وظّف الشخص وليس السيرة الذاتية: أهمية المهارات الشخصية
المهارات الشّخصية أساسية لتحقيق النجاح في مكان العمل، ويمكن تعلّمها وتطويرها
عندَ مراجعةِ السيرةِ الذاتيةِ لمتقدمٍ للوظيفةِ، ما الذي تتوقعُ رؤيتَهُ؟ تنتقلُ عيناكَ بينَ التواريخِ، الأماكنِ، أسماءِ الشركاتِ، المسمياتِ الوظيفيةِ، والمهاراتِ. لكن، ما الذي تكشفُهُ لكَ السّيرةُ الذّاتيةُ حقًا عن المرشّحِ؟ قد تزودكَ بمعلوماتٍ قيّمةٍ حولَ تجربتِهِ، معرفتِهِ الصناعيةِ، ومهاراتِهِ الفنيةِ، لكنني أعتقدُ أن السيرةَ الذاتيةَ لا يمكنُ أن تعبرَ عن أهمِّ شيءٍ تقومُ بتوظيفِه: الشخصِ.
ما لا يمكنُ للسيرةِ الذاتيةِ أن تكشفَه
فكرةُ أن المرشحَ هو أكثرُ من مجردِ سيرتِهِ الذاتيةِ ليست جديدةً، ولهذا نقومُ بالمقابلاتِ. نحن ندركُ أن السّيرةَ الذّاتيةَ لا تقدمُ سوى لمحةٍ جزئيةٍ عن المرشّحِ الذي نهدفُ إلى توظيفِهِ، مما يوفرُ رؤيةً محدودةً لإمكانياتِهِ وقدراتِهِ الكاملةِ.
نحن نقيّمُ المهاراتِ الشخصيةَ مثل حلِّ المشكلاتِ، التّواصلِ، الثقةِ، التنظيمِ، العملِ الجماعيِّ، إدارةِ الوقتِ، القدرةِ على التكيّفِ، القيادةِ، والذّكاءِ العاطفيِّ، بالإضافةِ إلى شخصيةِ المرشحِ وأخلاقِهِ.
أهميةُ المهاراتِ الشخصيةِ في ظلِّ التغيراتِ الحديثة
لطالما كانتِ المهاراتُ الشخصيةُ مهمّةً في التّوظيفِ، ولكن مع ظهورِ الذّكاءِ الاصطناعيِّ وطرقٍ أخرى للتكنولوجيا والعولمةِ التي غيّرت قوةَ العملِ، أصبحت أكثرَ أهميةً من أي وقتٍ مضى.
لهذا السبب أحبُّ إطارَ عملِ باتريك لينسيوني لفكرةِ "اللاعبِ المثاليِّ في الفريقِ". يقترحُ لينسيوني أنّه لبناءِ فريقٍ عالي الأداءِ، تحتاجُ إلى توظيفِ موظفينَ يتمتّعونَ بالتواضعِ، والشغف (أي يمتلكونَ أخلاقياتِ عملٍ قويةٍ وتحفيزاً ذاتياً)، والذّكاءِ العاطفيِّ.
التوظيفُ بناءً على المهاراتِ الشخصية
لقد شاهدتُ قيمةَ المهاراتِ الشخصيةِ تتجسّدُ في فرقٍ لا حصرَ لها قُدتُها، أو كنتُ جزءاً منها. في الواقعِ، وأعتقدُ أن أيَّ مقدارٍ من المهاراتِ الفنيةِ لا يمكنُ أن يعوّضَ نقصاً كبيراً في المهاراتِ الشخصيةِ.
لنأخذَ مثالًا أكثرَ واقعيةً: استكشافَ لاعبي كرةِ القدمِ. يجري لاعبانِ مسافةَ 40 ياردةً في نفسِ الوقتِ. أحدُهما يمتلكُ أسلوباً مثالياً، بينما الآخرُ فوضويٌّ في أدائِهِ. أيُّهما تختارُ؟
اعتمادًا على فئةِ التجنيدِ، قد تكونُ الإجابةُ هي كليهما. ولكنّ اللاعبَ ذا الأسلوبِ السيءِ قد يكونُ أفضلَ اختيارٍ. لماذا؟ لأنّكَ بمجردِ أن تعلّمَهُ الأسلوبَ الصحيحَ، سيصبحُ أسرعَ.
هكذا ينبغي أن نفكرَ في التّوظيفِ. المهاراتُ الفنيةُ مثلَ الأسلوبِ الصحيحِ؛ يمكنُ تعلّمُها بسهولةٍ، ممارستُها، وتبنيّها من قبلِ أي موظفٍ جديدٍ، خاصةً إذا كان يتمتّعُ بمهاراتٍ شخصيةٍ قويةٍ مثلَ القيادةِ الذاتيةِ، التّواصلِ الجيّدِ، والتّفكيرِ النّقديِّ. التركيزُ على المهاراتِ الشّخصيةِ.
لذا، يعتبرُ التركيزُ على المهاراتِ الشخصيةِ بدلاً من المهاراتِ الفنيةِ هو حجرَ الزاويةِ لعمليةِ توظيفٍ ناجحةٍ. ومع ذلك، تظهرُ الدراساتُ أن أصحابَ العملِ في الولاياتِ المتحدةِ يستثمرونَ ثلاثةَ أضعافِ الأموالِ في تدريبِ المهاراتِ الفنيةِ مقارنةً بتدريبِ المهاراتِ الشّخصيةِ.
لكنّ الناسَ أكثر ممّا كتب على الورق. استثمرْ فيهم، امنحْهم الفرصةَ لإظهارِ إمكانيّاتِهم الحقيقيةِ، واستعدَّ لتحقيقِ نموٍّ كبيرٍ ومكافآتٍ.
كن صريحاً
كقادةٍ، حانَ الوقتُ لإلقاءِ نظرةٍ جادةٍ على ما نقدّرهُ في عمليةِ التّوظيفِ وفي منظماتِنا. كم تستثمرُ في مساعدةِ موظفيكَ على تطويرِ مهاراتِهم الشخصيةِ؟ هل يعلمونَ حتى أين قد يحتاجونَ إلى التطويرِ؟
من ناحيةِ التوظيفِ، هل صُممت عمليةُ المقابلةِ الخاصةِ بكَ لتحديدِ المهاراتِ الشخصيةِ؟ إحدى الطّرقِ للحكمِ على ذلك هي التّفكيرُ النّقديُّ في بعضِ أفضلِ وأسوأِ تعييناتِك.
بالنسبةِ لأفضلِ تعييناتِك، هل رأيتَ الإمكانياتِ غيرَ المستغلّةِ، أم كنتَ محظوظاً فقط؟ على الطّرفِ الآخرِ من الطّيفِ، هل حوّل نقصُ المهاراتِ الشخصيةِ العمل مع مرشّحٍ مؤهّلٍ فنيّاً إلى كابوسٍ حقيقي؟
إذا لم ينجح موظّفوكَ الجددُ في قسمِ المهاراتِ الشّخصيةِ، فقد حانَ الوقتُ لفحصِ عمليّةِ التّوظيفِ الخاصةِ بكَ وتوجيهِ الموازينِ بعيداً عن السّيرةِ الذاتيةِ ونحو ما لا يمكنُ قراءتُهُ.
اطرحْ على نفسِكَ الأسئلةَ الصعبةَ، تدَرِّبْ على "الأسلوبِ الجيدِ"، تذكّرْ أن توظّفَ الشّخصَ، وليس السّيرةَ الذاتيةَ، واحصدِ النتائج الجيّدة.