هل يمكن للتمويل المبتكر تمهيد الطريق للطاقة المستدامة؟
تحدّثت مجلّة عربية .Inc مع الدّكتور أيتكن إرتان، الأستاذ المساعد في المحاسبة بكلّيّة لندن للأعمال، حول كيفيّة تمكين الاستراتيجيّات الماليّة المبتكرة من خلق مسارٍ للنموّ المستدام في مجال الطّاقة
هذا المقال متوفر أيضاً باللغة الإنجليزية هنا
مع تمديد "عام الاستدامة" في الإمارات العربية المتحدة إلى عام 2024، وتزايد تمويل تكنولوجيا المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمالِ أفريقيا وتركيا، وظهور مبادراتٍ مثل صندوق دبي للمستقبل بقيمة 54 مليونِ دولارٍ لدعم تكنولوجيا المناخ، أصبحت الاستثماراتُ الخضراءُ محطَّ اهتمامٍ رئيسيٍّ في دول مجلس التعاون الخليجي.
أيتيكن إرتان، أستاذٌ مشاركٌ في المحاسبة في كلية لندن للأعمال، يجمعُ بين الخبرات الأكاديميّة والهندسيّة والمصرفيّة. ويُركِّزُ في أبحاثه على التمويل الابتكاريّ بهدف تحقيق النموّ المستدام في قطّاع الطّاقة.
وفي هذا السّياق، يقولُ إرتان: "علينا أن نبتكرَ أدواتٍ ماليّةً مقبولةً وجذّابةً، وأن نتأكّدَ من صحّة التّصنيفات المُستخدمة، لنتمكّنَ من التّمييز بينَ الاستثمارات الحقيقية والمُزيّفة. إذا نجحنا في ذلك، عندها يمكننا وضعُ مؤشراتٍ وأهداف قياس أداءٍ واضحة تحدّدُ ماهيّة الاستثمار الأخضر الحقيقيّ".
تحدّثنا مع إرتان حول كيفيّة تمكين الأدوات الماليّة المبتكرة من تمهيد الطّريق للتّحوّل الأخضر.
- عربية .Inc: كيف يمكن للاستراتيجيّات الماليّة أن تساهمَ في النّموّ المستدام لصناعات الطّاقة؟
أيتكن إرتان: "أنا مؤمنٌ بشدّةٍ بالحوافز. إحدى الطّرق للمساهمة في النّموّ المستدام للطّاقة هي تقديم عوائد أعلى أو الحدّ من المخاطر الحاليّة. هناك بعض الأدلّة على أنّ النّاس على استعدادٍ للتّخلّي عن بعض العوائد إذا كانوا يستثمرون في شيءٍ أخضر، ولكن لا أحد يريدُ خسارة المال.
يُمكننا تقليل المخاطر من خلال خلق تنظيماتٍ تحمي الاستثمارات الخضراء، ويُمكننا تقديم حلولٍ مبتكرةٍ ونوعيّةٍ تضيف تحفيزاتٍ ذكيّةٍ أو مؤشّرات أداءٍ رئيسيّةٍ إلى أنواعٍ معيّنةٍ من الاستثمارات. ويتضمّن ذلك مراعاة التّدفّقات النّقديّة، وتقديم مزايا ضريبيّةٍ لأدوات التّمويل معيّنةٍ، واستخدام التّمويل الجماعيّ والسّندات الخضراء. وعندما يتعلّق الأمر بالعوائد، يُمكن للجهات التّنظيميّة تقديم مقاييس واضحةٍ لقياس ما هو أخضر وجعل بعض الاستثمارات معفيّةً من الضّرائب".
- عربية .Inc: ما هي الأدوات الماليّة التي يمكن أن تدعم مشاريع الطّاقة المستدامة؟
أيتكن إرتان: "السّندات الخضراء والقروض الخضراء، خاصّةً إذا كانت مرتبطةً بمشاريع محدّدةٍ. كشركة طاقةٍ، يمكنني إصدار سندٍ لتمويل شركةٍ بمؤشّرات أداءٍ رئيسيّةٍ ومعايير يُمكن قياسها. العديد من البنوك تقوم بالفعل بذلك.
يمكن أن تشملَ مؤشّرات الأداء الرّئيسيّة الطّاقة، العمليّات، والإنتاج. كما ينبغي أن تكافئ الفرق التّنفيذيّة بناءً على مؤشّرات الأداء الرّئيسيّة بدلاً من الأداء الماليّ، إذ إنّ ربط مؤشّرات الأداء الرّئيسيّة بالتّعويض التّنفيذيّ دائماً ما يكون جيّداً؛ لأنّه يساعدهم على تحديد أهدافٍ واقعيّةٍ.
يمكن أن تستندَ مؤشّرات الأداء الرّئيسيّة إلى التّأثير البيئيّ للشّركات الكبرى ذات الموارد العميقة. بالنّسبة للشّركات الصّغيرة، يمكن أن تُركّزَ على التّأثير، التّقدّم، أو تحقيق الأهداف المرحليّة. وبالنّسبة للشّركات التي تعمل مع البنوك، يُمكن صرف القروض عند تحقيق مؤشّرات الأداء الرّئيسيّة.
لا يمكن أن تكونَ مؤشّرات الأداء الرّئيسيّة خاصّةً بشركةٍ معيّنةٍ فقط، ويجب أن تترجمَ بين الشّركات والمشاريع. أعتقد أنّ جمعيّات المستثمرين يُمكن أن تلعبَ دوراً في التّوصّل إلى أفضل الممارسات التي تترجم إلى مؤشّرات الأداء الرّئيسيّة".
على المستوى الحكوميّ، يُمكن تقديم اعتماداتٍ ضريبيّةٍ خضراء.
- عربية .Inc: كيف يمكن للشّركات النّاشئة في مجال التّكنولوجيا الخضراء تحقيق العوائد الماليّة، بحيث يمكنها البقاء في العمل لفترةٍ كافيةٍ لجني ثمار عملها؟
أيتكن إرتان: "كأفرادٍ، نودّ تغيير العالم والمساهمة في الصّالح العامّ، ولكنّ روّاد الأعمال والعلماء المبدعين يريدون أيضاً كسب المال. لذلك، يعود الأمر إلى جودة الخضرة وليس مجرّد التّسمية. إذا تمكّنت من إظهار للمستثمرين أنّ لديّ منتجاً أفضل وقد اجتاز معايير معيّنةً، سيساعدني ذلك على جمع الأموال.
التّحدّي الرّئيسيّ هنا هو تكاليف الملكيّة، لذلك في هذه الحالة، تحتاج الشّركات النّاشئة إلى مستثمرين صبورين. وأعتقد أنّ فئة أصول الأسهم الخاصّة لديها العقليّة الصّحيحة؛ لأنّها تمتلك رؤيةً طويلة الأمد. لا تنظر إلى الأداء الفصليّ لشركة المحفظة، ممّا يعطيها فترةً زمنيّةً أطول.
أعتقد أنّ نموذجاً مشابهاً يمكن أن يُساعدَ الشّركات النّاشئة في التّكنولوجيا الخضراء، ولكنّ هذا يجب أن يأتي من المستثمرين".
- عربية .Inc: كيف يمكن أن تساهم أرصدة الكربون في تحقيق التّمويل المستدام في مجال الطّاقة؟
أيتكن إرتان: "أنا متفائلٌ بحذرٍ حول أرصدة الكربون، ولكن بشكلٍ عامٍّ، أعتقد أنّها بدايةٌ جيّدةٌ. إذ إنّ أرصدة الكربون تُعطي الشّركات بعض المجال للتّنفّس، وهذا يُمكن أن يكونَ ميّزةً أو عيباً. لا تريد تنفير اللّاعبين غير الخضر، ولكن عليك أن توازنَ بين إعطائهم المجال الكافي للتّنفّس ومنع التّلاعب البيئيّ".
- عربية .Inc: كيف يمكن تغيير عقليّة المستثمرين بحيث يعكسون تأثير المناخ في استثماراتهم؟
أيتكن إرتان: التّحدّي الأكبر في هذا المجال هو تحديد وتعريف الأخضر وتحديد من يقيسه؛ لأنّ التّعريف يتغيّر مع مرور الوقت. وهناك جهودٌ من الجهات التّنظيميّة للتّوصّل إلى تعريفاتٍ واضحةٍ وميزانيّات التّأثير البيئيّ، ولكنّ الواقع هو أنّنا بحاجةٍ إلى ما يعادل وكالة تصنيفٍ ائتمانيٍّ للتّأثير البيئيّ.
هذا يترك الكثير من الأسئلة بلا إجابةٍ، مثل: هل يجب أن تكونَ هذه منظّمة خاصّة أم عامّة؟ هل ستكون عالميّةً أم وطنيّةً؟ ومدى اختلاف الشّروط عبر الحدود؟ شيءٌ واحدٌ مؤكّدٌ، نحن بحاجةٍ إلى جهةٍ لتصديق هذا وتقييمه بشكلٍ صحيحٍ لمساعدتك في تقييم ما إذا كنت قد وصلت إلى تخصيصك الأخضر.
لا يوجد لدينا حاليّاً نظامٌ موحّدٌ لهذا الغرض، ولكن بمجرّد أن نبدأ في تطويره، سنتمكّن من خلق بيئةٍ مشتركةٍ وعادلةٍ للجميع".