الرئيسية المفاهيم نظرية الحصان الميت: متى يصبح الإصرار عبئاً؟

نظرية الحصان الميت: متى يصبح الإصرار عبئاً؟

الممارسات الإداريّة غير الفعّالة تواصل استنزاف الموارد رغم غياب الجدوى، ممّا يعيق الابتكار ويؤخّر التّغيير الضّروريّ لتحقيق نجاحٍ مستدامٍ في بيئات العمل

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

تُستخدم نظرية الحصان الميت، أو ما يُعرف بـ"Dead Horse Theory"، لتوصيف ظاهرة الإصرار على استراتيجيّاتٍ أو قراراتٍ غير مجديةٍ رغم وضوح فشلها، إذ تُنبع هذه الفكرة من حكمةٍ قديمةٍ مفادها أنّ "ركوب حصان ميت لن يجعله ينهض"، ومع ذلك، نجد أنّ الأفراد والمؤسّسات يواصلون استثمار الوقت والمال في مشروعاتٍ أو سياساتٍ أثبتت عقمها، ظنّاً بأنّ مزيداً من الجهد قد يؤدّي إلى نتائج مختلفةٍ. وفي عالم الإدارة، يؤدّي هذا الإصرار إلى خسائر ضخمةٍ، إذ تُستنزف الموارد وتضيع الفرص بينما يتمّ تجاهل البدائل الأكثر جدوى، فكيف يقع المدراء في هذا الفخ، وما هي الطّرق المثلى لتجنّبه؟

ما هي نظرية الحصان الميت؟

نظرية الحصان الميت تُشير إلى الميل إلى التّمسّك بأفكار أو مشاريع فقدت فعاليّتها بدلاً من الاعتراف بالحاجة إلى التّغيير، إذ يُمكن رؤية هذه الظّاهرة في مجالاتٍ متعدّدةٍ، بدءاً من الأعمال التّجاريّة الّتي تُصرّ على نماذج تشغيليّةٍ قديمةٍ، مروراً بالسّياسات الحكوميّة الّتي تفشل في تحقيق أهدافها، وصولاً إلى العلاقات الشّخصيّة الّتي تستمرّ رغم غياب الجدوى. كما تمثّل هذه النّظريّة تحذيراً ضدّ الإنفاق غير الضّروريّ على مبادرات لا تحقق النّتائج المرجوّة، وهي دعوةٌ للتّوقّف والتّفكير بعقلانيّةٍ في جدوى الاستمرار.

أسباب التمسك بالحصان الميت

  • التكاليف الغارقة (Sunk Costs): كلّما زاد الاستثمار في مشروعٍ أو استراتيجيّةٍ، زاد التّردّد في التّخلّي عنه، إذ يشعر الأفراد والمؤسّسات بأنّ الانسحاب يعني ضياع التّكاليف السّابقة، رغم أنّ الاستمرار قد يكون أكثر ضرراً.
  • الخوف من الفشل والاعتراف بالخطأ: يخشى القادة الاعتراف بأنّ قرارهم السّابق لم يكن صائباً، ممّا يدفعهم لمواصلة السّير في نفس الاتّجاه بدلاً من مراجعة الموقف وإجراء تغيّيراتٍ ضروريّةٍ.
  • الضّغوط الاجتماعيّة والتّنظيميّة: في بيئات العمل، قد يكون من الصّعب الاعتراف بأنّ مشروعاً ما فشل، خاصّةً إذا كان مدعوماً من جهاتٍ عُليا أو مرتبطاً بسمعة القادة التّنفيذيّين.
  • الأمل في تحسّن الظّروف: يميل البعض إلى التّفاؤل المفرط، معتقدين أنّ الظّروف ستتغيّر فجأةً لصالحهم، متجاهلين الأدلّة الّتي تثبت العكس.

علامات تدل على أنك في فخ الحصان الميت

في كثيرٍ من الأحيان، لا يدرك الأفراد أو المؤسّسات أنّهم عالقون في دائرةٍ مغلقةٍ من القرارات غير المجدية، إذ إنّ تكرار نفس الأساليب دون تحقيق نتائج جديدةٍ يعدّ من أبرز المؤشّرات، حيث يتمّ تنفيذ الإجراءات ذاتها مراراً مع توقّع نتائج مختلفة. كما أنّ الاستمرار في استثمار الموارد في مشروعٍ خاسرٍ، فقط لأنّ الكثير من الجهد أو المال قد أُنفِق بالفعل، يعكس خوفاً من الاعتراف بالخسارة.

كما يشير الرّفض المستمرّ لدراسة خياراتٍ جديدةٍ أو رفض التّكيّف مع الظّروف المتغيّرة إلى وجود مشكلةٍ. علاوةً على ذلك، إذا كان اتّخاذ القرار مبنيّاً على الأمل في تحسّن غير مؤكّدٍ، بدلاً من الاعتماد على بياناتٍ حقيقيّةٍ، فإنّ ذلك مؤشّر قويّ على الوقوع في هذا الفخّ.

كيف يمكن تجنب الوقوع في فخ الحصان الميت؟

لتفادي الانجراف في مسارٍ غير مجدٍ، لا بدّ من ترسيخ ثقافة المرونة والتّكيّف داخل بيئة العمل أو الحياة الشّخصيّة، إذ تبني مراجعاتٍ دوريّةً للأداء يساعد على كشف أوجه القصور في وقتٍ مبكّرٍ قبل تراكم الخسائر، فالاعتراف بالأخطاء يجب أن يكون جزءاً طبيعيّاً من أيّ منظومةٍ، فالإصرار على المسار الخطأ خوفاً من الإحراج يؤدّي إلى نتائج أكثر كارثيّةً.

كما أنّ تقييم القرارات بناءً على العائد المستقبليّ، بدلاً من التّكاليف الغارقة، يمنح رؤيةً أوضح لاتّخاذ القرار الصّائب. وأخيراً، الاستعداد لاستكشاف البدائل بشكلٍ مستمرٍّ يضمن ألّا يصبح التّمسّك بالماضي حاجزاً أمام النّجاح المستقبليّ.

البقاء في مسار فاشلٍ لا يزيد من احتمالات النّجاح، بل يعطّل الابتكار ويؤدّي إلى خسائر أكبر، فالإدراك المبكّر للخطأ، والتّحلّي بالشّجاعة لتغييره، هما ما يميّز المؤسّسات النّاجحة عن غيرها. وفي عالم سريع التّغيّر، القدرة على التّخلّي عن الاستراتيجيّات غير المجدية والبحث عن حلولٍ جديدةٍ هو ما يصنع الفارق بين النّجاح والانهيار.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: