ إقناعاً في وقتٍ متأخرٍ من اليومِ.
من الأسهلِ أيضاً أن تلهمَ الأشخاصَ الذينَ يحبّونَ الصّباحَ في الصّباحِ، والذينَ يحبّونَ اللّيلَ في وقتٍ متأخرٍ من اللّيلِ. بينما من غيرِ المرجّحِ أن يكونَ فريقُكَ كلَّهُ صباحيين أو ليليينَ، إلا أنَّ الأرجحيّةَ تهبطُ في معسكرٍ واحدٍ منهما أكثرَ من الآخرِ، بالإضافةِ إلى أنّ طبيعةَ وظائفهم قد تضطرُ النّاسَ إلى التّحولِ عن اتجاههم الطّبيعيّةِ؛ عندما كنتُ أعملُ في ميناءِ التّحميلِ، كانَ علينا جميعاً أن نكونَ صباحيينَ، على الأقلِّ من حيثُ الجهدِ، لضمانِ خروجِ الشّاحناتِ في الوقتِ المحددِ.
عندها ابذلْ قصارى جهدِكَ لمزامنةِ اتجاهكَ مع اتجاههم، ما لم تكن على يقينٍ تامٍّ بأنَّ الجميعَ صباحيونَ أو ليليونَ، تجنّب الاجتماعاتِ السّاعةَ 8 صباحاً أو 5 مساءً، فقد يكونُ من الممكنِ أن تكونَ الاجتماعاتُ السّاعةَ 11 صباحاً حلاً جيداً، أو 1:30 بعدَ الظّهرِ.
ماذا لو لم يكنْ "وقتُ الإقناعِ الأمثلِ" الخاصّ بكَ يتزامنُ مع "وقتِ الاستقبالِ الأمثلِ" الخاصّ بهمُ؟ الزمْ الجانبَ الذي سيكونُ فيهِ فريقكَ أكثرَ استعداداً للتلقي، فيما يتعلّقُ بالقيادةِ، لا يتعلّقُ الأمرُ أبداً بكَ، إنّهُ يتعلّقُ دائماً بالأشخاصِ الّذينَ تقودهم.
شاهد أيضاً: هل ترغب بالسيطرة على مجرى الحديث؟ إليك 7 حيل ذكية من الأذكياء عاطفياً
اتخذ قرارات أفضل
بصفةٍ عامّةٍ، تتحكّمُ قشرةُ الفصِّ الجبهيِّ لدماغكَ في السّلوكِ المعرفيِّ المعقّدِ، مثلَ: التّعبير عن شخصيتِكَ، وتعديل السّلوكِ الاجتماعيّ، وتقييم المواقفِ لاتّخاذِ القرارات، كلّما كانَ القرارُ أكثرَ تعقيداً، كلّما زادَ تفاعلُ قشرةِ الفصِّ الجبهيّ، (ليسَ عليكَ أن "تقرّرَ" الهروبَ من دبّورٍ، على سبيلِ المثالِ).
ومرةً أُخرى بشكلٍ عامّ، أظهرتِ الأبحاثُ المنشورةُ في مجلةِ الإدراكِ المعرفيّ Cognition أنّكَ أكثرُ احتمالاً للتّفكيرِ جيداً في موقفٍ واتّخاذِ قرارٍ صحيحٍ في الصّباحِ، قبلَ أن تشعرَ بالتّعبِ الجسديّ وتكونَ عرضةً لإرهاقِ القراراتِ، (والعجيبُ في الأمرِ أنّ القراراتِ السّريعةِ، مثلَ الهروبِ من ذلكَ الدّبورِ، تُتَّخذُ بشكلٍ أفضلَ في فترةِ ما بعدِ الظهرِ).
وكما كتبَ الباحثونَ:
"وجدنا أنَّ هناكَ إيقاعاتٍ نهاريّةٍ موثوقةٍ في النّشاطِ وسياسةِ اتّخاذِ القراراتِ، وخلالَ الصّباحِ، يتبنّى اللّاعبونَ سياسةَ التّركيزِ على الوقايةِ (اتّخاذُ قراراتٍ ببطءٍ وبدقةٍ أكبرَ)، والّتي يتمُّ تعديلُها لاحقاً إلى التّركيزِ على التّعزيزِ والتّسريعِ (اتّخاذُ قراراتٍ أسرعَ ولكن أقلّ دقّةٍ)، دونَ تغييراتٍ يوميّة في الأداءِ."
ونتيجةً لذلكَ: احتفظْ بقراراتكَ الكبيرةَ للصّباحِ، ما لم تكنْ من عشّاقِ اللّيلِ؛ في هذهِ الحالةِ، اتّخذْ القراراتِ الهامّةِ خلالَ نسختكَ من "الصباحِ." وأظهرتْ دراسةٌ نشرتْ في المجلةِ الدّوليّةِ للسّاعةِ البيولوجيةِ Chronobiology International أنّهُ بالنّسبةِ لعشّاقِ اللّيلِ، تكونُ مناطقُ الدّماغِ المسؤولةِ عن الإدراكِ المعرفيّ في أوجِها في اللّيلِ، هذا هو الوقتِ الذي تتفوّقُ فيهِ قشرتُكَ الجبهيّةَ على المستوى الإدراكيّ.
كن قائداً أفضل
وفقاً لدراسةٍ نُشرت في أكاديميةِ إدارةِ الأعمالِ Academy of Management، عندما لا يحصلُ القادةُ على نومٍ جيدٍ في اللّيلِ، يقلُّ احتمالُ اتّخاذِهم قراراتٍ صائبٍة في اليومِ التّالي، فهم أقلُّ احتمالاً لتعزيزِ التّفاعلِ والتّعاونِ مع فرقهِم وضمنِها.
وهمُ أقلُّ احتمالاً للصّبرِ والتّحملِ، وأكثرُ عرضةً لاتّخاذِ قراراتٍ فوريّةٍ. (نقص النّوم يُمكنُ أن يفسدَ أيّةَ ميّزةً في اتّخاذِ القراراتِ يمتلكُها صاحبُ الطّابعِ الصّباحيّ في الصّباحِ، أو صاحبِ الطّابعِ اللّيليّ في اللّيلِ).
كل هذا منطقيٌّ، ولكن ما الذي يجبُ عليكَ فعلهُ إذا لم تحصلْ على قسطٍ كافٍّ من النّومِ اللّيلةَ الماضيّةَ برغمِ جهودِك الحثيثةَ؟ وفقاً للباحثينَ، لا تحاولْ فقط إجهادَ نفسكَ بشدّةٍ في هذا الأمرِ، بدلاً من ذلكَ، تقبّلْ حقيقةَ أنّ انخفاضِ الطّاقةِ الجسديّةِ والعقليّةِ يؤثّرُ في أداءِ قيادتِك، وعندما يكونُ الأمرُ ممكناً، قمْ بتأجيلِ اتّخاذِ القراراتِ الكبيرةِ.
حاولْ أن تفرضَ على نفسكَ التّفكيرَ قليلاً -بدلاً من ردّ الفعلِ فقط- قبلَ اتّخاذِ القراراتِ الصّغيرةِ.
أَدركْ أن التّعبَ يقلّلُ بشكلٍ طبيعيٍّ من تحملُّك للإحباطِ، واحتفظْ بالمحادثاتِ الصّعبةِ المحتملةِ أو التي قدْ تتضمنُ مواجهةً مع الموظفينَ لليومِ التّالي، إذا كانَ الأمرُ أو المشكلةُ قابلاً للتأجيلِ، ولا تردْ على رسائلِ البريدِ الإلكترونيّ التي تتطلّبُ تفكيراً عميقاً، أو دقّةً، أو حكماً حسّاساً في وقتٍ متأخّرٍ من اللّيلِ، احتفظ بها للصّباحِ التّالي، عندما تشعرُ بالنّشاطِ والانتعاشِ.
المفتاحُ هو أن تتذكّرَ أنّهُ لا يستطيعُ أحدٌ، مهما حاولَ بجدّ، أن يكونَ دائماً القائدَ الاستثنائيّ الّذي يتطلّعُ إليهِ، ولا سيما عندما يكونُ مرهقاً.
شاهد أيضاً: هل تعاني من الأرق؟ إليك 5 خطواتٍ للنوم بعمقٍ والاستيقاظ مرتاحاً
خفّف وزنك
تظهرُ الأبحاثُ الجديدةُ أنَّ وقتَ تناولِ الطّعامِ يمكنُ أن يكونَ بنفسِ فعاليّةِ احتسابِ عددِ السّعراتِ الحراريّةِ. فقد قامتْ دراسةٌ نشرتْ مؤخراً في مجلةِ Examine بتتبعِ مجموعتينِ من الأشخاصِ لمدةِ عامٍ، واحتسبَ الفريقُ الأولُ عددَ السّعراتِ الحراريّةِ، بينما لم يتابعْ الفريقُ الآخرُ السّعرات الحراريّة، بل قامَ بتقييدِ "نافذةِ تناولِ الطّعامِ" إلى 8 ساعاتٍ يومياً، (مثلَ الصيامِ المتقطعِ). {نافذةُ تناولِ الطّعامِ هو اقتصارُ تناولِ الطّعامِ على ساعاتٍ محددةٍ أثناءَ اليومِ وإن فاتهُ وقتٌ منها انتظرَ السّاعةَ التّاليّةَ}.
في نهايةِ الدّراسةِ، خسرَ أفرادُ المجموعةِ الذينَ احتسبوا عددَ السّعراتِ الحراريّةِ 12رطلاً، بينما خسرَ فريقُ الصيامِ المتقطعِ 10 أرطالٍ. يبدو أمراً غريباً؟ ليسَ عندما تدركُ أنَّ الأشخاصَ الذينَ يصومونَ بشكلٍ متقطعٍ يميلونَ بشكلٍ طبيعيّ إلى تناولِ أقلّ من المعتادِ بنحوِ 500 سعرةٍ حراريّةٍ يوميّاً.
لذلكَ إن لم ينجحْ معكَ أسلوبُ عدِّ السّعراتِ الحراريّةِ، جرِّب متابعةَ الوقتِ بدلاً من ذلكَ، وحدد نافذةً زمنيّةً، وقيّد تناولَ الطعامِ ضمنَ هذهِ الفترةِ الزّمنيّةِ. لأنَّه كما هو الحالُ مع القيادةِ، واتّخاذِ القراراتِ، والتّأثيرِ على الناسِ... اختيارُ توقيتِ ما تفعلُ يمكنُ أن يكونَ لهُ نفسُ أهميّةِ الفعلِ ذاتِه.