هل تمتلك عقلية الاحتمال؟ راهب سابق يُقدّم 3 خطواتٍ عمليّةٍ لصقلها
العقل المنغلق لا يتفاعل بشكلٍ جيدٍ مع الابتكار، لذلك لا بدّ من الانفتاح على الأمور
بقلم خوان م. فرنانديز Juan M. Fernandez، مؤسس Coaching by JMF
تخيَّل عالماً لا يقتصر فيه تفكيركَ على ثنائيَّات التَّفاؤل والتَّشاؤم، والخير والشَّرُّ، والفشل والنَّجاح، تخيَّل طريقاً مليئاً بالأبواب التي تنتظر أن تُفتح، هذا ليس خيالاً، إنَّه مكانٌ حقيقيٌّ، مثل الشَّاشة التي تقرأ عليها هذا المقال، كلُّ ما يتطلَّبه الأمر لتحقيقِ ذلك هو تبنّي تحوَّلٍ عقليٍّ رئيسيٍّ يدعو إليه قادة الفكر مثل جاي شيتي Jay Shetty.
في حلقةٍ قويَّةٍ من بودكاست Shetty's ON Purpose، يتعمَّق الرَّاهب السَّابق في تعقيداتِ ثلاثة أنواعٍ رئيسيَّةٍ من التَّفكير: التَّفكير الإيجابيّ، والتَّفكير في المشكلات، والتَّفكير في الاحتمالات، في حين أنَّ النّوعين الأوليَّين هما مجالان مألوفان بشكلٍ عامٍّ، فإنَّ النَّوع الثَّالث -عقلية الاحتمال- هو الذي يحمل مفتاح التَّفكير التَّحويليّ، خاصَّةً لقادة الأعمال وروَّاد الأعمال.
من المؤكَّد أنَّ التَّفكيرَ الإيجابيّ، الذي يُنظر إليه غالباً على أنَّه التَّرياق لتحديَّات الحياة، له فوائده، ومن الأفضل عادةً أن تكونَ مفكِّراً إيجابيَّاً بدلاً من أن تكونَ دائم التَّشاؤم، ومع ذلك، عندما يصبح هذا النَّهج شعاراً أعمى لتجاهل السَّلبيات، فقد يؤدّي إلى ضياع فرص النُّمو، وعلى النَّقيض من ذلك يكون التَّفكير في المشكلات، تركِّز هذه العقليَّة فقط على السَّلبيَّات والمزالق المحتملة، في حين أنَّه من المهمِّ أن تكونَ واقعيَّاً وتعترف بالتَّحديَّات، فإنَّ التَّفكير في المشكلات غالباً ما يطمس الخطَّ الفاصل بين القضايا الفعليَّة والبنيَّات العقليَّة، ممّا يؤدّي إلى دائرةٍ من الأفكار التي تهزم نفسها بنفسها.
ووفقاَ لشيتي، فإنَّ سدَّ الفجوة هو ما يسمِّيه عقليَّة الاحتمال، وعلى حدِّ تعبيره؛ فإنَّ هذا النَّهج لا يتعلَّق بالتَّفاؤل غير الواقعيّ أو الانهزاميَّة المتشائمة، بل يتعلَّق باستكشاف ما هو ممكن، إنَّه ينطوي على رؤية ما وراء العقبات المباشرة وتصوِّر مساراتٍ متعددةٍ لتحقيق النَّجاح، إنَّه يشجّعنا على النَّظر إلى ما هو أبعد من النَّتائج الثُّنائيَّة وعلى تبنِّي مجموعةِ الاحتمالات التي تقع بينهما.
شاهد أيضاً: 6 عقليات يتمتع بها الذين يُنشِئون أعمالهم الخاصة الناجحة
كيف تتبنّى عقلية الاحتمال
تدفعك عقليَّة الاحتمال إلى التَّفكير خارج الحدود التَّقليديَّة، والبحث عن مساراتٍ مبتكِّرةٍ نحو الأمام، لقد كان هذا النَّهج بمثابة حجر الزَّاوية للعديد من الَّذين نجحوا في بناء وظائف ناجحةٍ من خلال وسائلٍ متنوَّعةٍ، ويعدُّ إيجاد الحلول الإبداعيَّة سمةً أساسيَّةً لعقليَّة الاحتمال والتي يمكن لجميع روَّاد الأعمال والقادة الاستفادة منها، لكنَّ التَّفكير الاحتماليّ ليس مجرَّد تمرينٍ فكريٍّ، فهو يتطلَّب عملاً، إنَّه يدعوك لتجربة أشياءٍ جديدةٍ، واتّخاذ خطواتٍ ملموسةٍ نحو أهدافك، ومن ثمَّ، يصبح التَّجريب وتقبُّل الفشل كطريقٍ للنَّجاح أمراً بالغ الأهميَّة.
بالإضافة إلى ذلك، إنّ أحد العناصر الحيويَّة لعقليَّة الاحتمال هو الموازنة بين الامتنان والطُّموح، ويتعلّق الأمر بتقدير ما حقَّقته مع توقُّع النَّجاحات المستقبليَّة، وهذا التَّوازن يغذّي عقليَّة الرَّخاء، وهو أمرٌ مهمٌّ لمرونة ريادة الأعمال على المدى الطَّويل، فهو يساعدُ على التَّركيز على جذب المزيد ممّا لديكَ، بدلاً من الاستياء ممّا ينقصك، وفيما يلي ثلاث خطواتٍ يجب عليك اتّخاذها لإعادة صياغة عقليَّتك للتَّفكير في الاحتمالات:
1. فكِّر فيما أوصلك إلى هذا الحدّ
من التَّمارين الرَّائعة أن تقوم بإدراج رحلتك والتَّفكير في المهارات والمسارات التي قادت طريقك، لا يقتصر هذا التَّمرين على الاحتفال بالانتصارات السَّابقة فحسب، بل يتعلَّق أيضاً بفهم الأساليب المتنوَّعة التي يمكن أن تؤدّي إلى النَّجاحات المستقبليَّة، إنَّ مفتاح تحقيق النُّمو المستمرُّ هو إيجاد التَّوازن الصَّحيح بين التَّفكير والتَّنفيذ، ومن المحتمل أنَّك حقَّقت أهدافاً قلت ذات مرَّة أنَّها ستجعلك سعيداً وراضياً، من المفيد أن تتأمَّلَ في هذه الأمور، وتقدِّر مدى التَّقدُّم الذي حقَّقته، وتستخدم ما تعلَّمته من الرِّحلة للمضي قدماً بشكلٍ فعَّالٍ.
2. ضع خطَّة عملٍ
إنَّ تحديد خطواتٍ قابلةٍ للتَّنفيذ هو حجر الزَّاوية في تحويل التَّفكير الاحتماليّ إلى الواقع، فباعتبارك رائد أعمالٍ، سوف تستفيد من التَّفكير بشكلٍ مبتكرٍ في استراتيجيَّات حلِّ المشكلات وتحديد الأهداف، وفيما يلي إطارٌ مثيرٌ للاهتمام لتحديد الأهداف، طورّه رجل الأعمال والمؤلِّف والمتحدَّث ساهيل بلوم Sahil Bloom:
فكِّر في فئتين أساسيَّتين: الأهداف الشَّخصيَّة والأهداف المهنيَّة. إذ تحتوي كلُّ فئةٍ أساسيَّةٍ على أربعة مكوِّناتٍ مترابطةٍ:
- الأهداف الكبيرة: يجب أن تكونَ هذه الأهداف كبيرةً وطموحةً، ولكن أقلَّ من أن تكونَ سخيفةً كليّاً، كما يقول بلوم، يجب أن تكونَ أهدافك الكبيرة "محفِّزةً على نطاقٍ كبيرٍ، ولكن ربَّما تكون بعيدةً جداً وهائلةً ومخيفةً، بحيث لا يمكن تحفيزها على أساسٍ يوميٍّ صغيرٍ".
- أهداف نقاط العبور: إذا كنت تعدُّ أهدافك الكبيرة هي قمَّة الجبل، فإنَّ أهداف نقاط العبور لديك هي موقع المخيَّم في منتصف الصُّعود، لا يمكنك الوصول إلى قمَّة جبلك دون الوصول إلى مواقع المعسكرات هذه أولاً، حيث إنَّ جميع المسارات تمرُّ من خلالها.
- الأنظمة اليوميَّة: كما قال جيمس كلير James Clear في كتابه الأكثر مبيعاً (العادات الذَّريَّة Atomic Habits (Avery, 2018)): "أنت لا ترقى إلى مستوى أهدافكَ، أنت تهبط إلى مستوى أنظمتكَ"؛ أنظمتك اليوميَّة هي أهمُّ شيئين أو ثلاثةِ أشياء تفعلها كلَّ يومٍ لتقتربَ من أهدافكَ.
- الأهداف المضادة: ليس من المفيد فقط أن تعرفَ إلى أين أنت ذاهب، ولكنَّك تريد أيضاً أن تكونَ على دراية بالأماكن التي تحاول تجنُّبها، ومرَّة أخرى، إذا كانت الأهداف الكبيرة هي قمَّة جبلك، فإنَّ أهدافكَ المضادة هي الأشياء التي لا تريد التَّضحيّضة بها في طريقكَ إلى هناك.
خذ ورقةً واكتب ثلاثة أهدافٍ شخصيَّةٍ وثلاثة أهدافٍ مهنيَّةٍ كبيرةٍ، لكلّ هدفٍ كبيرٍ، اكتب هدف نقطة عبورٍ محدِّداً وقابلاً للقياس، بعد ذلك، قم بتدوين ثلاثة أنظمةٍ يوميَّةٍ تساعدك على تحقيق ذلك، وأخيراً، قم بإعداد قائمة بأهدافك المضادة، تلك الأشياء التي لا تريد التَّضحية بها أثناء الطَّريق، دع هذه الورقة لتكونَ دليلك.
شاهد أيضاً: كيف تحدد أهدافك: أسرار لن يخبرك بها رؤساؤك عند وضع قرارات العام الجديد
3. اكتب قائمة الامتنان
ممارسة الامتنان هي أكثر من مجرَّد تمرينٍ للشُّعور بالسَّعادة، إذ يجبُ أن تنظرَ إليها كاستراتيجيَّةٍ للنَّجاح، والتَّركيز على ما لديك بدلاً من ما هو مفقودٌ يخلق أساساً للرَّخاء ويفتح مزيداً من السُّبل للنُّمو والفرص، اكتب كل أسبوع شيئاً واحداً أو شخصاً تشعر بالامتنان له واشرح السَّبب بتفصيلٍ كبيرٍ، وركِّز على المشاعر التي تمرُّ بها وصِفْها بأكبرٍ قدرٍ ممكنٍ من الوضوح، ثمَّ ابحث عن طريقةٍ عمليَّةٍ لإظهار امتنانك وقم بتنفيذها، على سبيل المثال، إذا كتبت اسم شخصٍ ما؛ فاتَّصل به وأخبره بما جعلك تشعر به، أخبر هذا الشَّخص عن مدى امتنانك له، وافعل ذلكَ بانتظام كطريقةٍ عمليَّةٍ لتعزيز الامتنان.
تعدُّ عقليَّة الاحتمال أمراً ضروريَّاً للازدهار في مشهد الأعمال المتطوِّر باستمرار، ويتعلَّق الأمر برؤية ما هو أبعد من اللّونين الأسود والأبيض فقط، وتقبُّل العديد من ظلال اللّون الرَّمادي بينهما، ومع ذلك، كلُّ رحلةٍ مختلفة، وأثناء تنقلِّك في طريقك، اصقل عقليَّة الاحتمال لتكون بمثابة بوصلتكّ، والتي ترشدكّ للاستكشاف والتَّجربة والتَّفوُّق، واقصد قمَّة جبلكَ واستخدم هذه النَّصائح للمضي قدماً كلَّ يومٍ.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.