Warren Buffett يكشف: كنت غبياً جداً لعدم الاستثمار في أمازون
هل فعلاً أخطأ بافِت؟ تقديرات مرحلة ما بعد الحدث تقول نعم؛ لكن المنطق والعقل يختلفان
بقلم جيف هايدن Jeff Haden، محرر مساهم في Inc.
ربّما تكون ملمّاً على الأقلّ ببعض استراتيجيّات وارن بافت Warren Buffett النّاجحة في مجال الاستثمار النّاجح، مثل الاستثمار فقط في الأعمال التي تفهمها، والتّركيز على القيمة على المدى الطّويل، وليس على سعر السّهم على المدى القصير، أو الشّراء فقط بهدف الاحتفاظ ربّما إلى الأبد. [1]
نهجهُ في الاستثمار جعلهُ ثرياً للغاية؛ حيث يقال إنّ ثروته تبلغ أكثر من 112 مليار دولارٍ حتى تاريخ كتابة هذا النّص.
لكنّ ذلك لا يعني أنّه لم يرتكب أخطاءً، فلنأخذ مثلاً أمازون. في عام 1994م، عندما كانت أمازون مجرّد مكتبةٍ على الإنترنت "فقط"، رفض بافت فرصةً للاستثمار في الشّركة. كما أنّه لم يستثمر عندما تمّ طرح أمازون للاكتتاب العام في عام 1997م. (بالطبع، لم يكن هو الوحيد الذي كان لديه شكوكٌ حيال مستقبل الشّركة. إذ في عام 2001، بينما كانت الشّركة ما زالت تفقد الكثير من الأموال، تداول سهم أمازون أقلّ من سعر الاكتتاب الأوّلي لها.)
لنتخيّل لو أن بافت -أو أنت أو أنا- قد اشترى سهم أمازون عندما تمّ طرحه للاكتتاب العام لأوّل مرّةٍ. (لجعل الحساب أسهل من الناحية الرّياضية، سنفترض أنّنا استثمرنا 10,000 دولار (على الرّغم من أنّه لم يكن لديّ 10,000 دولار ٍفائضة في عام 1997.) أمازون أجرت العديد من تقسيمات الأسهم على مرّ السّنوات الـ 26 الماضية، بما في ذلك تقسيم 20 إلى 1 في عام 2022.
باحتساب تلك التّقسيمات، يتمّ تعديل سعر الاكتتاب الأوّلي لأمازون البالغ 18 دولاراً للسّهم إلى 0.075 دولاراً للسّهم. الاستثمار بقيمة 10,000 دولارٍ بهذا السّعر يؤدي إلى امتلاك 133,333 سهماً، وبسعر السهم الحالي سيكون لديك مبلغٌ ماليٌّ بقيمة 17,694,667 دولاراً.
هذا أفضل ممّا كان متوقّعاً، وذلك هو السّبب في أنّ بافت يفضّل الشّراء والاحتفاظ. على سبيل المثال، امتلك أسهم شركة أمريكان إكسبريس منذ عام 1991م، وشركة كوكا كولا منذ عام 1998م. ولكن من أجل الاحتفاظ، يجب أن تقوم أوّلاً بالشّراء... لذا لماذا لم يتعرّف شخصٌ بمثل دهاء بافت على هذه الفرصة؟ كما يقول بافت، "كنت غبيّاً لدرجةٍ لم أدرك معها ما الذي سيحدث... لم أكن أدرك أنّه يمكن الانتقال من الكتب إلى ما حدث هناك بالفعل".
شاهد أيضاً: انطلاق مبادرة مستقبل الاستثمار في السعودية (FII) للعام 2023
البصيرة دائماً واضحة بعد فوات الأوان
بالطبع، بافت ليس غبيّاً، ما لم يتمكّن من فعله هو التنبّؤ بالمستقبل.
في عام 1994، كانت أمازون لاعباً ثانوياً في عالم التّجارة الإلكترونيّة النّاشئ. وفي عام 1997، ربّما كانت قيمة الاكتتاب العامّ لأمازون قد قدّرت الشّركة بأكثر من 400 مليون دولارٍ، ولكن في الرّبع السّابق لذلك الوقت، خسرت الشّركة 3 ملايين دولارٍ من إجمالي إيرادات 16 مليون دولار.
هل كنت ستجازف بـ 10,000 دولار على أمازون؟ أنا لم أكن لأفعل ذلك (ممّا يعني أنّني وبافت لدينا ما لا يقلّ عن شيءٍ واحدٍ مشتركٍ).
هذه هي المشكلة مع البصيرة المتأخّرة في مرحلة ما بعد الحدث: من السّهل أن تعتقدَ، عندما تنظر إلى الوراء، أنّك كنت تعرف ما هو الشّيء الصّحيح الذي يجب القيام به. وذلك مثلما حدث في الثّمانينيات، عندما أطلق جاري المجاور لي، أستاذُ علوم الكمبيوتر، شركةً لتعلّم اللّغات من غرفة المعيشة. تلك الشّركة كانت روزيتا ستون Rosetta Stone، يمكنني النّظر إلى الوراء الآن وأنا أعتقد، "كنتُ أعرف أنني يجب أن أستثمر."
ولكن هذا ما يحدث الآن. في ذلك الوقت، لم أكن سأستثمر أبداً في شركته النّاشئة، وإنّما في مرحلةِ ما بعد الحدث يبدو الأمر ذكيّاً.
أو كما قال رونالد واين Ronald Wayne، المؤسّس المشارك المنسي لشركة آبل، الذي تنازل عن حصّته في الشّركة بعد أسبوعين فقط، وهي حصّةٌ ملكيّةٌ ستكون اليوم قيمتها 75 مليار دولارٍ:
لم أشعر أبداً بأدنى ندامةٍ؛ لأنّني اتّخذت أفضل قرارٍ بناءً على المعلومات المتاحة لي في ذلك الوقت.
بافت اتّخذ أفضل قرارٍ يُمكنه اتّخاذه بناءً على المعلومات والمعرفة والخبرة المتاحة لديه في ذلك الوقت. في الواقع، يمكن القول إنّ تجربة بافت مع أمازون ساهمت (على الرّغم من أنّه لا يبدو أنّه في حاجةٍ لهذا) في رغبته في أن يصبح مستثمراً أفضل.
ربّما أدّى تحليل الخطأ -ليس بالضّرورة في النّهج، ولكن ربّما في التّنفيذ- إلى الاستثمار في شركة آبل في عام 2016م، بعد وقتٍ طويلٍ من تفويت فرصةٍ "كان يمكن أن أصبح غنياً لو كنت قد استثمرت في آبل في الثمانينيات" والنّدم عليها. (في الوقت الحالي، تعتبر آبل أكبر ممتلكات بيركشاير هاثاواي Berkshire Hathaway).
شاهد أيضاً: منصة Bybit تطلق تحدي التداول Master Trader Bootcamp مع فرصة الفوز
وثمّة أمرٌ آخر، لنفترض أنّ كلينا (أنا وأنت) اشترينا بقيمة 10,000 دولار من أسهم أمازون في عام 1997م؛ هل كنّا سنمتلكها حتّى اليوم؟
ربّما لا، خاصّة في حالتي، إذ أظهرت الأبحاث التي أجراها دانيال كانيمان Daniel Kahneman ، مؤلّف كتاب "التّفكير، بسرعةٍ وببطءٍ"، أنّ الخسائر تكون أقوى نفسيّاً بمرّتين من الرّبح. (بالنّسبة لمعظمنا، العصفور في اليد يبدو حقّاً أنّه أفضل من اثنين على الشّجرة).
هذا التّحيّز مفهومٌ، فالخسارة تعني التخلّي عن شيءٍ نمتلكه فعليّاً، أمّا عدم الحصول على مكسبٍ فيعني التخلّي عن شيءٍ نظريٍّ بدلاً من شيءٍ فعليٍّ. إذا كان لدينا فرصةٌ لتحقيق مكسبٍ آخر، مثلاً 100,000 دولار، ولكنّنا لا نقوم بذلك، فهذا أمرٌ سيءٌ، ولكن إذا كان لدينا 100,000 دولارٍ وفقدنا بعضها أو كلّها، فإنّ ذلك أمر سيئ بالفعل.
بالنّسبة لي، كنتُ سأبيع أسهم أمازون في وقتٍ ما على طول الطّريق، إذ كان قلقي سيقنعني أنّ الرّحلة لن تستمرَّ. وكنت سأقلق من أنه حظّي قد ينفد على الأرجح، لأنّه على الأقلّ بالنّسبة لي، كانت رؤيةُ فرصةِ أمازون ضرباً من الحظّ أكثر من كونها حنكةً في الاستثمار. لم أكن سأدرك أنّ خدمات الويب من أمازون ستصبح مصدر إيراداتٍ رئيسيّاً بالغ الأهميّة. لم أكن سأدرك... حسناً، هناك الكثير من الأمور التي لم أكنْ سأدركها.
وهذا يعني، لو كنت ذكيّاً بما فيه الكفاية للشّراء، بالتأكيد لن أكون ذكيّاً بما فيه الكفاية للاحتفاظ.
ربّما يشعر بافيه بالنّدامة لعدم الاستثمار في أمازون، لكنّي أشكّ في ذلك. لم يكن حينها ولا اليوم مستثمراً في المرحلة الأولى أو المرحلة الأساسيّة. إنّه يبحث عن الشّركات التي بنتْ تفوّقاً تنافسيّاً متيناً، مع إدارةٍ قويةٍ وتاريخ نموٍّ. ولم يمكن لأحدٍ أن يتنبّأ في عام 1997م بأنّ أمازون ستصبح واحدةً من تلك الشّركات. وهذا هو السّبب في أن هذا "الخطأ" لا يُعَرِّفه، وهذا هو السّبب في أنّ أخطاء الماضي لا تعرِّفك أو تعرّفني، ما نفعله بعد ارتكابنا لخطأ؟ هذا هو ما يعرِّفنا ويحدد مستقبلنا.