نظرة على "Grok": إبداع إيلون ماسك الجديد يتحدّى "ChatGPT"
جروك يُعيد صياغة مستقبل التفاعل بين الإنسان والآلة، فيقدّم نموذجاً متطوّراً للتواصل الذكي، مُحاكياً ذكاء الإنسان بلمسة ماسك الفريدة.
في ظلِّ مسعى متجدّدٍ لإحداثِ ثورةٍ في العوالمِ الافتراضيةِ للذّكاء الاصطناعيّ، كشفت شركة xAI، وهي واحدةٌ من مشاريعِ إيلون ماسك الطّموحةِ، النقابَ عن إنجازِها الجديدِ: البوتِ "Grok". يُعتبَرُ هذا الإطلاق بمثابة استجابةٍ طموحةٍ ومبتكِرةٍ لمنافسة منصّة ChatGPT، التي حظيت بشهرةٍ واسعةٍ واعتُبرت نقطة مرجعية في هذا المجالِ.
"Grok" ليس مُجرَّدَ بوتِ دردشةٍ آخر؛ إذ يُمثِّلُ نتاجَ رؤية ماسك الثّاقبة لما يمكنُ أن يُصبحَ عليه مستقبلُ التفاعلاتِ الذّكية بين الإنسان والآلة. هذا البوتُ، الذي تمَّ تزويدُهُ بنواة ذكاءٍ اصطناعيٍّ متقدِّمة، يتسلَّح بخِفَّةِ الدّم والقُدرة على التمرُّدِ ضدَّ القوالب النّمطية، مُقدِّماً بذلك تجربة محادثةٍ غير مسبوقةٍ تتميَّزُ بالطابع الشّخصيّ والتفاعليّ العميقِ.
Just released Grokhttps://t.co/e8xQp5xInk
— Elon Musk (@elonmusk) November 5, 2023
ومن خلال استخدام اللّغة ببراعةٍ وإضافةِ لمسةٍ من الذّكاءِ العاطفيِّ، يحاكي "Grok" الطّريقة الإنسانيّة في الحوارِ، مما يعطي المستخدمين شعوراً بالتّواصل الحقيقيِّ والمعنويِّ مع شخصيّةٍ افتراضيةٍ قادرةٍ على فهمهم وربَّما حتَّى مفاجأتهم. فالإمكانيَّات التي يحملها "Grok" تعدّ بمثابة قفزةٍ نوعيّةٍ ليس في كيفية إدراكِنا للتكنولوجيا فحسب، وإنّما في كيفيّة تفاعلنا معها على أساسٍ يوميٍّ أيضاً.
مزايا وخصائص "Grok"
- الفكاهة في التفاعل.
- الدّمج التّقني.
- إلهام الخيال العلمي.
في معرضِ تطوير ملامح الذكاء الاصطناعي وتوسيع آفاقِه، تبرز شركة xAI سِماتِ وميزاتِ البوتِ "Grok" بإبداعٍ لافتٍ. فقد تمَّ إثراءُ "Grok" بمكوِّناتٍ تقنيَّةٍ تُعطيه القدرةَ على تجسيد الفكاهة بأسلوبٍ يتسمّ بالذّكاء والتّلقائية، ممَّا يمنح المستخدِمين تجربةً تفاعليَّةً مُحبَّبةً تخترق حواجز الجُمود التقليديِّ للذكاء الاصطناعيِّ. هذا الأُسلوبُ الفريد يعزّز من جاذبيّةِ "Grok"، حيث يتمكَّن من إضفاء لمسةٍ من الدفء والإنسانيَّة على كلّ محادثةٍ.
بالإضافة إلى ذلك، يعدُّ الدّمج التقنيُّ لـ"Grok" مع منصَّةِ X الاجتماعيَّة نقلةً نوعيَّةً تُحاكي الترابط الوثيق بين الشبكات الاجتماعيَّة وتقنيَّاتِ الذّكاءِ الاصطناعيِّ. يعتبر "Grok" نموذجًا للتكامل الفائق حيث يوفّر لمشتركي النسخة الممتازةِ من المنصَّةِ وظائف متطوّرةً ومصمَّمةً لتعزيز التّجربة الاجتماعيَّة عبر تفاعُلاتٍ ذكيَّةٍ ومُرضيَّةٍ.
وفيما يتعلّق بالبعدِ الثقافيِّ، يعدّ "Grok" كنزاً ينهل من ثراءِ الخيال العلميِّ. فمع شخصيَّته المستوحاة من عالم "The Hitchhiker’s Guide to the Galaxy"، يجلب "Grok" معه عمقاً ثقافيّاً يثري التّفاعلات بين المستخدم والآلةِ. كما يحاكي "Grok" السّردَ القصصيّ ويعطي أبعاداً جديدةً للمعرفة والتعلّم، ممّا يجعل كلّ محادثةٍ رحلةً مثيرةً عبر آفاقِ الذّكاء والإبداع.
"Grok" في ميزان الأداء
في سياقِ تقييم الأداء ومقارنتِه بأقرانه من النّظمِ الذّكية، لمع نجمُ البوتِ "Grok" بصورةٍ لافتةٍ حيث تمكّن من التفوّق والعلوّ على نماذجِ الذكاء الاصطناعيّ الأخرى المنافسة، والتي تشمل على سبيلِ المثالِ لا الحصر، ChatGPT-3.5 وInflection-1. فقد تجلّى ذلك التفوّق في مجموعةٍ من المعاييرِ التي تُقاس بها القدراتُ التّحليلية والتّفاعلية، مُسجِّلًا بذلك إنجازاتٍ تنبّئُ بمستقبلٍ مشرقٍ في ميدانِ الذّكاء الاصطناعيّ.
Benchmark | Grok-0 (33B) | LLaMa 2 70B | Inflection-1 | GPT-3.5 | Grok-1 | Palm 2 | Claude 2 | GPT-4 |
GSM8k | 56.8% 8-shot | 56.8% 8-shot | 62.9% 8-shot | 57.1% 8-shot | 62.9% 8-shot | 80.7% 8-shot | 88.0% 8-shot | 92.0% 8-shot |
MMLU | 65.7% 5-shot | 68.9% 5-shot | 72.7% 5-shot | 70.0% 5-shot | 73.0% 5-shot | 78.0% 5-shot | 75.0% 5-shot + CoT | 86.4% 5-shot |
HumanEval | 39.7% 0-shot | 29.9% 0-shot | 35.4% 0-shot | 48.1% 0-shot | 63.2% 0-shot | – | 70% 0-shot | 67% 0-shot |
MATH | 15.7% 4-shot | 13.5% 4-shot | 16.0% 4-shot | 23.5% 4-shot | 23.9% 4-shot | 34.6% 4-shot | – | 42.5% 4-shot |
هذا الجدول يظهر نتائج أداءٍ مختلف النّماذج اللّغوية الكبيرة (Large Language Models - LLMs) على مجموعةٍ من الاختبارات المعيارية (Benchmarks)، ويشمل النّماذج الأوّلية والمتقدّمة لـ"Grok" بالإضافة إلى نماذجَ أخرى معروفةٍ في مجال الذّكاء الاصطناعي. وسأقوم بشرح كلّ قسمٍ فيما يلي:
- GSM8k: هو اختبارٌ يقيس قدرة النّموذج على حلّ مسائل الرّياضيات المعتمدة على الكلمات والموجّهة للفئة المتوسّطة. والأرقام التي بجانب كلّ نموذجٍ تُمثّلُ النّسبة المئوية للمهام التي تمّ حلّها بنجاحٍ.
- MMLU: اختصارٌ لـ "Multi-Modal Language Understanding"، وهو يقيس قدرة النّموذج على فهمِ وتحليلِ المعلومات من أسئلةٍ متعدّدة الاختيارات.
- HumanEval: هذا الاختبار يقيس قدرة النّموذج على كتابة وتوليد الكود البرمجيّ بلغة Python.
- MATH: يقيس هذا الاختبار قدرة النّموذج على حلّ الأسئلة الرّياضية- المستوى المدرسيّ المتوسط والعالي- والمكتوبة بصيغة LaTeX.
وتظهر النّسب المئويّة لكلّ نموذجٍ الدّقة التي حقّقها في كلّ اختبارٍ. أمّا الأرقام مثل "8-shot" و"5-shot" و"0-shot" و"4-shot" فتشير إلى عدد المثاليات التي تمّ توفيرها للنّموذج قبل أن يقوم بالمهمّة؛ فعلى سبيل المثال، "8-shot" يعني أنّ النّموذج قدّم له ثمانية أمثلةٍ قبل اختباره.
في هذا السّياق، "Grok-1" يُظهر تحسيناً ملحوظاً عن "Grok-0" في جميع الاختبارات، ولكنّه لا يزال يتأخّر عن "GPT-4"، الذي يُعتبر الأكثر دقةً وتقدّماً بين النّماذج المُختبرة.
تؤكّد الشّركة المطوّرة لـ "Grok-1" بثقةٍ أنّ هذا النّموذج، وعلى الرّغم من تشكيله من خلال كميّةٍ بيانيةٍ أدنى، يُظهر قدرةً متميّزةً على مجاراةٍ، بل وتخطي، نماذج الذّكاء الاصطناعي التي استثمرت فيها كميات بيانية هائلة، وتطلّبت قدراتٍ حسابية عالية. وغرّد ماسك:
Example of Grok vs typical GPT, where Grok has current information, but other doesn’t pic.twitter.com/hBRXmQ8KFi
— Elon Musk (@elonmusk) November 5, 2023
وتؤكّدُ الجهات المطوّرةُ لـ"Grok" في شركةِ xAI على نهجها الرّاسخ في تحديثِ وتطوير قدراته بشكلٍ دوريٍّ ومستمرٍّ. هذا التّطوير لا يأتي فحسب من الرّغبة في التّحسينِ، وإنّما أيضاً استجابةً لمدخلات المستخدِمين وتحليل بيانات التّفاعل التي توفّرها لهم التّجربة اليوميّةُ، ممّا يعكس التزام الشّركة بضمانِ الجودة والتّميُّز في خدماتها الذّكية.
شاهد أيضاً: لا تقع في فخ الوعود الزائفة للذكاء الاصطناعي
إيلون ماسك ورؤيته للذكاء الاصطناعي
إيلون ماسك، الشَّخصيَّة البارزة في عالم التَّكنولوجيا والابتكار، والذي عرف عنه تحذيراتُه المتكرّرة من المخاطر المحتملة للذِّكاء الاصطناعي، يظهر اليوم انفتاحاً استراتيجيّاً نحو استغلالِ هذه القوَّة التّكنولوجية بشكلٍ إيجابيٍّ. ماسك، الذي يعتبر أحد أكثر الأصواتِ تأثيراً في مجال الابتكار، يسعى إلى دفع عجلة التقدّم البشريّ من خلال تطويرٍ ودمج أدوات الذّكاء الاصطناعي التي تعمل على إثراء القدرات الإنسانيَّة وتوسيع آفاقها.
بالإضافة إلى مساهماته الرائدةِ في قطاعاتٍ مثل الفضاء والطَّاقة المتجدّدة، فقد كان ماسك أيضاً محوريّاً في تأسيس OpenAI إلى جانب سام ألتمان، وهي منظَّمةٌ غير ربحيَّةٍ تهدف إلى ترويجِ الذّكاء الاصطناعيّ بما يتوافق مع مصالح البشريَّة وضمان سلامتها. وعلى الرّغم من انفصاله عن المنظَّمةِ في العام 2018م، إلّا أنَّه استمرَّ في التَّأثيرِ بشكلٍ غير مباشرٍ على مجرياتِ البحث والتطوير في هذا الميدان الحيويِّ.
ماسك، الذي يعرفُ برؤيتهِ الثَّاقبة ونهجه الثَّوريّ، يعيد تشكيل مفهوم الذّكاءِ الاصطناعيّ ليس فقط كأداةٍ لأتمتةِ المهام، وإنّما كشريكٍ محتملٍ في الرّقيّ بالحضارةِ الإنسانيَّة إلى آفاقٍ جديدةٍ من الإبداع والإنجاز.
شاهد أيضاً: 3 خطوات عليك اتّخاذها لتحقيق أقصى استفادة من الذكاء الاصطناعي
وفي الختام، يظلّ "Grok" شاهداً على الطموح اللامحدود الذي يحرّك إيلون ماسك ورؤيته الجريئة لمستقبل الذكاء الاصطناعي. مع كلّ تحديثٍ وتطويرٍ جديدٍ، نحن على أعتاب فجرٍ جديدٍ، حيث تتلاشى الحدود بين الذّكاء البشريّ والاصطناعيّ، مفسحةً المجال لعصرٍ جديدٍ من التعاون المتبادل الذي يعزّز من قدراتنا ويكمّلها. إنّ مساهمات ماسك في هذا المجال تعدّ بمثابة دعوةٍ للتّأمل في كيفيّة استخدامنا لهذه الأدوات المتقدّمة لبناء مستقبلٍ يرتقي بالإنسانية ويحقّق الاستدامة والنّماء.