ياسمين العنزي: رائدة وسفيرة الذكاء الاصطناعي في الوطن العربي
"عربية. Inc" تحاور واحدة من أبرز القادة في مجال الذكاء الاصطناعي، وسفيرة "Women in AI" في الشرق الأوسط
هذا المقال متوفر أيضاً باللغة الإنجليزية هنا
ياسمين العنزي، مهندسةُ روبوتات ورائدةُ أعمال وقائدةٌ في مجال الذّكاء الاصطناعيّ، تعدّ من أبرز المدافعات عن حقوق النّساء في هذا المجال في المنطقة. كانت من أوائل النّساء اللّواتي انضممن إلى منظّمة "Women in AI" من الشّرق الأوسط، وتمّ اختيارُها كواحدةٍ من 10 نساء يشكّلن مستقبل الرّوبوتات لعام 2024 من قبل الاتّحاد الدّولي للرّوبوتات في يونيو.
توضّح العنزي، سفيرةُ النّساء في مجال الذّكاء الاصطناعيّ، أهميّة تسليط الضّوء على مساهمات النّساء في التّكنولوجيا وتقول: "أوّل من برمج حاسوباً كانت امرأة، وأوّل من أطلق حواسيب جديدة كانت امرأة، وأوّل من أطلق شبكة الواي فاي كانت امرأة. هناك قلّةٌ قليلةٌ من النّساء اللّاتي يسلّطن الضّوء على أعمالهن، بينما الأخريات يعملن بصمتٍ في مجالٍ يسيطر عليه الرّجال، ولا يشاركن مساهماتهن على نطاقٍ واسعٍ".
ناقشنا مع العنزي التّحديات التّي تواجهها النّساء في مجال الذّكاء الاصطناعيّ، وأهميّة الشّموليّة والتّوطين، وخططها المستقبليّة.
"عربيّة .Inc": ما هي التّحديات التّي واجهتك كامرأةٍ دخلت هذا المجال؟
ياسمين العنزي: عندما بدأتُ رحلتي، كانت التّحديات كبيرةً، وكنت أشعر في كثيٍر من الأحيان بأنّني المرأة الوحيدة في هذا المجال. لكنّ مع مرور الوقت، تحسّنت الأوضاع رغم استمرار سيطرة الرّجال. كان عليّ أن أضاعفَ جهدي لإثبات نفسي، لكنّ الأمر كان يستحقّ العناء.
عالميّاً، تمثل النّساء 17% فقط من العاملين في مجال الذّكاء الاصطناعيّ، بينما في الإمارات تبلغ النّسبة 42%. هذا الواقع دفعني إلى تأسيس مجتمع "Women in AI" بالتّعاون مع أربع مؤسّساتٍ أخرى، بهدف تعزيز دور النّساء في هذا المجال المهم.
"عربيّة .Inc": حدّثينا عن تجربتك كسفيرة الإمارات لمنظمة "Women in AI".
ياسمين العنزي: منظمة "Women in AI" هي مجتمعٌ عالميٌّ مقرّه فرنسا، تأسّس بمبادرة من حنان سلام وموجان أصغري. حالياً لدينا 42 سفيرة في 131 دولة، تشمل الولايات المتّحدة وأوروبا واليابان، ونحن المجموعة الوحيدة من منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا.
منذ الإطلاق الرّسمي في 2020، حصلنا على دعم وثقة العديدِ من الجهات الحكوميّة والمنظّمات غيرِ الرّبحيّة والشّركات في الإمارات. نعمل مع مجتمعاتٍ مختلفةٍ في مجالات هندسة البيانات والتّعليم والمؤتمرات التّكنولوجيّة لدعم وتمكين النّساء.
"عربيّة .Inc": لماذا تعتقدين أنّ وجود النّساء في الذّكاء الاصطناعيّ مهمٌّ؟
ياسمين العنزي: الشّموليّة هي الأساس في كل تكنولوجيا نطوّرها اليوم. وفي مجال الذكاء الاصطناعي، غالباً ما تكون البيانات غير شاملةٍ ولا تلبّي احتياجات الجميع، ممّا يجعل سدّ الفجوة بين الجنسين ضرورةً ملحّة. فالشّمولية تعزّز جودة التّكنولوجيا ومستقبلها، وتدعم تطوّر البيئة الاقتصاديّة للأعمال بشكلٍ أكثر توازناً وعدالة.
"عربيّة .Inc": من هم الأشخاص الذّين يلهمونك في مجال الذّكاء الاصطناعيّ؟
ياسمين العنزي: أستمد إلهامي من شخصيات بارزة في المجال مثل الدكتورة فيفي لي (Fei Fei Li)، أستاذة وباحثة في جامعة ستانفورد، وهي أيضاً رائدة أعمالٍ تركت بصمة واضحةً في المجال. كما أقتدي بأليساندرا سالا (Alessandra Sala)، رئيسة منظّمة "Women in AI"، التّي تركّز على تعزيز التّنوع والشّمول والمساواة في المجال، وتدعم نهجاً أخلاقيّاً عالميّاً.
وعلى الصّعيد المحليّ، تلهمني سموّ الشّيخة بدور القاسمي، رئيسة مجمع الشّارقة للبحوث والتّكنولوجيا والابتكار والجامعة الأمريكيّة في الشّارقة. كما أنّها كاتبةٌ وناشرة، وكانت ثاني امرأةٍ تتولّى رئاسة الاتّحاد الدّولي للنّشر عالميّاً.
كذلك، أجد الدكتورة ابتسام المزروعي مصدراً للإلهام، فهي إماراتيّةٌ موهوبةٌ حصلت على درجة الدّكتوراه في الذّكاء الاصطناعيّ، وأطلقت برنامج "فالكون" في معهد الابتكار التّكنولوجي (TII) في أبوظبي، كما أطلقت "نور"، أوّل برنامج ذكاءٍ اصطناعي للغة العربيّة، وتمثّل نموذجاً يُحتذى به.
"عربيّة .Inc": ما هي الفرص والتّحديات الرّئيسيّة في مجال الذّكاء الاصطناعيّ اليوم؟
ياسمين العنزي: يوفّر الذّكاء الاصطناعيّ فرصًا كبيرة، لكنّه يواجه أيضًا تحديّاتٍ لا يمكن تجاهلها. ومن أبرز هذه التّحديّات هو ضرورة تطوير التّكنولوجيا محليّاً لضمان حماية خصوصيّتنا وأمن بياناتنا، خاصةً أنّ الذّكاء الاصطناعيّ يعتمد بشكلٍ كبيرٍ على البيانات. لذلك، يجب أن نكون واعين بما ننشره على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، حيث تقوم الشركات العالمية بجمع هذه البيانات واستخدامها في تدريب نماذج الذّكاء الاصطناعيّ.
بالإضافة إلى ذلك، هناك تحدٍ مهمٌّ يتمثّل في ضرورة تصميم الخوارزميات والتّكنولوجيا بشكلٍ يتماشى مع قيمنا وأخلاقيّاتنا. لكن رغم هذه التّحديّات، يقدّم الذّكاء الاصطناعي فرصًا هائلة، خصوصًا للنّساء في منطقتنا. فهو يفتح أبوابًا جديدة في سوق العمل، ويوفّر خياراتٍ مرنةٍ للعمل عن بُعد، ممّا يسهم في تعزيز الاستقلال الماليّ للمرأة وتمكينها في المجتمع.
"عربيّة .Inc": ما هي مشاريعك المستقبليّة؟
ياسمين العنزي: كأمٍّ لطفلٍ مصابٍ بطيف التّوحد، وأعمل حالياً على فهم احتياجاته الخاصة لمساعدته بشكلٍ أفضل. وقد بدأت رحلةً جديدةً بإطلاق شركةٍ ناشئةٍ تستخدم التّكنولوجيا لدعم الأشخاص المصابين بالتّوحد وذوي الاحتياجات الخاصّة، لمساعدتهم على العيش حياةً طبيعيّةً والاندماج في المجتمع. وهذه الشّركة النّاشئة هي مشروعي الرّابع.