كيف يُؤثّر تنوّع الشخصيات على نجاح الشركات الناشئة؟
دراساتٌ تؤكّد أن اختلاف شخصيات رواد الأعمال يخلق مزيجاً، يزيد فرص النجاح والتطور للمشاريع التي يتعاونون على تأسيها
بقلم مولي أوينز Molly Owens، مؤسِّسة Truity والرئيسة التنفيذية فيها
عندما تُطلقُ مشروعاً تجاريّاً، يكون الرّهانُ مرتفعاً ضدّكَ. إذ يشيرُ البحثُ الّذي أجراه توم إيزنمانTom Eisenmann ، أستاذُ ريادةِ الأعمالِ في كليّة هارفارد للأعمالِ، إلى أنّ أكثرَ من ثلثي الشّركاتِ النّاشئةِ لا تُحقّق عوائدَ إيجابيّةً للمستثمرين. ومن بينِ العديدِ من عواملِ الفشلِ: التّوقيت السّيء، وسوء التّسويق، وحركات المنافسين الّتي لا يُمكن التّنبؤ بها. [1]
ولكن بحسبِ أبحاثٍ جديدةٍ، هناك سببٌ آخر يُشير إلى تعثّرِ المشاريعِ الجديدةِ الواعدةِ؛ وهو أنّ المؤسّسَ لا يمتلكُ السّماتَ الصّحيحةَ.
تحليل شخصية رواد الأعمال
في دراسةٍ سابقةٍ تمت من قبلِ باحثين من جامعة أكسفورد، وجامعة تكنولوجيا سيدني، وجامعة ملبورن، وجامعة نيو ساوث ويلز، أجروا تحليلاً للصّفات الشّخصيّة لمؤسّسين من 21000 شركةٍ ناشئةٍ حولَ العالمِ. وقد وجدوا أنّ سماتَ شخصيّةِ روّاد الأعمالِ النّاجحين مختلفةٌ قليلاً عن الجميعِ، وهذا يعني أنّ سماتهم الشّخصيّة الرّئيسيّة "الخمس الكبيرة"، والّتي تقيسُ مستوى الانفتاحِ، والضّميرِ، والانبساطِ، والوفاقِ، والعصابيّةِ، تختلفُ بشكلٍ ملحوظٍ عن باقي السّكانِ بشكلٍ عامٍّ. وتوصلّوا إلى أنّ روّاد الأعمالِ النّاجحين:
- يُفضلون التّجديدَ والتّنوعَ بشكلٍ أكبرَ.
- منفتحين للمغامرةِ.
- يحبّون أن يكونوا في مركزِ الاهتمامِ
- يكونون حماسيّين، مع مستوياتِ نشاطٍ عاليةٍ.
قد تبدو هذه الصّفاتُ عامّةً، ولكن كما أوضحَ أحدُ الباحثين الّذين نشروا البحثَ، بول إكس مكارثي Paul X. McCarthy، في ساينس دايلي Science Daily، يُقدّرُ أنّ نسبةَ 8% فقط من الأشخاصِ في جميعِ أنحاءِ العالمِ يمتلكونها بالتّركيبةِ الصّحيحةِ. إذ في عالمِ الأعمالِ، تُترجمُ هذه الصّفاتُ إلى التّواصلِ، والمخاطرةِ، والمثابرةِ، واتّخاذِ القراراتِ الجريئةِ، وهي مكوّناتٌ حاسمةٌ لنجاحِ الشّركاتِ النّاشئةِ.
شاهد أيضاً: كيف تدير تنوع أساليب القيادة في فريقك؟
تحالفاتٌ متنوعةٌ، نجاحٌ أكبر
يُمكن القولُ إنّ أصحابَ رأس المالِ المغامرِ على درايةٍ بقوّةِ الشّخصيّةِ منذُ سنواتٍ. إذ قالَ لنا مات هوفمان Matt Hoffman، الشّريكُ ورئيسُ التّوظيفِ في M13، وهي شركةُ رأسمال مغامرٍ في المراحلِ الأولى، في حديثنا حولَ البحثِ: "تؤكّدُ هذه الأبحاثُ ما رأيناه أثناءَ العملِ مع مئاتِ الشّركاتِ النّاشئة الّتي يقودها المؤسّسون واستثماراتنا فيها. ونعلمُ أنّ نوعيّةَ المؤسّس غالباً ما تكونُ العاملَ الأكبرَ تأثيراً على نجاحِ الشّركةِ، خاصّةً في المراحلِ الأولى، وفهم سماتِ شخصيّةِ المؤسّسِ وفريقهِ، هو جزءُ حاسمُ من التّنبؤ بهذا النّجاحِ." كما يوجدُ شيءٌ آخر لاحظهُ هوفمان: "لا يوجدُ نوعٌ واحدٌ من الشّخصيّة يضمنُ الفوزَ."
تؤيّدُ البياناتُ هذا الرّأي. إذ وجدَ الباحثون الّذين سبقَ ذكرهم أنّهُ لا يوجدُ نوعٌ مثاليٌّ واحدٌ لشخصيّةِ المؤسّسِ، ولكن هناكَ ستةٌ، وقد وصفوهم بأنّهم: محاربون، ومشغِّلون، ومنجزون، وقادةٌ، ومهندسون، ومطوّرون. كلّ نوعٍ لديه مستوياتٌ وتراكيبٌ مختلفةٌ من سماتِ شخصيّةِ المؤسّس الرّئيسيّةِ، حيثُ يكون المُشغّلون: فاعلين متعاونين، والمهندسون: مبتكرين متخيّلين ومفكّرين، على سبيل المثالِ.
يبدو هذا منطقيّاً. فقد بنى إيلون ماسك Elon Musk، ومارك زوكربيرج Mark Zuckerberg، وريتشارد برانسون Richard Branson جميعهم إمبراطوريّاتٍ رياديّةٍ، ولكن لديهم شخصيّاتٌ مختلفةٌ تماماً.
يؤدّي ذلكَ إلى أكثرِ النّتائجِ إثارةً في هذا البحثِ، وهي: كُلّما كان لمشروعِ رياديٍّ مؤسّسون أكثر، كُلّما كان خطرُ فشلهِ أقلّ، خاصّةً إذا كانت هناك شخصيّاتٌ تُكمِّل بعضها في فريقِ التّأسيسِ.
بناءً على ذلك، تبيّن أنّ الشّركاتِ الّتي تمتلكُ ثلاثة مؤسّسين أو أكثر تكون عرضةً للنّجاحِ بشكلٍ أكثرَ بضعفين من الشّركاتِ النّاشئةِ الّتي يكون لديها مؤسّسٌ واحدٌ فقط، وأنّ الشّركاتِ النّاشئةِ الّتي تمتلكُ مزيجاً من شخصيّاتِ المؤسّسين تتمتّعُ بفرصِ نجاحٍ 8-10مراتٍ أكبر؛ إنّها إحصائيّاتٌ مقنعةٌ!
ما هي النتائج المترتبة على هذا البحث؟
بالنّسبةِ للأشخاصِ الّذين يُفكّرون في تأسيسِ شركةٍ، يُظهر هذا البحثُ أنّ الأمرَ الّذي له الأولويّةُ ليسَ تطوير خطّة عملٍ، أو التّحدث مع العملاء، أو بناء أقلّ ما يُمكن من المنتجِ الجاهزِ للاستخدامِ، بل هو فهمُ أنواعِ الشّخصيّاتِ لقادتكَ وضمانُ وجودِ مزيجٍ متنوّعٍ من شخصيّاتِ المؤسّسين الّتي تُكمّل شخصيّتكَ الخاصّةَ.
بالنّسبةِ للمستثمرين، يُعدّ فهمُ شخصيّاتِ المؤسّسين أمراً حاسماً لتقليلِ الانحيازاتِ المحتملةِ أثناء الاستثمارِ. كما يقولّ هوفمان، بدون إطارٍ لتقييمِ الشّخصيّة، "قد نُفوّتُ فرصةً استثماريّةً رائعةً، لأنّ نموذجَ المؤسّس ليس ما ننجذبُ إليه عادةً."
ما هي زبدةُ القولِ هنا؟ تبيّن أنّ تنوّعَ الشّخصيّاتِ مهمٌّ للغايةِ. إذ يراه القادةُ كلّ يومٍ في الفِرَق الّتي يديرونها. والآن، لدينا البياناتُ الّتي تثبتُ أنّه أمرٌ صحيحٌ أيضاً بالنّسبةِ لفِرَق التّأسيسِ.