هل سيؤثر الذكاء الاصطناعي على مهنتك؟ تقارير وإحصاءات تجيبك
توقعات واستعدادات لمواجهة التحولات الوظيفية بفعل الذكاء الاصطناعي
تأثير الذكاء الاصطناعي على مهنتك مستقبلاً من أشدّ الأمور جدلاً في السَّنوات الأخيرة، فمن يقول إنَّ هذه التّقنية سوف تساعد في زيادة الإنتاجيَّة وتقليل أعباء العمل وأنَّه لن يمكن الاستغناء عن البشر، ومن يؤكّد أنَّ واقع الحال يبرهن بقوَّةٍ على استبدال الرُّوبوتات بالبشر في الكثير من المجالات، فما هي الإجابة النّهائيَّة؟ وهل سيؤثّر بالفعل الذكاء الاصطناعي على مهنتك؟ وهل هذا التَّأثير سيكون سلبيّاً أم إيجابيّاً؟ هذا ما تبيُّنه تقاريرٌ وإحصاءاتٌ سوف نتعرَّف عليها لنأخذ خطواتٍ استباقيَّةً قدر الإمكان لما هو مُقبلٌ.
كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على الموظفين بالعمل؟
وفقاً لدراسة أجراها معهد ماكينزي العالميّ، فإنَّ 375 مليون عاملٍ على مستوى العالم قد يحتاجون إلى تغيير مهنهم أو اكتساب مهاراتٍ جديدةٍ ليتمكَّنوا من العمل مع تسارع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، ومن أهمّ التَّأثيرات المثبَّتة حتَّى الآن للذَّكاء الاصطناعيّ على الموظَّفين: [1]
التَّخلُّص من المهام المتكررة والمستهلكة للوقت
يمكن للأدوات المدعَّمة بالذَّكاء الاصطناعيّ إدخال البيانات وتحليلها، والإجابة على الكثير من استفسارات العملاء، وإتمام عمليَّات التَّوظيف، وكلُّ هذا يزيد من قدرة الموظَّفين على التَّركيز على الجانب الإبداعيّ والمبتكر، ممَّا يوفّر الكثير من الوقت.
تحسين عمليات صنع القرار
بناء على قدرتها على تحليل كميَّةٍ هائلةٍ من البيانات وتحديد الأنماط التي يغفل عنها البشر، فيمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي توقُّع احتياجات العملاء والتَّنبُّؤ بالاتّجاهات والمتطلَّبات المستقبليَّة، وحتَّى تحديد أنماط الشّراء والتَّوصية بمنتجاتٍ وخدماتٍ مخصّصةٍ.
تحسين السلامة
لم يعد العاملون في مجال التَّصنيع والبناء تعريض أنفسهم للمهام الخطيرة، والتي يمكن أن تنفذها الطَّائرات بدون طيَّارٍ أو حتَّى المساعدة في اتِّخاذ المزيد من التَّدابير الاستباقيَّة لمنع الحوادث.
زيادة الوعي بتحسين المهارات
المهارات التَّقليديَّة سوف تندثر خلال أشهرٍ قليلةٍ، فمن الضَّروريّ اكتساب خبراتٍ جديدةٍ والتي من أهمّها التَّدريب على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي فضلاً عن زيادة قيمة التَّعاطف والحدس البشريّ والرُّوح المختلفة، والتي من الصَّعب للغاية استبدالها في المستقبل القريب، وربَّما على مدى سنواتٍ طويلةٍ أيضاً.
زيادة التحيز الجنسي والعرقي
نماذج الذكاء الاصطناعي المتوفِّرة حاليَّاً مدرَّبةٌ على بياناتٍ مختلفةٍ، ولكنَّها لا تشمل جميع أنحاء العالم ولا كلُّ الثَّقافات؛ لذا فقد انتشرت بشدَّةٍ فكرة التَّحيُّز في التَّوظيف القائم على الذَّكاء الاصطناعيّ سواءً ضدَّ النّساء؛ لأنَّ الكثير من البيانات من صنع الرِّجال، أو ضدَّ عرقياتٍ مختلفةٍ لم تُسهم في هذا التَّدريب.
فقد الكرامة الإنسانية
وهي فكرةٌ فلسفيَّةٌ جدليَّةٌ، إذ من ناحيةٍ يؤكِّد بعضهم أنَّ الذكاء الاصطناعي لن يجعل العمل مهمَّاً لازدهار الإنسان، وهي فكرةٌ مريحةٌ للغاية لبعض النَّاس، ولكنَّها من ناحيةٍ أُخرى تثير الرُّعب الشَّديد، إذ مع انعدام العمل ما الَّذي يمكن للإنسان أن يستثمر به وقته؟
كيف يسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية؟
من المؤكَّد أنَّ الذكاء الاصطناعي يُسهم في زيادة الإنتاجية بطرقٍ مختلفةٍ في مكان العمل، ومن أهمّ هذه المساهمات المتوفِّرة حاليّاً والتي تزيد باستمرار: [3]
- الأتمتة وتقنيَّات توفير الوقت: والمستخدمة في مهامٍ متنوّعةٍ، مثل إدخال البيانات والجدولة والفواتير ودعم العملاء، ممَّا يقلّل الوقت ويقلّل من احتمالات الأخطاء البشريَّة.
- التَّخصيص والتَّكيُّف: وهذا عبر تصميم أدواتٍ وأنظمةٍ تتلاءم مع الاحتياجات الفرديَّة سواءً للموظَّفين أو الشَّركات بناءً على هويَّة الموظَّف وأسلوب التَّعليم الملائم له، كما يمكن للذكاء الاصطناعي رصد الخبرات الحاليَّة للموظَّفين واستخدامها في تدريب آخرين بكفاءةٍ وسرعةٍ.
- زيادة التَّسويق والمبيعات: عبر تقديم تجارب عملاء أكثر ملاءمةً ومصمَّمةً خصوصاً، ممَّا يُحسّن من معدَّلات التَّحويل ويرفع من نسبة رضاء العملاء.
شاهد أيضاً: 3 أسئلة من الصعب الإجابة عليها حول الذكاء الاصطناعي
تأثير التقنية عموماً والذكاء الاصطناعي خصوصاً على الوظائف
توقُّع تقرير لبنك جولدمان ساكس الاستثماريّ أنَّ الذكاء الاصطناعي يُمكن أن يأخذ مكان ربع مهام العمل في الولايات المتَّحدة وأوروبا، ووجد باحثون من جامعة بنسلفانيا ومن شركة Open AI أنَّ المتعلمين من ذوي الياقات البيضاء الذين يزيد دخلهم عن 80 ألف دولار سنويّاً هم الأكثر عرضةً للتَّأثُّر بأتمتة القوى العاملة.
ويذكر تقريرٌ لمعهد ماساتشوستس وجامعة بوسطن أنَّ الذكاء الاصطناعي سيأخذ مكان مليوني عاملِ تصنيعٍ بحلول عام 2025، وتُشير دراسة لمعهد ماكينزي العالميّ إلى أنَّه بحلول عام 2030 فإنَّ 14% على الأقلّ من الموظَّفين على مستوى العالم سيحتاجون إلى تغيير حياتهم المهنيَّة بسبب الرَّقمنة.
وتشير تقديرات لشركة برايس ووترهاوس كوبرز إلى إمكانيَّة أتمتة 30% من الوظائف خلال 5 سنواتٍ مع تأثُّر الرّجال على المدى الطَّويل، ولكنَّ النّساء قد يصبحنّ أكثر عرضةً للخطر القريب نتيجة تمثيلهن المرتفع في الأعمال الكتابيَّة والوظائف الإداريَّة.
وفي الواقع، إنَّ كلَّ هذه التَّقارير وغيرها تبرهن بما لا يدع مجالاً للشَّكّ على ضرورة تحسين مهارات التَّعامل مع الذكاء الاصطناعي؛ لأنَّها المضمونة خلال سنواتٍ مقبلةٍ.
وظائف الذكاء الاصطناعي المهمَّة مستقبلاً
لأنَّ الذكاء الاصطناعي سيطر بالفعل على الكثير من مجالات التَّوظيف، فإنَّ الإحصاءات تؤكِّد ضرورة دخول هذا المجال في أسرع وقتٍ، ومن حسن الحظّ أنَّ مجالاته متنوِّعةً يمكن أن تجد بها ما يتلاءم مع إمكاناتك وميولك، ومن أهمّ وظائف الذكاء الاصطناعي المهمَّة مستقبلاً: [4]
- مهندس تعليم الآلة Machine Learning Engineer، وهو الذي يُنشئ خوارزميَّات التَّعلُّم الآليّ، وهي مزيجٌ من هندسة البرمجيَّات وتحليل البيانات.
- مهندس الذَّكاء الاصطناعيّ AI Engineer، مهمّته تنفيذ أنظمة الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها في جميع المجالات مع معالجة البيانات وتنظِّفها.
- محلِّل البيانات Data Scientist، وهي من الوظائف الأكثر نموَّاً وتعتمد على تقنيَّات التَّعلُّم الإحصائيّ والآليّ لتحليل كميَّةٍ ضخمةٍ من البيانات.
- مهندس الرُّؤية الحاسوبيَّة Computer Vision Engineer، لمساعدة الكمبيوتر في فهم وتحليل البيانات المرئيَّة بما فيها الأفلام والصُّور وتصنيفها.
- مهندس معالجة اللُّغات الطَّبيعيَّة Natural Language Processing Engineer، وهو يوظِّف أساليب البرمجة اللُّغويَّة العصبيَّة لمساعدة الكمبيوتر في فهم الخطاب البشريّ والتَّفاعل معه.
- مهندس التَّعلُّم العميق Natural Language Processing Engineer، وهو يبتكر الخوارزميَّات التي تمكِّن الكمبيوتر من تطوير القدرة على التَّعلُّم وفقاً للبيانات الموجودة.
كما أنَّ هناك مستشار الذكاء الاصطناعي ومدير منتج الذكاء الاصطناعي؛ لتصميم برامج خاصَّةٍ بمنتجاتٍ وشركاتٍ محدَّدةٍ وتقديم المشورة للشَّركات بشأن أفضل طريقةٍ لاستخدام الذكاء الاصطناعي للحصول على فرصٍ جديدةٍ.
شاهد أيضاً: هل يصل الذكاء الاصطناعي إلى إدارة الشركات؟
أهم الوظائف المهددة القابلة للاستبدال بالذكاء الاصطناعي
قبل أن تُصاب بالرُّعب الشَّديد بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على مهنتك، ليس كلُّ الوظائف قابلةٌ للاستبدال خصوصاً على المدى القريب، فالوظائف التي لا تشمل مهام متكررةً، مثل: التَّدريس والمحاماة والجراحة وإدارة الموارد البشريَّة والفنانين، ما تزال أمامهم فرصةٌ قويَّةٌ للبقاء في وظائفهم مع الحرص على اكتساب بعض المهارات، ولكن هناك وظائفٌ أُخرى سريعاً ما ستختفي بسبب الذكاء الاصطناعي وعلى العاملين بها محاولة التَّأقُّلم ومن أهمّ هذه الوظائف:
- ممثلو خدمة العملاء: فعلى الرَّغم من أنَّ الجزء البشريَّ ما يزال موجوداً، إلَّا أنَّه يتراجع باستمرارٍ مع المزيد من المهام التي ينفّذها الذكاء الاصطناعي بحيث ستندثر هذه المهنة قريباً.
- أعمال المحاسبة: يضمن الذكاء الاصطناعي بفضل خوارزميَّاته القابلة للتَّعلُّم كفاءة جمع البيانات وتحليلها وإنشاء الفواتير بتكلفةٍ أقلَّ بكثيرٍ من المحاسبين.
- مندوبو المبيعات: فقد انتهت بشكلٍ كبيرٍ الأيَّام التي كانت بها الشَّركات تطلب مندوبي مبيعات بالتَّجزئة؛ ليتحوَّل الإعلان القائم على الذكاء الاصطناعي وتحليل وسائل التواصل الاجتماعي إلى الوسيلة الأكثر أهميَّةً للتَّسويق والوصول لشرائح جمهورٍ متنوِّعةٍ.
- أعمال الشحن: فمع زيادة انتشار المركبات ذاتيَّة القيادة وأتمتة عمليَّات توجيه الطُّرود، وحتَّى تحميلها على الشَّاحنات فإنَّ موظَّفي الشَّحن يمكن أن يفقدوا وظائفهم قريباً.
- بائعو التَّجزئة: فقد انتشرت في الكثير من المتاجر خدمة المسح الذَّاتيِّ الَّذي يسمح للعميل بتسجيل مشترياته بنفسه؛ ممَّا يوفِّر الكثير من الأموال الَّتي تذهب لموظَّف البيع.
ومع ذلك، فإنَّ تطوير المهارات الشَّخصيَّة وزيادة الدَّورات التَّدريبيَّة عبر الإنترنت وفهم مجالك بطريقةٍ أفضل، يُمكن أن يزيدَ من فرصك المستقبليَّة.
نمو وظائف جديدة في عصر التقنيات الذكية
يتوقَّع المنتدى الاقتصاديّ العالميّ أن يتسببَّ الذكاء الاصطناعي في نموَّ 97 مليون وظيفةٍ جديدةٍ على مستوى العالم بحلول عام 2025، فمع التَّوسُّع في أسواق جديدةٍ وتطوير منتجاتٍ متنوِّعةٍ والنُّموّ الاقتصاديِّ المقدَّر بـ13 تريليون دولار عام 2030، فإنَّ هناك مجموعة من الوظائف التي تظهر باستمرارٍ ولا تتعلَّق مباشرةً بالذكاء الاصطناعي، ولكنَّها من نتائجه، ومن أهمِّها:
- التَّخصُّص في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي ومراقبة التَّحيُّز.
- طريقة استخدام التِّقنيَّة في التَّخطيط الحضاريّ للمدن.
- تطوير مناهج دراسيَّةً باستخدام أدواتٍ تقنيةٍ حديثةٍ.
- إدارة العمليَّات التّجاريَّة بطرقٍ تقنيةٍ.
- أخصائيُّ تجربة العملاء بالذكاء الاصطناعي.
- مدرّبُ تقنيَّات الذَّكاء الاصطناعيِّ في كلِّ المجالات.
ويوميَّاً تظهر مهنٌ جديدةٌ تعتمد فقط على استخدام أدوات ذكاء اصطناعيّ متطوِّرةٍ بما يؤكِّد الحاجة المستمرَّة للبشر لمواكبة هذه التّقنيَّة والتَّفاعل المبكّر معها في كلِّ مجالات الحياة تقريباً.
وفي النّهاية فإنَّ تأثير الذَّكاء الاصطناعيِّ على الوظائف كبيرٌ ومتنوّعٌ وبعيد المدى، وعلى الرَّغم من وجود إيجابيَّاتٍ لا يمكن إنكارها مثل زيادة الإنتاجيَّة، وتحسين القرارات الإداريَّة بناء على تحليلاتٍ تنبؤيَّةٍ صحيحةٍ مع تحسين السَّلامة، إلَّا أنَّ التَّحيُّزات الجنسيَّة والعرقيَّة وعدم قدرة الجميع على مواكبة التُّطورات بالقدر نفسه قد تشكِّل خطراً على الشَّركات التي يجب أن تبدأ مبكّراً في تبنّي هذه التّقنيَّات بما يتَّفق مع أهدافها لتظلَّ في الصُّورة وتنجح في المستقبل.