الرئيسية المفاهيم نموذج أدكار: خارطة تحوّل تعيد تشكيل المؤسسات بذكاء

نموذج أدكار: خارطة تحوّل تعيد تشكيل المؤسسات بذكاء

خطواتٌ مترابطةٌ تُبنى بدقّةٍ لتمهيد عبور الأفراد نحو التّغيير، حيث يتحوّل الرّفض إلى وعي، والتّردّد إلى التزامٍ، والمجهول إلى استدامةٍ مدروسةٍ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

نموذج أدكار، أو ما يُعرف بـ"نموذج ADKAR"، هو عدسةٌ فكرية تُمكّن المؤسّسات من رؤية التّغيير كرحلةٍ نفسيّةٍ وسلوكيّةٍ تمرّ بها كلّ نفسٍ بشريّةٍ داخل المنظومة. ففي زمنٍ تتسارع فيه التّحديّات، لم تعد الخطط الجامدة كافيةً لعبور التّغيّيرات المعقّدة، بل بات من الضّروريّ فهم كيف يتفاعل البشر مع التّغيير لحظةً بلحظةً، من أوّل شعورٍ بالمفاجأة، حتّى تبنّي الحلول كعادةٍ يوميّةٍ. ومن هنا، جاء نموذج ADKAR كأداةٍ ثوريّةٍ تُجسّد البُعد الإنسانيّ في إدارة التّحوّل المؤسّسيّ.

ما هو مفهوم نموذج أدكار؟

نموذج أدكار هو إطارٌ عمليٌّ طوّرته شركة "بروسي" (Prosci) يُستخدم لإدارة التّغيّير على المستوى الفرديّ داخل المؤسّسات. ويُركّز على 5 مراحل متسلسلةٍ تمثّل الشّروط الأساسيّة الّتي يجب تحقيقها كي ينجح الفرد في تبنّي التّغيير:

  • Awareness: الوعي بالحاجة إلى التّغيير.
  • Desire: الرّغبة في المشاركة والدّعم.
  • Knowledge: المعرفة بكيفيّة التّغيير.
  • Ability: القدرة على تنفيذ المهارات والسّلوكيّات المطلوبة.
  • Reinforcement: التّعزيز لضمان استمراريّة التّغيّير.

شرح مراحل نموذج ADKAR 

يتضمّن نموذج أدكار المراحل التّالية:

الوعي: لماذا نحتاج إلى التغيير؟

تشكّل هذه المرحلة لحظة الوعي الأولى الّتي يُدرك فيها الأفراد أن هناك تغييراً قادماً، وتبدأ الأسئلة بالظّهور: لماذا هذا التّغيير ضروريٌّ؟ ماذا يحدث إن لم نتحرّك؟ تكمن أهميّة هذه المرحلة في تقديم مبرّراتٍ واضحةٍ تُقنع الموظّف بضرورة التّغيير، وتقلّل من احتماليّة المقاومة. يعتمد نجاحها على وضوح الرّسائل الاتصاليّة وشفافيّتها.

الرغبة: هل أريد أن أكون جزءاً من هذا التغيير؟

هنا تنتقل رحلة التّغيير من الفهم إلى القبول؛ فلا يكفي أن يعرف الفرد ضرورة التّغيير، بل لا بدّ أن تتولّد لديه رغبةٌ حقيقيّةٌ للمشاركة فيه؛ هذه المرحلة تتأثّر بعوامل شخصيّةٍ، مثل: الحوافز، والدّوافع، والثّقافة التّنظيميّة. دور القيادة حاسم في هذه المرحلة، إذ إنّ التّشجيع والدّعم يلعبان دوراً جوهريّاً في تعزيز الالتزام.

المعرفة: كيف أطبّق التغيير؟

بعد تولّد الرّغبة، يأتي دور التّعليم والتّدريب؛ ففي هذه المرحلة يُزوّد الأفراد بالمعارف، والمهارات، والأدوات الّتي يحتاجونها لتطبيق التّغيير. وقد تشمل هذه المعرفة: خطواتٌ عمليّةٌ، وبرامج تدريبيّةٌ، أو أدلّة عملٍ. 

القدرة: هل أستطيع تطبيق التغيير بنجاح؟

الفرق بين المعرفة والقدرة هو التّطبيق العمليّ، فقد يمتلك الفرد المعرفة اللّازمة، لكنّه يحتاج إلى ممارسةٍ، وتكرارٍ، ودعمٍ حتّى يصبح قادراً فعليّاً على تنفيذ التّغيير ضمن مهامّه اليوميّة. في هذه المرحلة يظهر دور التّدريب العمليّ، والتّغذية الرّاجعة، وتوفير بيئةٍ داعمةٍ تتيح فرص التّجريب دون خوفٍ من الفشل.

الترسيخ: كيف أضمن استمرارية التغيير؟

تهدف المرحلة الأخيرة إلى تثبيت التّغيير ومنع العودة إلى الأساليب السّابقة. يتطلّب هذا جهوداً مستمرّةً للاعتراف بالإنجازات، وتقديم المكافآت، وقياس الأداء وفق المعايير الجديدة. 

لماذا يُعدّ نموذج أدكار فريداً في إدارة التغيير؟

يُعدّ نموذج أدكار فريداً؛ لأنّه يُركّز على البُعد الإنسانيّ للتّغيير، بعكس النّماذج التّقليديّة الّتي تعالج التّغيّير من منظورٍ تقنيٍّ أو تنظيميٍّ فقط؛ فهو يُراعي التّجربة النّفسيّة الّتي يمرّ بها كلّ فردٍ عند مواجهة التّغيير، ممّا يُسهم في تقليل المقاومة وتحقيق التّحوّل بسلاسةٍ. كما يُوفّر خارطةً واضحةً بخطواتٍ مترابطةٍ تُسهم في بناء ثقافةٍ داخليّةٍ داعمةٍ للتّغيّير.

 تحديات تطبيق نموذج أدكار

  • ضعف الوعي بالتّغيير: قد يفتقر الأفراد إلى فهمٍ واضحٍ لسبب التّغيّير، ممّا يؤدّي إلى مقاومته أو تجاهله.
  • غياب القيادة الدّاعمة: ضعف التزام القادة أو عدم وضوح دورهم في دعم النّموذج يؤثّر سلباً على فعاليّته.
  • محدوديّة الموارد: عدم توفر الوقت أو الميزانيّة أو الكفاءات اللّازمة لتنفيذ خطوات النّموذج بشكلٍ فعّالٍ يُعطّل النّتائج.
  • الفجوة بين النّظريّة والتّطبيق: رغم وضوح النّموذج، إلّا أنّ تحويله إلى خطواتٍ عمليّةٍ يتطلّب خبرةً وتخطيطاً دقيقاً.
  • التّفاوت في الاستعداد الفرديّ: يواجه القائمون على التّغيّير صعوبةً في التّعامل مع اختلاف استعداد الموظفين للانتقال من مرحلةٍ لأخرى داخل النّموذج.

نموذج ADKAR ليس فقط أداة لتطبيق التّغيير، بل هو عدسةٌ إنسانيّةٌ تُمكّن المؤسّسات من فهم المشاعر والسّلوكيّات المصاحبة لكلّ تحوّلٍ، فعندما يتحوّل التّغيير من أمرٍ يُفرَض من الخارج إلى قناعةٍ تنبع من الدّاخل، تُولَد ثقافةٌ مؤسسيّةٌ تُبدع في التّكيّف، وتنتصر في وجه التّحوّلات الكبرى.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: