ماذا يخبرنا الإغريق عن فن اغتنام اللحظة المثالية؟
عند تطبيق استراتيجية العمل، يكون التوقيت أكثر أهمية من الخطة نفسها!
من المؤكَّد أنَّه قد مرَّت معكَ كثيراً كلمة Chronos التي تتعلَّق بالسَّاعات الفاخرة وحساب الوقت، ولكن هناك كلمةٌ أُخرى متعلِّقةٌ بالوقت وأكثر أهميّةً منها، وهي kairos، وفي اللُّغة اليونانيَّة تُمثّل kairos نوعاً من الوقت النَّوعيّ، كما إذا قلنا "الوقت المناسب"، وبينما تمثّل Chronos نوعاً مختلفاً من الوقت الكميّ، كما في السُّؤال عن "ما هو الوقت الآن؟" و"هل سيكون لديك ما يكفي من الوقت؟" [1]
Kairos تعني اغتنام اللَّحظة المثاليَّة أو حتَّى خلقها لإيصال رسالةٍ أو اتّخاذ إجراءٍ معيَّنٍ، وتشير kairos أيضاً إلى خلق الصُّدف، مثلاً، عندما تشرق الشَّمس في نهاية كوميديا رومانسيَّة بعد حلّ جميع النّزاعات، وذلك يعني أنَّ Kairos لها علاقةٌ بالملاءمة، واللَّباقة، والتَّناسق، والتَّوازن، أي الوعي بالموقف الخطابيّ أو الظُّروف التي تفسح المجال للفرص السَّانحة؛ إنّها تعني فن التَّوقيت، بما معناه اختيار اللَّحظة الأكثر ملاءمةً، والمحوريَّة لتحقيق التَّأثير المطلوب.
شاهد أيضاً: 10 سمات شخصيّة للإحاطة بها قبل أن تدوّن خطّة عملك
بصفتك قائداً للأعمال، يتوجَّب عليك وضع خططٍ لدفع مؤسَّستك نحو التَّقدُّم، ولكن عندما تكون تلك الخطط جامدةً للغاية وتُركّز بشكلٍ مفرطٍ على Chronos والتَّوقيت المنهجيّ للأنشطة، فإنَّك غالباً ما تفوّت تلك الفرص (الكايروسيَّة) التي يُمكن أن تدعمَ نجاح أهدافك أو تعرقلها، وهذا يعني أنَّ القادة الفعَّالين حقّاً يجب أن يمتلكوا عقليَّة Kairos، أي القدرة والاستعداد للتَّخلّي عن الخطَّة عندما تعترض الأحداث طريقهم، ولا شكَّ أنَّ الخطَّة ضروريَّةٌ، فلا يُمكنك إدارة الاستراتيجيَّة التي تتبعها في عملك بشكلٍ عشوائيٍّ بالكامل، ومع ذلك فإنَّ الخطَّة الصَّارمة التي لا تتكيَّف مع المواقف والمتغيرات ستثبت أنَّها غير فعَّالةٍ وقد تكون مكلفةً للغاية.
لنفترض أنَّ شركتك تسعى إلى إعادة هيكلة قسم المبيعات، ولكنَّ رئيس القسم يعارض ذلك، وفي هذه الحالة، تُقرّر القيادة إجراء إعادة هيكلةٍ تدريجيَّةٍ وطويلة الأمد لتسهيل عمليَّة التَّغيير، وفي منتصف الطَّريق، يستقيل رئيس قسم المبيعات بشكلٍ غير متوقَّعٍ، وهنا تجد أنَّ الالتزام بنهج Chronos سيحافظ على الإطار الزَّمنيّ المُتفّق عليه، ولكن بتطبيق نهج Kairos، سيعدُّ هذا التَّغيير فرصةً للقيادة لتسريع عمليَّة إعادة الهيكلة.
شاهد أيضاً: لماذا تفشل خطط الشركات؟ إليك أهم الأسباب والحلول العمليّة
غالباً ما يتم تحفيز لحظات Kairos بإجراء تغييرٍ بيئيٍّ أو تنافسيٍّ أو له علاقةٌ بالموظَّفين، ولكنَّها قد تُفعَّل أيضاً بواسطة تحولاتٍ ثقافيَّةٍ ونفسيَّةٍ داخل الشَّركة؛ لذا من المهمِّ ألّا تمتلك موقفاً متحجّراً، فتتقيد بالإطار الزَّمنيّ للخطَّة التي وُضِعت في أجواءٍ مريحةٍ في قاعة الاجتماعات؛ لأنَّه ستغيب عنك حقيقةُ قرارات الأعمال المعقَّدة في كثيرٍ من الأحيان، بل كن مستعدّاً للتَّوقُّف لبرهةٍ، وكن مستعدّاً لتبنِّي إطارٍ زمنيٍّ مرنٍ، واترك مجالاً للتَّعرُّف على لحظات Kairos والتَّصرُّف بناءً عليها؛ لأنَّها المفتاح الذي سيجلب لك الحظَّ.