بعد نهاية SaaS: هذا هو الهدف من الذكاء الاصطناعي التوليدي
شكوكٌ كثيرةٌ حول الذكاء الاصطناعي التوليدي منذ زمن، ولكن الآن لا بد من معرفة إلى أين يتجه هذا الأمر.
بقلم جو بروكوبيو Joe Procopio، مؤسس Teachingstartup
في الشّهر الماضي، كتبت مقالاً تنبّأتُ فيه بنهاية خدمات البرمجيات كخدمة (SaaS)، وأثار ذلك ضجّةً كبيرةً. الأشخاص الذين لم يقرؤوا المقال كانوا مندهشين أو يُمكن قول إنّ الأشخاصَ الذين لديهم مصلحةٌ في استمرار SaaS فقدوا أعصابهم. وقبل بضعة أيامٍ، طرحتُ سؤالاً عمّا إذا كان الذّكاء الاصطناعي مجرّد تشويشٍ ضخمٍ آخر من المستثمرين الكبار، مثل العملات الرّقمية القابلة للتداول (NFTs) . ولكن لم يثِرْ هذا السّؤال ضجّةً كبيرةً كما حدث مع مقالي عن SaaS. على ما يبدو، يحبّ النّاس SaaS، ولكنّهم متشكّكون في الذّكاء الاصطناعي، وأنا أيضاً كذلك. [1]
لدي تاريخٌ طويلٌ مع الذّكاء الاصطناعي التّوليدي. إذ كنت هناك منذ البداية، حينما شاركت في اختراع أوّل منصّةِ Gen-A.I، تُستخدم في تطبيقات السّوق الشّاملة مع Automated Insights، ثم بيعت الشّركة لشركة استثمارٍ خاصٍّ في عام 2015م، وبعد ذلك، أعتقد أنّهم اتّجهوا في الاتجاه الخاطئ مع التّكنولوجيا، وقررت تركها في عام 2018.م
الأمر هو أنّني كنت متشكّكاً في الذّكاء الاصطناعي التّوليدي منذ أكثر من عامٍ. الآن، لأنّني أعرف بالفعل إلى أين يتّجه هذا الأمر، أعرف الطّريقة الصّحيحة لاستخدام هذه التكنولوجيا، وهذا يقتلني؛ وكلّ ذلك يتعلّق بنهاية .SaaS
لم أقل أن خدمات البرمجيات كخدمة (SaaS) ميتة
بل قلت أنّ نهاية ما نسمّيه SaaS أقرب ممّا تتخيّلون. إنّه مكتوبٌ بوضوحٍ في العنوان، أيّها الحانقون. بإيجازٍ شديدٍ: أطلقتُ تعليقاً غاضباً: لن تفلس Oracle و SAP غداً. ولكنّنا نقترب بسرعةٍ من نقطة التحوّل حيث تتلاقى توقّعات المستخدم والتّكنولوجيا على نمطٍ من التّحليلات البيانية المتعلّقة بـ (افعلها من أجلي)، والذي سيتفوّق على النّموذج الحالي المتعلّق بـ (افعلها بنفسك).
وبالتالي، لن يكون مطوّرو البرمجيات والتّطبيقات قادرين بعد الآن على الاستمرار في إخراج البيانات المجمّعة والملخصة إلى المستخدم، ليتخذوا قراراتهم التّجارية الخاصّة. وعندما يتحدّث الناس عن عدم جدوى تطبيقاتٍ مثل Google Analytics 4 (GA4)، الذي هو في الواقع مفيدٌ جدّاً لأولئك الذين يعرفون كيفية تحليل البيانات؛ فهذا ما يتحدثون عنه.
كما قلتُ في المقال، سيؤدي تأثير الذّكاء الاصطناعي التّوليدي إلى زيادة الطلب من العملاء الذين يرغبون في خيارات قرارٍ متينةٍ تُعرض لهم، والذين لا يرغبون في الخوض في شاشات لوحات التحكّم الجميلة والاضطرار إلى استخلاص استنتاجاتهم الخاصّة.
هذا يحدث بالفعل. ولكنّني لست متأكّداً، بعض الأشخاص اعتقدوا أنّني أدعو إلى زيادة الإدخال الصّوتي على حساب لوحات المفاتيح؛ لا يمكنك تثقيف جميع النّاس في كلّ الأوقات.
شاهد أيضاً: الدمج الاستراتيجي للذكاء الاصطناعي في عملك: ما الذي ينبغي أن تستخدمَه؟
أنا لم أقل أن الذكاء الاصطناعي كان مجرد تشويش ضخم من كبار المستثمرين
لقد طرحت السّؤال فقط، ولكن يبدو أنّني نكزتُ الدّب، لقد هززتُ القفص وأثرتُ ضجّةً. وقد لاحظت أنّ النّماذج التّجارية المشبوهة الأكثر حداثةً والتّطبيقات الناقصة التي أبدأ في رؤيتها للذّكاء الاصطناعي التّوليدي تشبه إلى حدٍّ كبيرٍ الخطط المريبة المدفوعة بالمال التي سمّمت بئر العملات الرّقمية القابلة للتّداول (NFT) / العملات المشفّرة.
وإذا لم أطرح الأسئلة المحتملة، فمن سيفعل؟ لأنّني لديّ الخلفية في مجال الذّكاء الاصطناعي، وأيضاً لديّ أكثر من 25 عاماً من تقديم منتجاتٍ مفيدةٍ في مواقع تكنولوجية متغيّرةٍ باستمرارٍ. أنا لا أهزّ قبضتي مهدّداً السُّحُب، وإنّما أنا أضع النّقاط على الحروف بناءً على خبرتي.
- إليك استنتاجاتي حول الذّكاء الاصطناعي التّوليدي، والتي قادتني إليها تلك الخبرة.
جزءُ "الذّكاء الاصطناعي" من الذّكاء الاصطناعي التّوليدي هو الكمّ الهائل من الخوارزميات التي يمكن تطبيقها بسرعةٍ على جبالٍ من البيانات التي يمكن أن تولّدها وتجمّعها الخوادم. إنه محرّكٌ للقرار على نطاقٍ واسعٍ؛ وهذا ما كنّا نقوم به في عام 2010. كنا قد تفوّقنا على AWS (خدماتِ موقع أمازون) في ذلك الوقت، ولكن في عام 2023؟ لم يعدّ الأمر جديداً أو ثورياً.
أما جزءُ "التّوليدي" فهو التقدّم في التّكنولوجيا الذي يمكنه تقديم نتائج الخوارزميات المذكورة على البيانات المذكورة على هيئة جملةٍ، أو صورةٍ، أو موسيقى.
هذا رائعٌ؛ هذا هو السّبب في أن Gen-A.I. هو شيء مُبتَكَرٌ. كنت أتمنى أن نكون قد حصلنا على ذلك في عام 2010م، فهناك الآلاف من الاستخدامات الاستهلاكية الصّغيرة الممتعة، وطنٌ آخرُ من الاستخدامات المخيفة غير الأخلاقية المحتملة لتكنولوجيا من هذا النّوع. ولكنّنا كنّا نتعامل مع هذه التكنولوجيا ونتحدّث عن أخلاقيات الذّكاء الاصطناعي في عام 2010م، فهو ليس جديداً، وليس ثوريّاً.
ولكن عندما تأتي نهاية SaaS...
شاهد أيضاً: كيف تطلق العنان لإمكانيات عملك بالذكاء الاصطناعي
اقلب السيناريو
بدأت في مجلس إدارة شركةٍ جديدةٍ قد تقوم بشيءٍ ثوريٍّ، وربّما حتى تطيح ببرمجياتٍ مثل GA4 . إنّهم أشخاصٌ رائعون، وهم يتّبعون نهجاً حذراً جدّاً في دمج الذّكاء الاصطناعي التّوليدي في نموذجهم.
في الأسبوع الماضي، كنّا ننظر إلى الإطار الشّبكي لمنتج النّسخة التّجريبية الأولى، والذي يجب أن يكتمل في وقتٍ مبكّرٍ جدّاً من العام المقبل. عندما وصلوا إلى منطقة "لوحات التحكّم"، أدركتُ الأمر فجأةً كما لو أنّ صاعقةً ضربت عقلي.
لقد جلبوا جبلاً من البيانات، وقاموا بتحليلٍ خوارزميٍّ رائعٍ، ووضعوا النّتائج في سلسلةٍ من الرّسوم البيانية والجداول التي كانت رائعةً عند النّظر إليها وسهلةِ الفهم. يُمكن للمستخدم حتى أن ينقرَ للوصول إلى التّوصيات لكلّ مجموعةٍ من البيانات إذا كانت هناك توصياتٌ.
- قلت "انتظر، اقلب السيناريو".
ابدأ بالتّوصيات، وأنفق كلّ وقتك في العمل عليها. إنّه تغييرٌ كبيرٌ واقتراحٌ مخيفٌ، لأنّك تقوم بكلّ هذا العمل الخوارزمي للمستخدم ثم يُحتمل أن تعرض لهم شاشةً فارغةً من النّتائج.
شاهد أيضاً: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعيق خدمة العملاء في شركتك؟
لا يوجد شيء هنا، عد إلى العمل
ولكن هذا لا يختلف عمّا تفعله برامج الخدمات السّحابية (SaaS)، باستثناء أنّها تجعل المستخدم يقوم به. إنّها تجبر المستخدم على استخلاص استنتاجاتهم الخاصّة واتّخاذ قراراتهم الخاصّة. وإذا لم تقدّم برامج الخدمات السّحابية تحليلاً ملموساً للاستخدام في اتّخاذ القرارات، فإن المستخدم يضطرّ إلى دفع مبالغَ كبيرةٍ لأشخاصٍ آخرين لإخبارهم بأنهم لم يحصلوا على شيءٍ أو ليبتكروا شيئاً ما لتبرير رواتب مستوى علماء البيانات.
الشّركة التي أعمل معها لم تنشأ لتصبح مجرّد مؤسسةٍ أخرى تديرها برامج الخدمات السّحابية. مهمّتها هي تقديم القيمة، وليس تقديم تقارير على طراز تقارير التّسعينيات. هذا هو استخدام الذّكاء الاصطناعي التّوليدي لديهم. ومع تطور الذّكاء الاصطناعي عندهم، يمكنهم أن يقولوا للمستخدم ليس فقط ما يجب عليهم فعله، ولكن أيضاً يمكنهم أن يقترحوا فعل ذلك بالنيابة عنه.
شاهد أيضاً: لا تقع في فخ الوعود الزائفة للذكاء الاصطناعي
خلاصةُ القول، هكذا يجب علينا أن نفكّر في الذّكاء الاصطناعي التّوليدي وفي كيفيّة استخدامه. ملء الفجوات، والتخلّص من العمليّات التّخمينيّة، ومنح المستخدم الثّقة في خياراته وأفعاله، لقد قلنا دائماً إنّ هذا هو ما نريد أن تقوم برامجنا به من أجل العميل منذ سنواتٍ.
- الآن حان الوقت لتحقيق ذلك.