هل دورك كرئيس تنفيذي يكمن بالقيادة أم التنحي عن طريق موظفيك؟
بدلاً من التّحول إلى ديكتاتور، إليك طريقة أفضل لتشكيل وتوجيه من تقودهم والحصول على أفضل النتائج.
تتجلّى القيادة في أشكالٍ متعدّدةٍ ومتنوّعةٍ؛ وبين الأساليبِ البارزةِ نجدُ: القيادةَ الدّيكتاتوريّة، والتّشاركيّة، والوفوضيّة، والثّوريّة، والتّفاعليّة، والظّرفيّة. النّقطةُ العمياءُ في هذه الأساليب تكمنُ في معالجتها لمسألةِ صنعِ القرارِ داخلِ الهيكلِ التّنظيميّ، ودور الرئيس التنفيذي في هذه العمليّةِ. [1]
تغلبُ الفكرةُ الشّائعةُ على أن الرّئيسَ التّنفيذيّ هو المحورُ الرّئيسيّ لعمليّة صنعِ القرارِ. ويتوهّم البعضُ، أنّه بمجرّد بلوغهم هذا المركز الهام، فقد أصبحوا المصدرَ الرّئيسَ لاتّخاذ جميع القراراتِ. إذا كانت نزعتكَ ديكتاتوريّةً، قد يكونُ الأمرُ صحيحاً إلى حدٍّ ما. ولكن، يتعذّرُ على الرّئيسِ التّنفيذيّ أن يظلَّ محصوراً في دائرةِ صنعِ القرارِ بشكلٍ مستمرًٍ، بل يجبُ أن يسعى إلى توجيهِ القراراتِ بدلاً من اتّخاذها بشكلٍ مباشرٍ. ومع هذا، يجدُ الكثيرون من الرّؤساءِ التّنفيذيين صعوبةً في تحديدِ كيفيّةِ تحقيقِ تأثيرٍ فعّالٍ، وتوجيه القراراتِ لتجنّب جمودَ الشّركةِ.
إليكَ توضيحاً لما أريدُ إيصاله؛ تواجهُ المنظّماتُ عدداً هائلاً من القراراتِ يوميّاً. وسيكون من الصّعبِ على الرّئيسِ التّنفيذيّ المشاركةُ في كلِّ واحدٍ منها. وبالتّالي، بدلاً من اتّخاذِ جميع القراراتِ بشكلٍ مباشرٍ، يتيح الرّئيس التّنفيذيّ للآخرين اتّخاذ القراراتِ التي يمكنهم دعمها. ويتطلّبُ هذا توحيد الجميع حول هدفٍ مشتركٍ، وتوضيح الأولويّات، وتحديدِ الأهدافِ، وتعزيزِ ثقافةٍ قويّةٍ، ووضعِ استراتيجيّة واضحةٍ.
والواقع أنّ الأمورَ تمتدُّ إلى أفقٍ أبعد من ذلكَ. إذ يتمتّع واحدٌ من العملاء لديّ بكلّ العواملِ المذكورةِ أعلاه، ولكنّ الغموض يحيط بعمليّةِ اتّخاذِ القرارِ. بالتّأكيدِ، هناك فرقٌ وأدوارٌ وتسلسلٌ هرميٌّ محدّدٌ، ولكن عندما تجتمعُ الإدارةُ التّنفيذيّةُ، نادراً ما تسيرُ الأمورُ باتّفاقٍ كاملٍ، وغالباً ما تظهرُ نمطيّةٌ في البدء والتّوقفِ بالنّسبةِ للقراراتِ الرّئيسيّةِ.
شاهد أيضاً: كيف أستجيب لشكوى حول سلوك موظفي خارج مكان العمل؟
يجبُ على الرّئيسِ التّنفيذيّ في هذا السّياق أن يحدّدَ معايير اتّخاذ القرارِ للفريقِ، بما في ذلك من يجبُ أن يشاركَ، وما هي الأسئلةُ التي يجبُ الإجابةُ عليها، وما هي الحواجزُ التي يجبُ تجاوزها، ومتى، وبواسطةِ من يتمّ اتخاذُ القراراتِ.
هناك استثناءاتٌ دائماً حيث يتعيّن على الرّئيسِ التّنفيذيّ التّدخلُ في اتّخاذ القراراتِ. وهذا يشملُ الحالاتِ الّتي لها تأثيراتٌ طويلةُ الأمدِ على اتّجاهِ الشّركةِ، ورؤيتها، ومهمّتها، وقيمها، وأخلاقها، وتلكَ التي تؤثّرُ بشكلٍ كبيرٍ على الصّحةِ الماليّةِ للشّركةِ، أو الأخطار المرتبطةِ بالخسائرِ المحتملةِ، أو التّداعيات القانونيّةِ، أو الضّرر المحتملِ بسمعةِ المنظّمةِ، أو قد يشاركُ بنفسهِ في اتّخاذِ قراراتٍ بعيداً عن القمّةِ، مثل: خطّةِ نموٍّ لوحدةِ أعمالٍ ناشئةٍ، لتوضيحِ أهمّيتها للشّركةِ، ولكنّ هذا التّدخلُ استراتيجيّ، ومحدّد بدقّةٍ.
شاهد أيضاً: طريقة بسيطة لتحفيز الموظفين وتحسين إنتاجيتهم
بينما يُمكن اعتبارُ الرّؤساء التّنفيذيين كصانعي القرارِ النّهائيّ، يجبُ أن يكون دورهم أشبه بدورِ المايسترو، الذي يقوم بتنسيقِ العديدِ من العناصرِ المتحرّكةِ. ولا يُمكن تحقيقُ هذا بنجاحٍ إلّا من خلالِ إنشاءِ إطارٍ لاتّخاذ القرارِ والالتزامِ به باستمرارٍ. وهذا التحوّل في الرّؤية والعملِ مطلوبٌ لأيّ رئيسٍ تنفيذيٍّ يسعى لتخليصِ نفسهِ من عبءِ كونه الفاصلَ النّهائيَّ، وفي الوقتِ نفسهُ بناءَ منُظّمةٍ متجدّدة، ومبتكرةٍ، وصحيّةٍ.