كيف تجد فكرة عملٍ تساوي مليون دولارٍ بخطواتٍ بسيطة؟
الأفكار التي تساوي الملايين غالباً ما تكون واضحةً وبسيطةً، لكنًها تتطلّب الملاحظة والجرأة لتحويلها إلى فرصة عملٍ مربحة
من أين تأتي الأفكار العظيمة، بل والأفكار الّتي تساوي مليون دولارٍ؟ يعتقد البعض أنّ فكرة العمل الّتي تساوي مليون دولارٍ تنشأ في مختبرٍ بعد اختباراتٍ مكثّفةٍ، أو نتيجة لحظة إلهامٍ مفاجئةٍ في وقتٍ متأخّرٍ من اللّيل. ولكنّ الحقيقة هي أنّ الأفكار الّتي تساوي مليون دولارٍ غالباً ما تكون واضحةً أمامنا، دون أن نلاحظها. وكانت فكرتي الّتي تساوي مليون دولارٍ واحدةً من تلك الأفكار.
قبل حوالي عشر سنواتٍ، عندما بدأ "اقتصاد الوظائف المؤقّتة" (The Gig Economy) في النّموّ والانتشار، لاحظت أنّه رغم وجود العديد من المواقع الإلكترونيّة الّتي تخدم الشّركات الصّغيرة، إلّا أنّه لا يوجد أيّ موقعٍ يركّز على أكبر فئةٍ من هذه الشّركات، وهي الـ 80% الّتي يديرها شخصٌ واحدٌ فقط: مثل أصحاب المشاريع الفرديّة، والمستقلّين، والشّركات الصّغيرة جداً.
شعرت بوجود فرصةٍ كبيرةٍ، فتعاونت مع شركةٍ تركّز على هذا السّوق، وبنينا معاً موقعاً أصبح فيما بعد من أنجح المواقع في هذا المجال. فحقّق موقع "ذا سيلف إمبلويد" (TheSelfEmployed.com) نجاحاً كبيراً منذ البداية، واستمرّ لمدّةٍ تقارب العشر سنواتٍ، وحصل على رعاةٍ كبارٍ مثل "مايكروسوفت" (Microsoft)، "فيزا" (Visa)، "روكيت لوير" (Rocket Lawyer)، "وسكور" (Score). وبعد عدّة سنواتٍ، بعته إلى "مارك كيوبان" (Mark Cuban). ورغم أنّني لم أبع الموقع مقابل مليون دولارٍ، إلّا أنّني جنيت مليون دولارٍ خلال الفترة الّتي امتلكته فيها.
ما الدّرس هنا؟ الأفكار الكبيرة ليست دائماً معقّدةً؛ في كثيرٍ من الأحيان، تكون أبسط الحلول وأكثرها وضوحاً هي الّتي تحقّق النّجاح، وهي غالباً ما تكون أمامك مباشرةً. لكن السّؤال الحقيقيّ هو: هل أنت مستعدٌّ لرؤيتها؟ وخذ "سكواتي بوتي" (Squatty Potty) كمثالٍ.
ظاهرة سكواتي بوتي
في عام 2011، واجهت جودي إدواردز مشكلةً هضميّةً خطيرةً. وبعد أن جرّبت العديد من الحلول دون جدوى، اقترح عليها معالجها أنّ الجلوس في وضع القرفصاء أثناء استخدام الحمّام قد يكون هو الحلّ. وبما أنّها كانت مستعدّةً لتجربة أيّ شيءٍ، قرّرت جودي المحاولة، ولكنّها وجدت صعوبةً في الجلوس بالطّريقة الصّحيحة. إلى أن جاء ابنها المصمّم، بوبي، وصمّم لها مقعداً صغيراً يساعدها على وضع قدميها في الوضع الصّحيح. وبذلك، تمّ حلّ المشكلة!
وهنا يأتي الجزء المهم؛ فقد عمل المقعد بشكلٍ رائعٍ لدرجة أنّ بوبي قرّر صنع العديد من النّسخ الأخرى، ووزّعها على الأصدقاء والعائلة. وقد أحبّ الجميع الفكرة. ومع إدراكهم للإمكانات التّجاريّة الكبيرة، قرّرت عائلة إدواردز الدّخول في مجال الإنتاج، وبناء موقعٍ إلكترونيٍّ، وبدؤوا في بيع المنتج عبر الإنترنت.
تجاوزت مبيعات "سكواتي بوتي" عبر الإنترنت المليون دولارٍ في عامها الأوّل. وهكذا بدأت القصّة مع الشّركة. ومع تزايد الاهتمام بالمنتج، أصبح المقدّم الإذاعيّ الشّهير "هوارد ستيرن" يروّج لفوائد "سكواتي بوتي" في برنامجه. ولكنّ اللّحظة الحاسمة حدثت عندما تمّ اختيار "سكواتي بوتي" للظّهور في برنامج "شارك تانك" لروّاد الأعمال في موسمه السّادس. وهنا انطلقت الأمور بشكلٍ مفاجئٍ! عرض أحد المستثمرين صفقةً لعائلة إدواردز، حيث قدّمت لهم 350,000 دولارٍ مقابل 10% من أسهم الشّركة. ووفقاً لما ذكره الموقع الإلكترونيّ للشّركة، واصلت "سكواتي بوتي" النّجاح، وأصبحت واحدةً من أكثر الشّركات نجاحاً، حتّى تمّ الاستحواذ عليها في عام 2021 مقابل 31 مليون دولارٍ.
الدّروس المستفادة
- سرّ نجاح "سكواتي بوتي" لا يكمن في تصميمه فقط، بل في القدرة على التّعرّف على مشكلةٍ يعاني منها الكثيرون، ثمّ تقديم حلٍّ بسيطٍ وفعّالٍ يمكن للجميع الوصول إليه.
- الدّرس الأهمّ لاكتشاف فكرةٍ تجاريّةٍ تساوي مليون دولارٍ هو: إيجاد حلولٍ للمشاكل البسيطة الّتي يغفل عنها الآخرون.
كيف تجد فكرتك النّاجحة؟
الخبر السّارّ هو أنّك لا تحتاج لأن تكون مخترعاً عبقريّاً لتخترع فكرةً ناجحةً. كلّ ما عليك هو أن تكون قويّ الملاحظ.ة إليك ثلاث خطواتٍ تساعدك في ذلك:
- ابدأ بالمشاكل: فكّر في حياتك اليوميّة. ما الّذي يزعجك؟ ما الّذي يمكن أن يعمل بشكلٍ أفضل؟ كلّ مشكلةٍ أو إزعاجٍ يحمل فرصةً. على سبيل المثال، اخترع جيمي سيمينوف جرس الباب بالفيديو "رينغ" (Ring) لكي يتمكّن من رؤية من يقف على بابه، بينما كان يعمل في مرآبه. هذا الحلّ البسيط أصبح فيما بعد شركةً بمليارات الدّولارات.
- استمع للآخرين: اسأل الأصدقاء والعائلة أو العملاء عن المشاكل الّتي يواجهونها. ما الّذي يعانون منه؟ في كثيرٍ من الأحيان، تأتي أفضل الأفكار من الاستماع إلى الآخرين. تمّ اختراع "سكواتي بوتي"؛ لأنّ ابناً كان يلاحظ معاناة والدته الصّحّيّة.
- تابع الاتّجاهات: تكشف لك الاتّجاهات اهتمامات النّاس الحاليّة. على سبيل المثال، ظهرت "كانفا" (Canva) بسبب صعوبة استخدام أدوات التّصميم المعقّدة مثل "فوتوشوب" (Photoshop). حيث حلّت "كانفا" هذه المشكلة ببساطةٍ.
فكّر في الأشياء الصّغيرة، وحقّق النّجاح الكبير. لأن أفضل الأفكار غالباً ما تكون أبسط ممّا نتخيّل:
- إسفنجةٌ تغيّر ملمسها حسب درجة حرارة الماء "سكرب دادي" (Scrub Daddy).
- شفرات حلاقةٍ ميسورة التّكلفة وفعّالة "دولار شيف كلوب" (Dollar Shave Club).
هذه الأفكار ليست ابتكاراتٍ ضخمةً أو معقّدةً، ولكنّها تنجح لأنّها تحلّ مشكلاتٍ واقعيّةً وعمليّةً في حياتنا اليوميّة.
لا يجب أن تكون فكرة مشروعك الّذي يساوي مليون دولارٍ فكرةً بعيدةً أو صعبة التّحقيق. بل من المحتمل أن تكون الفكرة الّتي تحتاجها أمامك تماماً، تختبئ على هيئة مشكلةٍ تواجهها أنت أو الآخرون. لذلك، في المرّة القادمة الّتي يزعجك فيها شيءٌ ما، لا تكتف بتجاهله أو تجاهل حلّه. بدلاً من ذلك، اسأل نفسك: هل هذه هي الفكرة الّتي يمكن أن تحقّق لي النّجاح؟