ما هو نموذج MVP وكيف يمكنك استخدامه لتطوير مشاريعك بنجاح؟
كيفية استخدام نموذج MVP لجمع التعليقات وتقليل المخاطر وتوفير الموارد في تطوير المشاريع
تنشأ مئات الأفكار يوميّاً، ولكنَّ الطَّريقة التي يستقبل بها النَّاس هذه الأفكار تكون مبهمةً تماماً بالنِّسبة لأصحاب المشروعات، وهذا هو دور النَّموذج المصغَّر MVP أو Minimum Viable Product، فهو يتيح للشركات الناشئة جمع التَّعليقات وردود الفعل على الفكرة أو المنتج منذ البداية بأقلِّ قدرٍ من التَّكلفة لتكوين صورةٍ أكثر وضوحاً عن مميزات وعيوب الفكرة وتكلفة طرحها واستخدامها وغيرها، فما هو نموذج MVP وكيف يمكنك بناؤه بكفاءةٍ، وهل يصلح لكلِّ أنواع الأفكار والمشروعات؟ وهل هناك مخاطر من الاعتماد عليه؟ كلُّ هذا وأكثر سنتعرَّف عليه في الأسطر المقبلة.
ما معنى MVP؟
إنَّ MVP يعني ببساطةٍ إصدار الحدِّ الأدنى من منتجٍ جديدٍ أو ميزةٍ رئيسيَّةٍ أو تطبيقٍ أو خدمةٍ للتَّحقُّق من قابليَّتها للتَّوزيع ومدى احتياج العملاء لها قبل إنفاق المزيد من الأموال على منتجٍ لا يحتاج إليه أحد، فيتضمَّن النَّموذج الحدِّ الأدنى من القدرات المطلوبة ليكون قابلاً للتَّجربة على العملاء المحتملين، فهو مجرَّد نسخةٍ أوليَّةٍ مبكِّرةٍ من المنتج للتَّحقُّق من صحَّة الافتراضات الأساسيَّة بسرعةٍ وبتكلفةٍ معقولةٍ. [1]
خصائص نموذج MVP
ظهر مفهوم النَّموذج المصغَّر للمنتجات عام 2001 على يد فرانك روبيسون، ثُمَّ أصبح مصطلحاً شائعاً على يد رجلي الأعمال الأمريكيين ستيف بلانك وإريك ريس، وهو يتضمَّن مجموعةً من الخصائص الأساسيَّة التي يجب أن تتوفَّر به ليكون ناجحاً في قياس ردِّ الفعل على المنتج أو الخدمة، وهذه الخصائص هي: [2]
- يحتوي على مميّزاتٍ كافيةٍ ليكون قابلاً للاستخدام: فهو يمثِّل منتجاتٍ وظيفيَّةٍ قابلةٍ للشَّحن والاستخدام، وليس مجرَّد نموذجٍ أوليٍّ مليءٍ بالأخطاء، فيجب أن يكون النَّموذج فعَّالاً لعرض القيمة الأساسيَّة بوضوحٍ.
- يستهلك الحدَّ الأدنى من التَّكلفة: سواءً الوقت أو الجهد أو الموارد.
- التَّركيز على مشكلةٍ أساسيَّةٍ واحدةٍ: وهذا بدلاً من محاولة علاج أكثر من مشكلة، فمن الخصائص الأساسيَّة هنا التَّركيز.
- السَّماح بالحدّ الأقصى للتَّعلُّم: وهذا من كلِّ جوانب المنتج سواءً تكلفة الإنتاج وطرق الاستخدام وسهولة الوصول للعملاء وغيرها من جوانب تحدِّد عوامل التَّكلفة مقابل الأرباح.
- قابلٌ للتَّكرار: فهو يجب أن يكونَ بمثابة نقطة انطلاقٍ رائعةٍ قابلةٍ للتَّطوير المستقبليّ.
لماذا تستخدم النموذج المصغر MVP؟
الهدف الرَّئيسيِّ لاستخدام نموذج MVP المصغَّر هو التَّعلُّم وليس تحقيق أيّ إيراداتٍ أو السَّيطرة على السُّوق أو سدّ فجوةٍ واحتياجاتٍ، فهو فقط مجرَّد اختبار للفرضيات التي تدور حول المنتج، ممَّا يوفِّر رؤىً لا تُقدَّر بثمنٍ قبل تخصيص الكثير من الوقت والموارد للتَّطوير المتكامل للمنتج.
فعندما تستخدم هذا النَّموذج، فإنَّك تحصل على تعليقاتٍ واقعيَّةٍ من العملاء وتتعرَّف على مدى استعدادهم للإنفاق للحصول على ما تقدِّمه، كما تستفيد من معرفة الاستخدامات المتنوّعة لمنتجك أو الخدمة المقدَّمة.
شاهد أيضاً: بوصلة النجاح: كيف تُحوّل ردود فعل العملاء إلى محرك للابتكار؟
مزايا استخدام نموذج العمل المصغر MVP
هناك مجموعةٌ من المميّزات التي حصدتها الشَّركات التي استخدمت نموذج MVP المصغَّر، ومن أهمّ هذه المميّزات: [3]
- توفير الموارد: فهذا النَّموذج يحتاج إلى وقتٍ ومالٍ وجهدٍ أقلَّ من المنتج الكامل، ومن خلال التَّركيز على مميزات المنتج فيمكن للشَّركات توفير الموارد وإطلاق منتجاتٍ أكثر في السُّوق.
- تقليل المخاطر: فهو يُمكِّن الشَّركات من فهم الإمكانات الحقيقيَّة للسُّوق وقدرته على استيعاب المنتج أو الخدمة بأقلِّ قدرٍ من الخسائر.
- الحصول على دخلٍ سريعٍ: فمن خلال تقديم نموذجٍ قابلٍ للاستهلاك منذ اليوم الأوَّل، فإنَّ الشَّركات تحصل على أرباح يمكنها استخدامها في تطوير المنتج وطمأنة المستثمرين وتشجيعهم على ضخّ المزيد من الأموال.
- استقبال التَّعليقات الحقيقيَّة: فعبر التَّواصل مع جمهورٍ حقيقيٍّ ومعرفة ردّ فعله وتعليقاته الإيجابيَّة والسَّلبيَّة، فإنَّ هذا يزيد من إمكانيَّة تطوير منتجٍ ناجحٍ على نطاقٍ أوسعَ.
متى يُستخدم النموذج المصغر MVP في المشاريع؟
يجب على صاحب المشروع استخدام نموذج MVP في عمله عند عدم التَّحقُّق من جدوى الفكرة أو مخاطر وضع استثماراتٍ كبيرةٍ بها، فقد تكون الفكرة شديدة الجاذبيَّة لكنَّها جديدةً تماماً لاستثمارٍ ضخمٍ، فعندما يكون المنتج أو الخدمة يركِّز على قيمةٍ معينةٍ، فإنَّ دراسة الجدوى والنَّماذج الأوليَّة لن تكون كافيةً لتحديد استجابة العملاء.
فيعدُّ نموذج MVP وقتها وسيلة موثَّقة للحصول على رأي مستخدمٍ خارجيٍّ وحقيقيٍّ مبكّراً، ولا يجب استخدامه مطلقاً عند التّرويج إلى منتجٍ مجرَّدٍ من أيّ قيمةٍ خاصَّةٍ بهدف الجمع السَّريع للأموال، فالنَّموذج يُستخدم للأفكار الجديدة التي تقدِّم قيمةً مختلفةً ترغب في قياس ردّ الفعل عليها بأكبر قدرٍ من الكفاءة.
مكونات النموذج MVP
نموذج الـ MVP النَّاجح يجب أن يحتوي على مكوناتٍ أساسيَّةٍ جمعها الخبراء في: [3]
- العملاء: وهو الجمهور المستهدف من تقديم منتجك فيجب وصفهم بأكبر قدرٍ من الدِّقَّة مع تحديد ما يحتاجون إليه والمشكلات التي تواجههم عموماً.
- القيمة: وهو ما يوفّره المنتج أو الخدمة لهؤلاء العملاء من حلّ مشكلاتٍ أو تلبية بعض الاحتياجات.
- القنوات: يجب أن يتكوَّن النَّموذج المصغَّر من القنوات التي ستتواصل بها مع العملاء سواءً وسائل التَّواصل الاجتماعيّ أو البريد الإلكترونيّ أو الإعلانات وغيرها.
- العلاقة: ويُشير هذا المكوِّن إلى الطَّريقة التي تنوي بها جذب العملاء إلى المنتج والاحتفاظ بهم في الوقت نفسه مع إبقائهم مهتمّين بما تقدِّمه مع مرور الوقت.
لبناء نموذج MVP جيِّدٍ وموثوقٍ سوف تحتاج إلى شخصٍ متخصّصٍ في الأمر، وهناك الكثير من المواقع الإلكترونيَّة المتخصِّصة في إطلاق النَّماذج المصغَّرة، كما يمكن الاستعانة بأدوات الذكاء الاصطناعي في كلِّ مرحلةٍ من مراحل بناء هذا النَّموذج، والتي يمكن جمعها في الخطوات التَّالية: [4]
مرحلة استكشاف السوق
وهي مرحلةٌ لا يمكن تجنُّبها للعثور على المنتج المناسب للسُّوق، وتشمل التَّعرُّف على المشكلات التي يمكن لمنتجك أن يحلِّها والإمكانات المتنوِّعة للسّوق المستهدف وتحديد الجمهور وتحديد المميزات وفرضيَّات القبول، وهناك الكثير من أدوات الذكاء الاصطناعي القادرة على مساعدتك في هذه المهمَّة.
تصميم وتطوير النموذج المصغر MVP
فبمجرَّد العثور على الفكرة ودراسة الجوانب السَّابقة نبدأ العمل ببناء نموذجٍ أوليٍّ غير معقَّد يركِّز على الإيجابيَّات وأن يكون سهل الاستخدام وقابلاً للتَّجربة مع أشخاصٍ حقيقيِّينَ.
الإصدار والتَّرويج
وهنا يحين وقت إطلاق المنتج التَّجريبيّ لجزءٍ محدودٍ للغاية من الجمهور مع مراقبة التَّعليقات وتحسين سهولة الاستخدام، وقد يكون التسويق هنا مهمَّةٌ شاقَّةٌ؛ لذا يمكنك الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي والإعلانات المستهدفة والتَّعاون مع المؤثّرين للحصول على أكبر ضجَّةٍ ممكنةٍ حول علامتك التجارية والمنتج الذي تختبره.
تتبع الأداء
فبعد إطلاق المنتج يجب تتبُّع أدائه وقياس الإقبال عليه عبر طرقٍ متخصِّصةٍ، وهذا من خلال حركة المرور والتَّحويلات والاشتراكات وعدد الطَّلبات والمستخدمين الَّذين يُقبلون على المنتج أو حتَّى يتساءلوا عنه، كما يجب مراقبة التَّكلفة هنا والقيمة الدَّائمة الفعليَّة التي شعر بها العميل وهل تتفق مع مخطَّطاتك المبدئيَّة أم لا.
المزيد من التكرار والتطوير المستمر
إذا كان أداء نموذج MVP الأول جيِّداً، فاحتفل بنجاحك لكن مع المزيد من التَّطوير حتَّى تحصل على منتجٍ متكاملِ، فهذه الرِّحلة لن تنتهي مطلقاً، بل يجب عليك التَّحسين المستمرُّ سواءً بنموذجٍ مصغَّرٍ آخر أو بإطلاق المنتج على نطاقٍ واسعٍ مع التَّحسينات المستمرَّة.
شاهد أيضاً: أفضل 4 استراتيجيات للتعرّف على شخصيات العملاء المحتملين
هل هناك مخاطر من تطوير نموذج MVP؟
نموذج MVP آمن في العموم وتتمثَّل مخاطره فقط في عدم تلبية توقُّعات المستثمرين، ولكن هناك أخطاءٌ وقع بها بعضهم عند تطبيق النَّموذج من الأفضل الحذر منها حتَّى لا تزيد مخاطره، ومن أهمّ هذه الأخطاء:
- إنفاق الكثير على النموذج المصغر: فقد أنفق الكثيرون أكثر من 80% من الميزانيَّة لإطلاق نموذجٍ مصغَّرٍ، وهذا يحدث نتيجةً عدم وجود خطَّة عملٍ واضحةٍ وغياب التَّخطيط طويل الأمد، فهنا من الخطورة إطلاق نموذج MVP.
- وضع الكثير من الإمكانات في المنتج المصغَّر: فهذا يضرُّ بشدَّة ويؤخّر إصدار النَّموذج، فلا يجب تحميله بالكثير من المميزات بل استهدف مشكلةٍ محدَّدةٍ وضع حلّاً لها.
- استخدام فريقٍ كبيرٍ لتطوير MVP: فهذا يزيد من التَّكلفة الكليَّة ويُطيل وقت إطلاق النَّموذج؛ لذا أدخل الفريق المتكامل لما بعد الحصول على التَّعليقات والتَّعرُّف على التَّحسينات المطلوب إضافتها.
- أن يكون النَّموذج عاماً للغاية: فمرَّةً أُخرى لا بدَّ من تخصيص مزايا والتَّركيز عليها حتَّى تحصل على الرُّدود الفعليَّة من العميل مع الفهم الصَّحيح لاحتياجاته.
أمثلة مشاريع استخدمت استراتيجية النموذج MVP
نموذج MVP ليس جديداً على الإطلاق، فقد استخدمته عشرات الشَّركات العملاقة، ومن أهمّ المشاريع التي لجأت إلى هذا النَّموذج وحقّقت نجاحاً عالميَّاً يمكن أن نذكر كلَّ من: [5]
- شركة Airbnb: فقد كان النموذج المصغر عبارةٌ عن موقع ويب لحجز المراتب الهوائيَّة عبر الإنترنت، ومن خلاله تمَّ التَّحقُّق من إمكانيَّة الطَّلب قبل التَّوسُّع في المزايا.
- شركة Dropbox: والتي تعدُّ من النَّماذج الأكثر شهرةً، حيث أطلقت فيديو مدَّته 3 دقائق يوضِّح رؤيتها لتبسيط تخزين الملفَّات السَّحابيَّة ومشاركتها، ممَّا ولَّد الاهتمام بالفكرة.
- شركة Facebook: فكان النَّموذج المصغَّر عبارة عن اتّصالات شخصيَّةٍ بين الأصدقاء في جامعة هارفارد مع إمكانيَّة إنشاء ملفَّاتٍ شخصيَّةٍ حتَّى تطوَّرت الفكرة.
- شركة Uber: فقد بدأت بتنسيق لرحلات السَّيَّارات السُّوداء في سان فرانسيسكو عبر الرَّسائل النَّصيَّة القصيرة ومدفوعات PayPal قبل إطلاق التَّطبيق وتحسين الخدمات.
- شركة أمازون: فقد بدأ النَّموذج المصغَّر عبر بيع الكتب لاختبار الطَّلب على الشِّراء إلكترونيَّاً، وبمجرَّد التَّحقِّق من رواج الفكرة بدأت أمازون في التَّوسُّع بمنتجاتها.
وفي النِّهاية، إنَّ نموذج MVP يحتوي على الكثير من المميزات التي يمكن لأصحاب المشروعات تحقيق استفادةٍ حقيقيَّةٍ منها من حيث توفير قيمة للعملاء وحلِّ مشكلةٍ مع اختصار أوقات التَّطوير، فهو مثاليُّ للتَّحقُّق من صحَّة وجودة الأفكار قبل الطَّرح الكبير لها، ومن خلال اتّباع طرقٍ صحيحةٍ لبنائه ومتابعته، فإنَّك ستتمكَّن من طرح أفكارك والتَّّأكُّد من قابليتها للتَّنفيذ بأقلِّ قدرٍ ممكنٍ من التَّكلفة.
-
الأسئلة الشائعة عن نموذج MVP
- ما هو الشكل الكامل لـ MVP في الشركات الناشئة؟ لكل منتج احتياجاته الفريدة لكن يجب أن يجيب نموذج MVP على مجموعة أسئلة هي: لماذا يحتاج العميل إلى المنتج؟ كيف يمكن تقديم المنتج بطريقة مختلفة عن الشركات الأخرى؟ ما الوقت الذي يستغرقه تنفيذ الفكرة؟ ما التأثير المتوقع للمنتج على السوق؟